الوقت- ما إن أعلنت دولة الامارات عن تطبيعها مع كيان العدو، حتى بدأت التحركات المصرية لصب الزيت على النار من خلال اجراء اتصالات مكثفة مع الأردن والسودان وعدة دول أخرى لتهيئة المجتمعات العربية لقبول هذا التطبيع وتسويقه في العالم العربي على أمل أن تشارك مصر والاردن والسلطة الفلسطينية والامارات تطبيعها مع اسرائيل مع بقية الدول الخليجية والعربية، والآن تتجه الأنظار نحو سلطنة عمان والبحرين وكذلك السعودية في حال وصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى كرسي العرش.
خطوة مصر الأولى لتصفية القضية الفلسطينية على أرض الواقع، جاءت من خلال قيام وفد من جهاز المخابرات المصرية العامة، مساء الأحد، بزيارة إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية؛ لبحث الوضع السياسي والأمني في فلسطين وملف المصالحة الداخلية.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أن الوفد اجتمع فور وصوله مع أعضاء من اللجنة المركزية لحركة "فتح"، ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية العامة ماجد فرج. وذكرت الوكالة، أن الاجتماعات ركزت على بحث الوضع السياسي والأمني في البلاد إضافة لملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي "حماس" و"فتح".
الوضع الآن في فلسطين على صفيح ساخن، خاصة بعد تطبيع الامارات مع اسرائيل وطعنها القضية الفلسطينية في الظهر، بالإضافة إلى توتر الأوضاع على جبهة "غزة"، وهنا جاء الدور المصري لتبريد الأجواء واقناع الفلسطينيين بأهمية الخطوة الاماراتية، وبالتالي تسريع عملية التطبيع، ويمكن وصف ما يجري بأنه مسرحية تم اعدادها مسبقاً، فالفلسطينيين ان كان في غزة أو في رام الله محاصرين ويعيشون اوضاع صعبة في ظل الحصار الاسرائيلي الخانق على غزة وعدم امكانية دفع الرواتب للموظفين، لذلك جاءت مصر لتلعب على هذا الوتر لاقناع الفلسطينيين بأنها اللحظة المناسبة لاحلال عملية السلام دون ان يخسر الفلسطينييون شيئاً، إلا ان صحيفة "الغارديان" البريطانية كان لها رأيا مختلفا، حيث قالت في افتتاحيتها يوم الأحد، إن الاتفاق الذي يطلق عليه "اتفاق ابراهام" جاء على أنقاض آمال الفلسطينيين في دولة مستقلة، يُنظر إليه على أنه "خطأ تاريخي".
وتحدثت عن دوافع كل من أمريكا واسرائيل والامارات للقيام بهذه الخطوة، وقالت: إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتجه نحو انتخابات رئاسية في نوفمبر المقبل، وسط توقعات بأن يخسرها، ومع فشله في الوفاء بالكثير من عوده الانتخابية، وبينها محادثات السلام مع كوريا الشمالية، وأفغانستان، وفشل "صفقة القرن" بين إسرائيل وفلسطين، فإن الاتفاق "إنجاز عظيم"، ومرحب به لتعزيز حظوظه الانتخابية.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فإن يأمل أن تنقذ الاتفاقية مع الإمارات، إرثه الملطخ كرئيس وزراء إسرائيل الأطول خدمة، حيث تضررت سمعته بسبب فشله، في ثلاث انتخابات متتالية في الحصول على أغلبية، واتهامات بالفساد، وتعامله السيء مع جائحة فيروس كورونا.
والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، سعى لإبرام الاتفاق لإنقاذ مكانته وبلاده دوليا، بعدما تضررت بشدة جراء دعمه للحرب الكارثية التي تقودها السعودية في اليمن وتدخله في ليبيا، حيث يجلب هذا الاتفاق، الاحترام لبلاده، ويسمح بزيادة التعاون التكنولوجي والتجاري والأمني مع إسرائيل، في مواجهة إيران، كما أنه يفتح الطريق أمام شراء الإمارات للأسلحة الأمريكية المحظورة سابقاً.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدوافع المختلفة لهؤلاء الثلاثة يبدو أنها لا علاقة لها بحل القضية الفلسطينية، ودفاعهم القائم على أن الإمارات وافقت على تطبيع العلاقات، مقابل وقف خطط ضم الضفة الغربية، يبدو مشكوكًا فيه إلى حد كبير. وقد نفى نتنياهو التضحية بالضم من أجل التطبيع، قائلا : إن خطته تم تعليقها فقط بطلب من ترامب بوقف التنفيذ مؤقتًا.
وبالعودة إلى زيارة الوفد المصري فإن ما تقوم به مصر ما هو إلا محاولة لاستغلال أوجاع الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، واتضح ذلك من خلال زيارة الوفد الى القطاع، حيث عقد وفد المخابرات المصرية عقد اجتماعاً مطولاً مع قيادة حركة حماس، بحث فيه الجانبان عدة قضايا أمنية وسياسية.
وقال مصدر فضّل عدم الكشف عن هويته، إن الوفد المصري برئاسة مسؤول الملف الفلسطيني بالمخابرات العامة المصرية اللواء أحمد عبد الخالق، التقى كلاً من يحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة، ونائبه خليل الحية، والقيادي بالحركة روحي مشتهى.
وأضاف المصدر، أن المباحثات تركزت حول الأوضاع الأمنية المتوترة في غزة مؤخراً، إلى جانب استكمال تفاهمات التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. ولم تُعلن أية جهة بعد تفاصيل ونتائج اجتماع الوفد المصري.
إلا أن المصدر أفاد بأن قيادة حركة حماس سلّمت الوفد مطالب الفصائل الفلسطينية في غزة، المتعلقة بتخفيف الحصار الإسرائيلي على القطاع، وإحداث تغيير حقيقي يُحسّن من الظروف المعيشية الصعبة للسكان.
وبالتالي يمكن القول إن ما تقوم به مصر هو محاولة للضغط على القيادة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، على أن تكون خطة أو (صفقة ترامب) ضمن المرجعيات الموجودة لهذه المفاوضات، وذلك من أجل أن تحصل مصر على دعم أميركي بما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي الذي يهدد الأمن المائي لمصر، فضلاً عن رغبة مصر في أن تحميها واشنطن خلال التدخل عسكرياً في ليبيا ضد حكومة الوفاق الوطني الليبية.
في الختام؛ تعمل مصر على الضغط على الفلسطينيين للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل، على أن تكون خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الطاولة، ما يقوّض الرفض الدولي، وخصوصاً موقف الاتحاد الأوروبي، من خطة الضم أحادية الجانب، التي تعتزم إسرائيل تطبيقها علنياً، وذلك في حال وافق الفلسطينيون على أن تكون خطة ترامب إحدى مرجعيات المفاوضات.