الوقت- بينما شاركت فرق التفاوض الحكومية الأفغانية ومتمردو طالبان في قطر في ماراثون مفاوضات السلام من أجل التسوية السياسية للحرب في أفغانستان على مدار الأسبوعين الماضيين، لم تتراجع أعمال العنف فحسب، بل تزايدت الاشتباكات في جميع أنحاء البلاد.
ومع ذلك، تزامن بدء المفاوضات بين الأفغان مع زيادة الدعوات لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، ووقف الأعمال العدائية. حيث أعرب المبعوث الأمريكي الخاص "زلماي خليل زاد" يوم السبت المنصرم عن قلقه بشأن زيادة الخسائر في صفوف المدنيين، داعياً إلى وقف فوري لأعمال العنف.
کذلك، طالب الممثل المدني السامي لحلف شمال الأطلسي(الناتو) في أفغانستان "ستيفانو بونتيكورفو"، ببذل الجهود لإيجاد حل سياسي للصراع الأفغاني.
الهجمات الإرهابية والتفجيرات على جوانب الطرق تتزايد في مقاطعات "ننكرهار وتخار وكابيسا وبادغيس وبكتيا وباكتيكا وأوروزغان وقندوز وميدان وردك وقندهار وغزني وكابول وباميان"، مما أدى إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين.
ووفق المتحدث باسم والي بلخ "منير أحمد فرهاد"، فإن طالبان احتجزت أيضاً ثلاثة من عناصر المديرية الوطنية للأمن كرهائن في هذه الولاية.
وتظهر أرقام وزارة الداخلية خلال الأسبوعين الماضيين، أن هجمات طالبان قتلت 98 مدنياً في 24 محافظة وأصابت 230 آخرين.
هذا في حين أن الهجمات مستمرة في جميع أنحاء البلاد، وقد قتل أكثر من 88 مدنياً وعسکرياً وأصيب 86 آخرون، في 13 محافظة خلال الأسبوع الماضي.
وفي هذا الصدد، قال "سيد محمد سادات" نائب حاكم ولاية "أوروزغان"، إن أكثر الاشتباكات دمويةً وقعت في الإقليم ليلة الأحد، وقتل خلالها 24 من القوات الحكومية في هجوم شنه مقاتلو طالبان على نقاط تفتيش للشرطة.
وقال مسؤولون بوزارة الدفاع الأفغانية دون تأكيد الخسائر في صفوف المدنيين، إن 40 من مقاتلي طالبان قد لقوا حتفهم.
وعلى الرغم من أن طالبان لم تؤكد الخسائر في صفوف مقاتليها، ولکن وفقًا لـ"عبد الهادي جمال" المتحدث باسم فيلق "بامير" العسكري، فقد قُتل 54 مسلحًا في اشتباكات ليلة الأحد في ولايات "قندوز وتخار وبغلان"، وقال "محب الله شريف زاي" المتحدث باسم ولاية "ميدان وردك"، إن 26 من مقاتلي طالبان قتلوا في الاشتباكات.
وبينما تحمِّل الحكومة طالبان مسؤولية تصعيد الصراع، ترفض الحرکة مزاعم كابول، نافيةً أي تورط لها في الهجمات الإرهابية التي تشهدها جميع أنحاء البلاد. وصرح المتحدث باسم طالبان "ذبيح الله مجاهد" لـ "إذاعة الحرية": لقد ازداد عدد ضحايا الحرب، لأن الحكومة قد أجرت مناورات عسكرية في العديد من المناطق لزيادة نفوذها".
المفاوضات والمستقبل الغامض للسلام
لقد مرت نحو 10 أيام منذ بدء المحادثات المباشرة بين ممثلي الحكومة وطالبان في الدوحة، لكن لم يتم إحراز تقدم يُذكر في هذه المحادثات، وخاصةً فيما يتعلق بتنفيذ وقف إطلاق النار، الذي دعت إليه دول كثيرة، حيث ترفض طالبان هذا العرض.
وعلى الرغم من الضغوط الدولية، لم تقبل طالبان طلب وقف إطلاق النار. وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه "قلق للغاية" بشأن تصاعد العنف وسقوط ضحايا مدنيين في أفغانستان، ودعا طالبان إلى قبول وقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق، أصدر المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية بياناً يوم الاثنين بمناسبة يوم السلام العالمي، قال فيه إنه من المتوقع أن تقبل طالبان طلب وقف إطلاق النار في أفغانستان.
بدوره قال "عبد الله عبد الله" رئيس المجلس الأعلى للسلام، إنه بعد 40 عامًا من الحرب وإراقة الدماء في أفغانستان، تمر البلاد بـ "منعطف تاريخي" إذ يتفاوض وفد السلام الأفغاني مع طالبان منذ الأسبوع الماضي.
وأضاف عبد الله "من المتوقع أيضاً أن تدعو طالبان إلى إنهاء العنف ووقف إطلاق النار في البلاد، والمساهمة في مستقبل السلام".
وجاء في البيان "لقد أظهر التاريخ أن الحرب ليست حلاً للنزاعات، وأن التفاوض والحوار فقط هما القادران على تمهيد الطريق لحياة سلمية".
ولكن رغم هذا التفاؤل، فإن عملية الحوار ونتائجها كانت مخيبةً للآمال حتى الآن.
المواطنون الأفغان الذين يشككون في خطط الولايات المتحدة للإطاحة بطالبان، يرون أنه من غير المرجح أن تتخلى طالبان عن أقل من السيطرة الكاملة علی السلطة.
إن شعب أفغانستان قلق من خسارة الجمهورية، وعودة الحقبة السوداء لإمارة طالبان الإسلامية. وتنص المادة 149 من الدستور الأفغاني على أنه: "لا يجوز تعديل مبادئ الالتزام بأسس الدين الإسلامي المقدس، وكذلك مبادئ الجمهورية الإسلامية، ولا يجوز أيضاً تعديل الحقوق الأساسية للشعب إلا لتحسينها".
من الواضح أن قيادة طالبان تتفهم الكراهية الشعبية لهم، وبدورها لم توافق على خوض الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وبعبارة أخرى، تدرك طالبان حقيقة أن الأفغان الذين عانوا كثيرًا في ظل نظام الإمارة، لن يصوتوا لهم.
ونتيجةً لذلك، دفعت هذه الحقيقة الكثيرين إلى الاعتقاد بأن الهدف الرئيس لطالبان هو الإطاحة الكاملة بالقوات الحكومية، ما أدى إلى تصاعد العنف خلال المفاوضات.