الوقت- مر شهر كامل على التوتر الحاصل في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية هناك والاحتلال الاسرائيلي، لتنتهي جولات التصعيد السابقة من خلال عقد بنود للتفاهم بين المقاومة وكيان الاحتلال من خلال وساطة قطرية، كانت قد بدأت تحركاتها في منتصف شهر آب الماضي، وقاد هذه الوساطة من الطرف القطري رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة السفير محمد العمادي، ففي الأيام الأخيرة كان واضحاً تماماً عجز اسرائيل عن التصعيد أكثر بعد أن أثبتت المقاومة معادلة الردع من خلال التصعيد تجاه المستوطنات الاسرائيلية كلما صعد الاحتلال، الأمر الذي أجج الغضب من قبل سكان هذه المستوطنات ودفعهم للوم سلطات الاحتلال على عدم الاكتراث بهم، وهذا آخر ما يريده نتنياهو في هذه المرحلة التي تشهد استياء كبيراً منه والتي من الممكن أن تنهي حياته السياسية في الانتخابات المقبلة.
بالعودة إلى أجواء بنود التفاهم الأخير فقد أعلنت حركة "حماس"، الاثنين، التوصل إلى "تفاهم لاحتواء التصعيد ووقف العدوان" الإسرائيلي على قطاع غزة.
جاء ذلك في بيان صادر عن مكتب رئيس الحركة في القطاع، يحيى السنوار. وأفاد البيان بأنه: "بعد جولة حوارات واتصالات كان آخرها ما قام به الممثل القطري السفير محمد العمادي، تم التوصل إلى تفاهم لاحتواء التصعيد ووقف العدوان الصهيوني على شعبنا".
وكشف أنه سيتم "الإعلان عن عدد من المشاريع التي تخدم أهل قطاع غزة". وأشارت حماس إلى أنه سيتم الإعلان عن عدد من المشاريع التي تخدم أهالي قطاع غزة وتساهم في التخفيف عنهم في ظل موجة كورونا، فضلا عن عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.
وحول هذا الموضوع كشفت مصادر خاصة في حماس للميادين، بأنّ اتفاق إنهاء التصعيد يشمل موافقة على عدة بنود بضمانات قطرية وسقف زمني محدد. وتشمل "إمداد وتشغيل خط الكهرباء المعروف بـ"161" وزيادة كمية الكهرباء فيه. وإمداد محطة توليد الكهرباء بخط غاز من الاحتلال تدفع قطر ثمنه من المنحة".
المصادر أضافت أن البنود تشمل أيضاً "إدخال كل المستلزمات الطبية لمواجهة وباء كورونا. والبدء بتنفيذ مشاريع استراتيجية كبيرة في المدن الصناعية بغزة تخفف من البطالة في القطاع".
وكان ذكر موقع "حماس" الإلكتروني أن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية تلقى اتصالاً هاتفياً اليوم من وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني حول الأوضاع في قطاع غزة.
من جهتها عبرت قيادة حركة حماس عن "شكرها وتقديرها للجهد والدعم القطري لشعبنا"، ولم يقدم البيان تفاصيل أكثر بشأن تلك الجهود، ولم يصدر تعليقاً فوريّاً من إسرائيل حول بيان "حماس".
غير أن قناة (13) الإسرائيلية الخاصة قالت إن "تل أبيب وحماس توصلتا إلى تفاهم يتضمن وقف إطلاق البالونات من قطاع غزة، وفتح المعابر".
وأوضحت القناة: "سيعاد فتح منطقة الصيد في قطاع غزة، وكذلك معبرا كرم أبو سالم وإيرز"، كما نقل موقع "واللا" العبري الخاص عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم التوصل إلى اتفاق تهدئة مع "حماس"، وأضاف المسؤولون الذين لم يذكر الموقع اسمهم: "سننتظر لنرى الواقع"، في إشارة لإمكانية العدول عنه.
والأحد، أوضح العمادي، في بيان، أنه "منذ وصوله إلى قطاع غزة منتصف الأسبوع الماضي، أجرى سلسلة لقاءات بين كل الأطراف (إسرائيل وغزة) للوصول لتهدئة بالقطاع".
تثبيت معادلة الردع
أكثر ما يميز جولة التصعيد الأخيرة أنها أفهمت العدو الصهيوني أن كل صاروخ سينطلق من الاراضي المحتلة تجاه غزة سيكون مقابله صاروخ تجاه المستوطنات الاسرائيلية، وهذا ما حصل بالفعل، الأمر الذي أدى إلى محاولة العدو الخروج من هذا المأزق الذي قد يزيد الطين بلة في الاراضي المحتلة خاصة في ظل وجود أزمتين متفاقمتين: الأولى: ازمة كورونا التي نهشت الاقتصاد الاسرائيلي وشلت الحياة هناك، والثانية: الأزمة السياسية والمطمطة الحاصلة وامكانية اجراء انتخابات من عدمها والمعركة المحتدمة بين غانتس زعيم حزب ازرق ابيض ونتنياهو زعيم حزب الليكود، كل هذه الأسباب وغيرها دفعت الاحتلال للتراجع عن التصعيد والرضوخ للمقاومة واعادة الظروف الى ما كانت عليه وحصول المقاومة على مزيد من المكاسب، خاصة بعد تكثيف إطلاق البالونات الحارقة والمتفجّرة، والتي أحدثت في المجمل أكثر من 500 حريق أتت على آلاف الدونمات الزراعية، فيما تتواصل سياسة تنقيط الصواريخ على مستوطنات "غلاف غزة". لكن محاولة العدو تفادي الدخول في مواجهة تسبّبت في تصاعد سخط مستوطني "الغلاف" الذين يشعرون بأن قيادتهم السياسية تهملهم عمداً، وهو ما أشار إليه مراسل "القناة الـ13"، ألموغ بوكير، حين قال إن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لم يَزُر منذ بداية التصعيد تلك المستوطنات، واكتفى بالحديث مرة واحدة مع رؤساء السلطات المحلية هناك، على رغم إطلاق 22 صاروخاً وإحداث أكثر من 500 حريق.
وتحسّباً لأيّ تصعيد محتمل من قِبَل العدو، تكشف مصادر في "الغرفة المشتركة لعمليات المقاومة" أن جميع الأجنحة العسكرية للفصائل أبلغت قيادة الغرفة جاهزيّتها للدخول في معركة طويلة الأمد مع الاحتلال. وعن قصف المستوطنات ليلة أمس، تقول المصادر إن المقاومة تَوعّدت بالردّ على أيّ اعتداء على مواقعها، ونَفّذت ذلك للمرة الثانية بعدما قصف الاحتلال موقعاً جنوب غرب مدينة غزة، حيث قُصفت فوراً "سيديروت" بستة صواريخ. وبعد إطلاق الصواريخ، شرعت قوات العدو، من جرّاء شكاوى من سكان "سيديروت" بأنهم لا يسمعون صوت صفارات الإنذار، في تركيب أجهزة إنذار إضافية في أحياء المستوطنة.
ويقول مطلقو البالونات الحارقة إنهم يستخدمونها بهدف إجبار إسرائيل على تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، والذي تسبب في تردي أوضاع السكان المعيشية.
إلا أن تل أبيب ردت على البالونات بشن غارات شبه يومية على مواقع يقول الجيش الإسرائيلي إنها تابعة لحماس، كما أصدرت عددا من القرارات التي تسببت في تشديد حصارها.
وتمثلت تلك القرارات في إغلاق البحر كاملا أمام الصيادين حتى إشعار آخر، ومنع إدخال كافة أنواع السلع والبضائع إلى غزة ما عدا الغذائية والطبية، ومنع إدخال مواد البناء والوقود، مما تسبب في أزمة كهرباء حادة، حيث يزيد عدد ساعات انقطاع التيار على 20 ساعة يوميا، لكن الأمور اليوم لم تعد كما كانت عليه في السابق وسيحسب العدو الف حساب قبل ان يقدم على اي خطوة مستفزة بحق المقاومة.