الوقت- استمراراً في نهجه الصهيونيّ، يقوم الاحتلال الغاصب ومن خلفه الإدارة الأمريكيّة وبدعم لا متناهٍ من الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بمنع دول عربيّة من دعم السلطة الفلسطينيّة لإجبارها على مقايضة حقوقها ومقدساتها الوطنيّة بالمال، حيث اتهم رئيس الوزراء الفلسطينيّ، محمد اشتية، الاثنين المنصرم، ترامب بقطع المساعدات عن حكومته، ومنع بعض الدول العربيّة من الوفاء بالتزاماتها، واصفاً عملية الضغط الممنهجة بـ "محاولة ابتزاز مبرمجة"، وتسعى واشنطن إلى إجبار السلطة الفلسطينيّة على الرضوخ لإملاءاتها، إرضاء لطفلها المُدلل "إسرائيل".
ضغوط متصاعدة
سببت اتفاقات الخيانة والعار التي قامت بها بعض الدول العربيّة مع العدو الصهيونيّ، قلقاً كبيراً للفلسطينيين على المستوى الرسميّ والشعبيّ، لقناعتهم بأنّ الإدارة الأمريكيّة ستحاول بكل ما أوتيت من قوة استغلال ما تزعم أنّها "عمليات سلام"، لتطبيق "صفقة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة.
وبعد الفضائح التي نشرتها قناة "الجزيرة" التابعة لنظام آل ثاني في قطر، قبل مدة، حول التحالف الأمنيّ والعسكريّ بين الكيان الصهيونيّ وبعض الدول العربيّة، لنزع سلاح المقاومة الفلسطينيّة في غزة، تقوم واشنطن بالضغط على بعض الدول العربيّة الخانعة، لإيقاف دعمها للسلطة الفلسطينيّة ومحاصرة الشعب الفلسطينيّ والتضييق عليه سياسياً واقتصادياً، وفق ما ذكر رئيس الوزراء الفلسطينيّ.
وبالتزامن مع موجة الخيانة في المنطقة، والتي كان آخرها تطبيع دولتيّ الإمارات والبحرين مع العدو الغاصب، حيا اشتية العرب المؤمنين بقضيّة فلسطين، وحقها وحريتها واستقلال شعبها، دولاً وشعوباً، وأوضح أنّ الشعب الفلسطينيّ هو من يحمي أرضه ومقدساته، مشدداً على أنّ صاحب الحق قوي، ومن يملك الإرادة والإيمان بوطنه والتمسك بأرضه لا يمكن أن يساوم عليها من أجل المال.
ومن الجدير بالذكر، أنّ السلطة الفلسطينية تقاطع إدارة ترامب منذ أواخر العام 2017، إثر إعلانه عن الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونيّ الغاشم، كما رفضت الخطة الأمريكيّة لحل ما يسمى "الصراع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ"، ونددت بالإعلان عن تطبيع العلاقات بين العدو الصهيونيّ وكل من الإمارات والبحرين، واصفة ذلك بالخيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضيّة الفلسطينيّة.
ويُشار إلى أنّ رئيس اللّجنة القطريّة لإعادة إعمار غزة، محمد العمادي، أواخر الشهر الماضي، اجتمع مع رئيس حركة المقاومة الإسلاميّة حماس في قطاع غزة المحاصر، يحيى السنوار، وعرض مساعدات ماليّة لقطاع غزة بسبب الحصار والضغوط التي يفرضها العدو الصهيونيّ على الأهالي هناك، لكنها جاءت مشروطة بوقف إطلاق البالونات الحارقة والصواريخ من غزة باتجاه المستوطنات في الأراضي المحتلة، حيث استغلت تلك المساعدات حاجة أهالي القطاع، لتكبيل أيدي المقاومين التي هزت كيان الاحتلال وأرعبته، بسبب ممارساته العدوانيّة وحصاره الخانق.
خطيئة التطبيع
لن يُغيّر إصرار حكام بعض الدول على الاستمرار في "خطيئة التطبيع" بتوقيع اتفاقية العار مع العدو الصهيونيّ اتجاه التاريخ، كما يقول الفلسطينيون، ووفق عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، عزام الأحمد، فإنّ القضية الفلسطينيّة لا تحتمل أيّ نفاق، إما مواقف مساندة لفلسطين والقدس والعرب والمسلمين، أو مؤيّدة للعدو الصهيونيّ، مؤكّداً أنّ مسألة التطبيع لن تمر لأنّ القضيّة الفلسطينيّة مقدسة، والحل الوحيد يتلخص بإقامة دولة فلسطينيّة.
ومع تباين المواقف العربيّة الرسميّة تجاه القضيّة المركزيّة للعرب، يبقى الموقف الشعبيّ العربيّ ثابت وداعم بشكل تام لفلسطين، وتتطلع القيادة الفلسطينيّة إلى الشعوب العربيّة ممثلة بالأحزاب والنقابات والمجتمع المدنيّ، للضغط على حكوماتهم لمنع تنفيذ "صفعة القرن الأمريكيّة"، والانجرار نحو هاوية التطبيع مع العدو.
وكانت الإمارات والبحرين قد رضخت للضغوط الأمريكيّة، ووقعت اتفاق العار مع الكيان الصهيونيّ، في 15 أيلول الجاري، في البيت الأبيض برعاية أمريكيّة، فيما قوبل هذا الاتفاق بتنديد فلسطينيّ شديد، وقد فضحت مراسلة صحيفة "هآرتس" العبريّة، نوعا لانداو، التي تواجدت في العاصمة الأمريكيّة واشنطن، حينها، المحاولات المتكررة لأعضاء الوفد البحرينيّ داخل الفندق، لكي يعرفوا ما هي النسخة الفعليّة التي سيوقعها وزير خارجيّتهم في البيت الأبيض، ما يدل بشكل جليّ على طريقة التعامل الرخيصة مع العملاء والخانعين.
إضافة إلى ذلك، أكّدت فضيحة الوفد البحرينيّ كذب الادعاءات التي تحدثت عنها دولة الإمارات، بعد إعلانها تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، في 13 آب المنصرم، حيث أوضحت حينها أنّ "اتفاق الاستسلام" سيسهم في إيجاد حل للصراع الفلسطينيّ مع العدو الصهيونيّ، ما يؤكد قذارة الدور الذي تلعبه تلك الدول رغماً عن عروش حكامها في صفقة تصفيّة قضية الشعب العربيّ.