الوقت - مع انتهاء حظر الأسلحة المفروض على إيران في 18 أكتوبر، كثّفت إدارة ترامب جهودها لتجديد هذه العقوبات. وفي هذا الصدد، قام "برايان هوك" رئيس مجموعة العمل الخاصة بإيران في وزارة الخارجية الأمريكية والمبعوث الخاص للرئيس الأمريکي لإيران، بزيارات مختلفة خلال هذه الفترة لمحاولة تحقيق هذا الهدف.
وادّعى في حديث لـ "الشرق الأوسط" أنّ "عدم تمديد هذه القضية سيزيد من الخطر على جميع دول وبلدان المنطقة وأصدقائنا في الخليج (الفارسي) والعالم، كما أنّ عدم التمديد يعني أيضاً تصدير المزيد من الأسلحة من إيران إلى اليمن وسوريا والعراق ولبنان، وإرسال المزيد من الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان وحماس وما شابه".
ووصف هوك أيضًا الخطوات المستقبلية للحكومة الأمريكية لتنفيذ هذا الهدف، قائلاً: "سأسافر إلى عدد من الدول الأوروبية والعربية لشرح تهديدات إيران لدول المنطقة وضرورة تمديد حظر الأسلحة عليها. لن أخوض في مزيد من التفاصيل لأسباب أمنية وسياسية، لكني سأتابع ذلك مع سفراء أمريكا في العالم لشرح الجهود الأمريكية، حتى يقوم مجلس الأمن بتمديد حظر الأسلحة على إيران، وهذا سيكون إلى جانب العقوبات الأخرى ضد إيران، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية".
وفي أوائل شهر يوليو، سافر إلى ثلاث دول خليجية، هي البحرين والإمارات والسعودية، ثم إلى فلسطين المحتلة، حيث التقى بالمسؤولين الإسرائيليين. وخلال لقائه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كرر هوك الاتهامات ضد إيران، قائلا إن "أمريكا وإسرائيل تتفقان على ضرورة تمديد حظر الأسلحة على إيران".
کما صرح هوك في مقابلة مع القناة 13 الإسرائيلية، أن "إدارة ترامب تحاول تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، ويجب على روسيا والصين التعاون في هذا الصدد إذا أرادتا الاستقرار في الشرق الأوسط".
الخيار العسكري.. خيار متعفن على طاولة الرؤساء الأمريكيين المتوهمين
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة خارجية جمهورية إيران الإسلامية "السيد عباس موسوي (الأربعاء، 11 يوليو)، رداً على تصريحات برايان هوك ومهمته المثيرة للتفرقة بين دول المنطقة ومناقشة الخيار العسكري ضد إيران: "يتحدث برايان هوك عن الخيار العسكري بشأن إيران، بالتزامن مع محاولاته اليائسة لتبرير تمديد حظر الأسلحة. إنه خيار متعفن على طاولة الرؤساء الأمريكيين المتوهمين منذ سنوات. إنّ السياسة المبدئية لجمهورية إيران الإسلامية في القطاع العسكري واضحة تماماً، وطبيعة هذه البرامج دفاعية بالکامل، والتهديد الحقيقي للمنطقة هو الوجود الأمريكي المدمر والمزعزع للاستقرار، وتحويل المنطقة إلى قواعد عسكرية، وإعاقة تقدم المنطقة وتنميتها بسبب الانقسام، وبث الرعب من أجل بيع منتجات الصناعة العسكرية الأمريكية بسهولة."
وأضاف موسوي: "طالما أن المسؤولين الأمريكيين يتحدثون ولو جزافاً عن بقاء الخيار العسكري على الطاولة ضد الشعب الإيراني وتأخير انسحابهم من المنطقة، فإن جمهورية إيران الإسلامية لن تدخّر أيّ جهد مشروع لتعزيز قوتها العسكرية بالاعتماد على القدرات الداخلية، وتعتبر ذلك حقها غير القابل للتصرف في الدفاع عن المصالح الوطنية للإيرانيين".
وتابع موسوي: "يتشاور برايان هوك بشأن حظر الأسلحة على إيران، بينما تمتلك بلاده وبعض حلفائها مئات القنابل النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، وفي الوقت نفسه ليس لديهم أي تعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمؤسسات الدولية الأخرى. كما لا يوجد لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي عمليات تفتيش لمنشآتها النووية، والأسوأ من ذلك أن الولايات المتحدة حولت المنطقة فعليًا إلى مستودع للبارود عن طريق بيع كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات المتطورة إلى هذه البلدان، ولا يزال العديد من هذه الأسلحة تستخدم ضد المضطهدين والمشردين في اليمن وفلسطين والعراق وسوريا ودول أخرى في المنطقة".
في السياق نفسه وفي مقابلة مع "سكاي نيوز" يوم الأحد، قال المبعوث الأمريكي إلى إيران برايان هوك، إن إنهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران سيسمح لطهران باستيراد أسلحة هجومية، وإن "أعضاء مجلس الأمن يجب أن تستجيب للدعوات من أجل تمديد حظر الأسلحة علی إيران".
وأضاف هوك في المقابلة إن "العقوبات ضد إيران تهدف إلى منع تمويل الإرهاب وتهريب الأسلحة إلى الجماعات المنتسبة لإيران. ويجب على روسيا والصين الاستماع إلى مطالب دول الشرق الأوسط بشأن إيران".
كما دعا المسؤول الأمريكي العالم إلى تجاهل "تهديدات إيران" بشأن تمديد حظر الأسلحة عليها، ووصف تحذيرات إيران رداً على هذه الخطوة بأنها "تكتيك مافيا". وأضاف "إذا سمحنا بانتهاء(حظر الأسلحة علی إيران) فتأكدوا من أن إيران ستفعل في وضح النهار ما تفعله في الظلام وفي السر".
کما التقى الممثل الأمريكي الخاص لإيران بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية "رافائيل غروسي" في فيينا عاصمة النمسا. وفي هذا الصدد، علَّق نائب وزير الخارجية الإيراني "السيد عباس عراقجي" عبر تغريدة له على هذا الاجتماع والصورة التي جمعتهما، ناصحاً غروسي بأنه "من الأفضل مراعاة التباعد الاجتماعي وکذلك التباعد السياسي".
کما بدأ هوك جولةً جديدةً من جولاته من 24 إلى 27 يوليو، وذهب إلى تونس وقطر والكويت.
وبعد اجتماعه مع وزير الخارجية القطري "محمد عبد الرحمن آل ثاني" في الدوحة 25 أغسطس، قال برايان هوك للصحفيين "نعمل على تمديد حظر الأسلحة على إيران من أجل الحفاظ على السلام في المنطقة".
وادّعى هوك في مؤتمر صحفي بالكويت أن "إيران تشعل فتيل الحروب الإقليمية. إيران تريد السيطرة على العراق وهو أمر غير مقبول. وسنواصل الضغط من أجل تمديد حظر الأسلحة علی إيران".
وکان قد قال أيضًا في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط: لدينا مشروع نحاول جعل جميع الأعضاء الدائمين أو غير الدائمين في مجلس الأمن يصوتون عليه؛ من المهم تمديد هذه العقوبات التي بدأت قبل 13 عامًا وتنتهي في 18 أكتوبر.
کذلك، وصل هوك إلى "إستونيا" أمس (الثلاثاء 7 أغسطس)، ومن المقرّر أن يسافر إلى الوجهة التالية أي بريطانيا للقاء مسؤولين بريطانيين، بمن فيهم رئيس الوزراء "بوريس جونسون"، وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية.
وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، من المقرر أن يطلب هوك من حلفاء واشنطن الأوروبيين التصويت لصالح تمديد حظر الأسلحة علی إيران.
وفي الأسابيع الأخيرة، اتهمت البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة طهران بانتهاك قرار مجلس الأمن رقم 2231، ووزعت مسودة خطة على عدد من أعضاء مجلس الأمن تطالب بتمديد عقوبات الأسلحة على إيران. ويعتقد المحللون أن الحكومة الأمريكية يمكن أن تأمل فقط في دعم فرنسا وبريطانيا وألمانيا كأعضاء أوروبيين في الاتفاق النووي.
وفي هذا الصدد، صرح وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" أننا نضمن تمديد حظر الأسلحة على إيران في 18 أكتوبر.
نجد أنه من غير المحتمل إلى حد ما أن تحقق أمريكا هدفها
أثارت هذه التصريحات رد فعل المتحدث باسم وزارة الخارجية عباس موسوي، الذي قال في 26 أغسطس: "کنا نعلم أن الأمريكيين لن يتخلوا عن أي جهد في هذه القضية. نحن نعلم أنهم يمارسون الكثير من الضغوط على الدول في مجلس الأمن وعلى المستوى الإقليمي. إنهم يضغطون على الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن. قلنا لهم ولأصدقائنا وأعضاء مجلس الأمن إن ذلك غير مقبول لجمهورية إيران الإسلامية، وإنهم يحرمون جمهورية إيران الإسلامية من هذا الحق القانوني والطبيعي بموجب القرار 2231 تحت ضغط الولايات المتحدة. وسيواجهون بالتأكيد رد فعل وحساسية جمهورية إيران الإسلامية".
وأضاف موسوي: "بقدر ما تشاورنا والاتصالات التي أجرتها الجمهورية الإسلامية مع أصدقائها، فإننا نعتبر تحقيق هذا الهدف الأمريكي أمرًا مستبعدًا بعض الشيء، ولا نعتقد أن الدول المختلفة ستستسلم لبلطجة الأمريكيين ومطالبهم غير المشروعة".
وتابع: "نأمل أن يتوقف الضغط الأمريكي وعليهم أن يعلموا أنهم يفعلون شيئًا عبثًا. ستبذل جمهورية إيران الإسلامية قصارى جهدها لتحقيق حقنا القانوني والطبيعي".
هدف أمريكا هو خلق اضطرابات جديدة في المنطقة
من ناحية أخرى، قال "محسن باهارفاند" نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية: "إن رسالتنا لدول المنطقة والعالم هي ألّا تخدعها أمريكا".
وإذ صرح أن أمريكا قامت متعمدةً بالدعاية والتصرف في الأشهر الأخيرة، بطريقة غيرت الموضوع في أذهان الآخرين، أشار إلى أن: المسألة ليست منع رفع حظر الأسلحة علی إيران في مجلس الأمن. إذ يدرك الأمريكيون جيدًا أن إيران لاعب عقلاني ولم ولن تشكل أبدًا تهديدًا أمنيًا لدول المنطقة".
وأضاف نائب وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية أن الهدف الرئيس للأمريكيين هو تدمير الاتفاق النووي وخلق اضطراب جديد في المنطقة، قائلاً: "إن نتيجة هذا السلوك غير العقلاني لأمريكا هي خسارة جميع دول المنطقة وما وراءها".
وفي هذا الصدد، قال "كمال خرازي" رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران: "إن جهود أمريكا لتمديد حظر الأسلحة على إيران وتصرفات الدول الأوروبية الثلاث في الوكالة الدولية للطاقة الذرية والسلوك المشبوه للمدير العام للوكالة، لن تردع الجمهورية الإسلامية فحسب، بل ستؤدي أيضًا إلى انهيار الاتفاق النووي".
من ناحية أخرى، قال "محمد جواد ظريف" رئيس الجهاز الدبلوماسي لجمهورية إيران الإسلامية، وخلال زيارة لموسكو في 22 يوليو وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي "سيرغي لافروف"، رداً على سؤال حول الجهود الأمريكية لتمديد حظر الأسلحة علی إيران: ليس لدينا نظام لحظر الأسلحة في القرار 2231. أخذ النظام لبعض التصاريح من مجلس الأمن هو لفترة محدودة، وهذه الفترة هي نتيجة مفاوضات طويلة.
وأضاف: "هذه الحزمة برمتها هي حزمة تتفق مع الاتفاقية النووية. وانتهاكها سيكون تدميراً لأسس القرار 2231 والصفقة النووية. وقد أعلنت روسيا والصين وجهات نظرهما رسمياً. کما قال الأوروبيون إن هذا جزء من الاتفاق النووي ولا يمكن تنفيذه في إطار الاتفاق النووي. وأي طريقة أخرى تستخدم لإجراء أي تغييرات على هذه الاتفاقية، تشكل خرقًا للاتفاقية بأكملها".
إجراءات إيران الجيدة
وفي هذا الصدد، وصف "نصرة الله طاجيك" السفير الإيراني السابق في الأردن، الجهود الأمريكية بأنها تتماشى مع استراتيجية الضغط الأقصى، وقال: "لحسن الحظ، مع لعبة إيران الجيدة، التي تم إجراؤها على شكل استراتيجيتين، لم تنجح هذه الجهود".
وفي شرح لعبة إيران في شكل استراتيجيتين، قال: الأولى كانت إبقاء ترامب معزولاً بسبب انسحابه من الاتفاق النووي، والثانية هي أن الصفقة النووية ذات قيمة بالنسبة لنا طالما أنها تفيد البلد والشعب.
وإذ قال طاجيك إن هذه الاستراتيجيات عملت بشكل جيد، أضاف: "الأمريكيون ومن أجل أقصى قدر من الضغط، يعتزمون إضعاف القرار 2231، أو استخدام "آلية الزناد"، وهو ما تم رفضه في العالم قانونيًا وسياسيًا، ثم سعوا إلى تمرير قرار في مجلس الأمن، وهذه الخطوة أيضاً سقطت بدعم من الصين وروسيا لموقف إيران".
وفيما يتعلق بجولات هوك، قال: "تتم هذه الجولات في هذا الوقت لتشجيع دول المنطقة في الأکثر، وخلق سيناريوهات محددة وافتعال أجواء معادية لإيران، ولذلك يجب أن نكون حذرين للغاية، حتى لا تكون خططنا وإجراءاتنا هي بحيث نلعب في ملعب ترامب".
وأشار محلل الشؤون الدولية إلى: "أن المهم في هذه الجولات هو أنه كلما اقتربنا أكثر من الانتخابات الأمريكية وكلما اقتربنا من أكتوبر، كلما زادوا من تكثيف إجراءاتهم ومحاولاتهم، وأصبحوا أكثر حساسيةً. ومن المثير للاهتمام أن قوةً عظمى مثل أمريكا، ونظراً لتأثيرها السياسي والاقتصادي والعسكري وهيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي، أصبحت أمام تحركات وخطط إيران، مضطرةً للبدء في الجولات والبحث عن الأصدقاء والمؤيدين، من أجل التوصل إلى توافق في الآراء، ولكن تحركاتنا كانت جيدةً ولم ينجحوا حتى الآن".