الوقت- تعتبر منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة دولية بعد منظمة الأمم المتحدة حيث تجمع سبعا وخمسين دولة في صفوفها، لذلك ينظر إليها العديد من أبناء الشعوب العربية والإسلامية، بادئ ذي بدء، على أنها مؤسسة دولية فاعلة بإعتبارها ترفع من "حماية مصالح العالم الإسلامي" شعاراً أساسياً لها.
تصف منظمة التعاون الإسلامي (تعرف سابقاً باسم منظمة المؤتمر الإسلامي) نفسها بأنها "الصوت الجماعي للعالم الإسلامي"، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم في ظل الأزمات الإقليمية ما هو الدور الذي تؤديه هذه المنظمة الإسلامية التي تتخذ من مدينة جدّة السعودية مركزاً لها؟
دور المنظمة
رغم كافّة الأخطار التي تحدق بمنطقتنا الإسلامية، وما تعانيه الدول الأعضاء فيها من أزمات متفاقمة ومخططات الاستنزاف إقتصر دور المنظمة، في جزء كبير منه، على بيانات وتوصيات وقرارات ولجان ومؤتمرات، حيث يمكننا القول أن المنظمة فشلت في بلورة رؤية بآليات تنفيذية واضحة لحلها.
إن فشل المنظمة بعد 46 عامًا على نشأتها في حل القضة الفلسطينية، القضية التي شكلت من أجلها في المغرب في 25 سبتمبر 1969، رداً على إحراق المسجد الأقصى، تماماً كما حصل بالأمس في مدينة القدس المحتلة، يؤكد وجود إشكاليات عديدة، أبرزها عدم وجود آليات لتنفيذ قراراتها، رغم كونها ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، وللمنظمة عضوية دائمة بالأمم المتحدة، فكيف يمكننا قراءة هذا الفشل؟
لا شك في أن منظمة التعاون الإسلامي تمتلك قدرات وعلاقات تمكنها من لعب دور أكبر بأضعاف مضاعفة من دورها الحالي، ولكن عند مطالعة مواقف وقرارات هذه المنظمة نرى أنها مرتهنة بقراراتها للسعودية، حيث يمكننا القول أنه وكما تتحكم أمريكا بقرارت منظمة الأمم المتحدة التي تتخذ من مدينة نيويورك الأمريكية مركزاً لها، فإن السعودية تسعى للتحكم بقرارات منظمة التعاون الإسلامي التي تتخذ من مدينة جدة السعودية مركزاُ لها.
فرغم تجاهل المنظمة للعديد من الإعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، ومرورها مرّ الكرام على العديد من المجازر التكفيرية التي ترتكب بأبناء الشعوب الإسلامية، لم يفتها أن تتحفظ على التصريحات التي أدلت بها وزيرة خارجية مملكة السويد، مارغو والستروم، أمام البرلمان السويدي، ضد الديمقراطية و حقوق الإنسان في السعودية. كذلك لم تنس المنظمة أن تدن،على سبيل المثال لا الحصر، تصريحات رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي ضد السعودية، في ظل تجاهلها التام للعديد من التصريحات والإجراءات السعودية تجاه العراق، وشخص رئيس الوزراء. بصرف النظر عن دور المنظمة المآساوي عموماً، كيف يمكن قراءة نشاطاتها على الساحة السورية، وماذا قدّمت للنازحين السوريين؟
الأزمة السورية
منذ بدء الأزمة السورية عام 2011 إتخذت منظمة التعاون الإسلامي موقفاً عدائياً من الرئيس الأسد، وأخذت تردد موقف الرياض الرسمي، كما تم تعليق عضوية سوريا في المنظمة ، حتى أنه في الإجتماع الأخير المنظمة قبل أيام، خرج بيانها بالتأكيد على أن "جرائم الحرب التي يرتكبها النظام في سوريا، تشكل الأسباب الجذرية للأزمات الإنسانية التي تواجه الشعب السوري".
وأضاف البيان أن على جميع الدول، وخاصة الدول الأعضاء بالمنظمة، فتح أبوابها أمام اللاجئين السوريين، “تجسيدًا لمبدأَيْ التعاطف والتضامن الإسلاميين”، ولكن حتى كتابة هذا التقرير لم نر شيئا!
لم تنس المنظمة أن تشيد بما أبدته “لبنان والعراق ومصر، من سخاء وكرم في استضافة اللاجئين السوريين، رغم قلة مواردها وإمكاناتها”، مع العلم أن الدول المتحكمة بقرارها أول من أقفل الأبواب بوجه النازحين السوريين، فهل إستقبلت السعودية أي نازح سوري؟. نعم، وللإنصاف، إستقبلت السعودية عدداً من المسلحين لتدريبهم في قتال النظام السوري، وليس تنظيم داعش الإرهابي.
لماذا تقولون ما لاتفعلون؟، ألا تمتلك دول مجلس التعاون مقومات أكبر بكثير من لبنان والعراق والأردن لإستقبال النازحين، فلماذا البكاء على الأطلال، وهناك في أقصى الأرض من قال: غدا سنخبر أطفالنا أن اللاجئين السوريين هربوا من بلادهم إلى بلادنا، وكانت "مكة بلاد المسلمين" أقرب اليهم، غدا سنخبر أطفالنا أن رحلة اللاجئين السوريين إلي بلادنا، كانت كهجرة المسلمين الى الحبشه، ففيها حاكم نصراني لايظلم عنده احد ابدا "!
لم تنس المنظمة أن تحث المجتمعين والمجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، على البحث عن حلول سياسية سريعة للنزاع السوري، إلا أن التوصية كانت مرفقة في طياتها بما أعلنه الجبير مؤخراً في مؤتمره الصحفي في أمريكا، على هامش زيارة الملك السعودي للقاء الرئيس الأمريكي قبل أيام. فرغم تأكيد المنظمة على الحل السياسي، إلا أنها اشترطت رحيل (الرئيس) الأسد، لا بل حملته كافة الجرائم التي ترتكب في سوريا، وساوت بينه وبين تنظيم داعش الإرهابي!
بإختصار،
حاولت المنظمة الهروب بصورة لائقة من أزمة اللاجئين عبر بعض التوصيات التي لا تسمن
ولا تغني من جوع. ولكن في ظل تحكم السعودية بقرارات المنظمة، يمكننا التعويل على
منظمة التعاون الإسلامي في "حماية مصالح العالم الإسلامي"، تماماً كما
نعوّل على منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن في حل القضية الفلسطينية!