الوقت- قام سلاح الجو الإسرائيلي مرة أخرى في ليلة الـ 6 يونيو الماضي، باختراق المجال الجوي اللبناني، وقام باطلاق عدد من الصواريخ على منشآت تابعة للجيش السوري في مدينة "مصياف"، غربي محافظة "حمص"، باستخدام الأسلحة الموجهة وبدون الدخول للمجال الجوي السوري. وعلى الرغم من عدم الكشف عن تفاصيل الهجوم والأضرار التي لحقت بالمنشأة، إلا أن الصور الأولية تظهر وقوع حرائق وتدمير جزء من مباني المنطقة. لكن النقطة الأساسية هي، لماذا لم تقم أنظمة الدفاع "إس 300" التابعة للجيش السوري والمتمركزة في تلك المنطقة منذ عامين، بالتصدي لتلك الهجمات الإسرائيلية.
اسقاط المقاتلة الروسية وتسليم أنطمة "إس 300" الصاروخية للجيش السوري
أعلنت موسكو في سبتمر 2018 تسليم الجيش السوري صواريخ جديدة مضادة للطائرات من طراز (اس-300)، وذلك عقب مرور أسبوعين على إسقاط طائرة عسكرية روسية قبالة سواحل سوريا. وفي ذلك الوقت أبلغ وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو"، الرئيس "فلاديمير بوتين،" بأن روسيا سلمت 4 منصات لإطلاق الصواريخ إلى دمشق. وجاء ذلك بعد أن أسقط الدفاع الجوي السوري بطريق الخطأ طائرة استطلاع روسية، وهو ما تسبب في مقتل 15 عسكريا روسيا أثناء غارة جوية إسرائيلية على محافظة اللاذقية. وألقت روسيا باللائمة على إسرائيل في هذا الحادث.
إلا أن الحكومة الإسرائيلية نفت مسؤوليتها عن الأمر، واعترضت على تسليم المنظومة الدفاعية الروسية إلى دمشق، وقالت إن تقديمها إلى "لاعبين غير مسؤولين" من شأنه أن يجعل المنطقة المضطربة أكثر خطورة. وعلق مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون"، على قرار تسليم منظومة "إس 300" إلى سوريا أنه سيؤدي إلى "تصعيد كبير" في الحرب الأهلية السورية، وحث موسكو على إعادة النظر. وتمتلك روسيا قاعدة جوية في سوريا تشن من خلالها غارات جوية دعما للجيش السوري.
الجدير بالذكر، أن الطائرة الروسية "ايل 20" سقطت على بعد 35 كيلومترا من سواحل سوريا بينما كانت في طريقها للعودة إلى قاعدة "حميميم" الجوية قرب مدينة اللاذقية. وقالت وكالات الأنباء الروسية في ذلك الوقت إن الطائرة "اختفت أثناء هجوم شنته أربع طائرات (إف 16) إسرائيلية على منشآت سورية". وفي وقت لاحق، قالت وزارة الدفاع الروسية إن الطائرات الاسرائيلية استخدمت الطائرة الروسية كغطاء للهروب من صواريخ الدفاع الجوي السورية. وحمّلت موسكو إسرائيل مسؤولية إسقاط الطائرة، وقالت إنها وضعت الطائرات الروسية في مسار أنظمة الدفاع الجوي السورية. وقال الكرملين إن "بوتين" أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" عبر الهاتف أن قرار تعزيز الدفاعات الجوية السورية "يهدف في الأساس إلى إحباط أي تهديد محتمل لحياة أفراد الجيش الروسي".
إنفوجرافيك يكشف كيف تم إسقاط الطائرة الروسية في الهجوم الإسرائيلي على سوريا في 17 سبتمبر 2018
وصول الشحنة الأولى من أنظمة "إس 300" إلى سوريا والانتظار الطويل لبدء العمليات
أعلنت وزارة الدفاع الروسية في اكتوبر 2018، أنه تم تسليم سلطات النظام السوري، الشحنة الاولى من أنظمة الدفاع الجوي "إس 300". وأشارت الوزارة الروسية إلى أن هذه المنظومة الحديثة، تعد من الجيل الأكثر تطورًا وتخدم في الجيش الروسي منذ العام 2010، موضحة أنها مزودة بمحطات رادار متطورة جدًا ولديها قدرة عالية على تحديد الأهداف. وشددت الوزارة على أن هذه الأنظمة أكثر تطوراً من الأنظمة التي تسلمتها إيران سابقا.
وحول هذا السياق، أعلن وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو"، أن روسيا ستعمل على تدريب الفرق السورية لمدة ثلاثة أشهر حتى يصبحوا مؤهلين لتشغيل نظام "إس 300". ووفقا للتقارير، فإن منظومة الدفاع الجوي من طراز "إس 300" يمكنها التعامل ليس فقط مع الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس لاعتراض صواريخ قصيرة المدى ذاتية الدفع، ولكنها قادرة على التعامل مع الصواريخ البالستية التكتيكية، متوسطة المدى من 250 كيلومترًا. ويمكن للنظام التغلب على أنظمة الحرب الإلكترونية.
ومن جانبه نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن المتخصص في العلاقات الإسرائيلية الروسية "أليكس تانتزر"، أن موسكو اختارت إرسال النظام الأكثر حداثة، عوضًا عن النظام القديم، لردع الجيش الإسرائيلي عن مهاجمة أهداف في سوريا، قائلاً: "نشر مؤخرًا أن الجيش الإسرائيلي تدرب على التعامل مع أس 300". وكان وزير الدفاع الروسي، قد أعلن بأن الرئيس "فلاديمير بوتين"، كلّفه بنقل هذه المنظومة إلى سوريا، لتأمين وحماية العسكريين الروسي المتواجدين هناك، بعد مقتل 15 منهم، بتحطم الطائرة الروسية "إيليوشن 20"، قبالة سواحل اللاذقية السورية، بصواريخ الدفاعات الجوية السورية، وحمّلت روسيا إسرائيل مسؤولية سلسلة الأخطاء، التي أدت إلى إسقاط الطائرة.
صورة الأقمار الصناعية لموقع الدفاع الحاوي أنظمة "إس 300" بالقرب من مدينة "مصياف"
هجمات إسرائيلية على منطقة "مصياف" العسكرية
أعلن النظام السوري استهداف مقاتلات إسرائيلية مواقع عسكرية تابعة له قرب مدينة مصياف بريف حماة وسط البلاد في وقت متأخر من مساء الخميس الماضي. وقالت وسائل إعلام سورية إن طائرات إسرائيلية مقاتلة حلقت فوق لبنان وضربت أهدافا عسكرية في محافظة حماة في شمال غرب البلاد متسببة في أضرار مادية فقط، وذلك في تصعيد إسرائيلي لغاراتها في الأشهر القليلة الماضية. وقُتل ما لا يقلّ عن تسعة عناصر موالين للنظام السوري، بينهم أربعة سوريّين، في هذه الغارات بالمنطقة التي يسيطر عليها الجيش السوري.
وهنا يمكن القول أن المسافة الطويلة من الاجزاء السورية التي تم قصفها من قبل المقاتلات السورية إلى موقع أنظمة "إس 300" الدفاعية، يعد سبب منطقي لعدم رد القوات السورية على تلك الهجمات، إلا أن العديد من الناس عبروا عن مدى تعجبهم من عدم رد الدفاعات السورية على تلك الهجمات الاسرائيلية ولهذا فإننا سوف نتطرق إلى بعض الاسباب المنطقة لعدم الرد السوري على تلك الهجمات.
آثار الغارات الجوية الإسرائيلية على منشآت "مصياف" العسكرية
بشكل عام، أنظمة الدفاع "إس 300"، هي أنظمة بعيدة المدى مصممة للتعامل مع طائرات العدو ومصممة لمواجهة الصواريخ البالستية التكتيكية. وعلى الرغم من أن هذه الانظمة لديها القدرة على التعامل مع صواريخ كروز وصواريخ دوراستا، مثل صواريخ دليلة الإسرائيلية وقنابل سلسلة SPICE و SDB، إلا أن هذا الامر ليس ممكننا إلا على الورق، وذلك لأنها ليست مصممة للقيام بمثل هذه المهام بشكل عام.
نطاق نظام "إس 300" للتعامل مع نماذج مختلفة من الصواريخ في مدينة "مصياف"
تتم الضربات الجوية الرئيسية لإسرائيل من منطقتين محددتين: مرتفعات الجولان والمجال الجوي لشمال لبنان. وإذا تم شن ضربات صاروخية من مرتفعات الجولان المحتلة، إلا انه بسبب المسافة الطويلة، وحتى لو تم اكتشاف المقاتلات الإسرائيلية، فلن يكون من الممكن التصدي لتلك الصواريخ بانظمة "إس 300". وخلال الضربات الجوية الاخيرة التي نفذتها المقاتلات الإسرائيلية من داخل المجال الجوي اللبناني، لجأت تلك الطائرات إلى التحليق على ارتفاعات منخفضة في جبال شمال لبنان، مختبئة من الرادارات السورية، وقامت باطلاق صواريخها بسرعة وبعد ذلك لاذت بالفرار من المنطقة.
وهنا يمكن القول أن هناك طريقتان فقط لكشف والتصدي للمقاتلات الإسرائيلية باستخدام أنظمة "إس 300":
الف) دخول المقاتلين الإسرائيليين في أعماق السماء السورية.
ب) نصب عدد من أنظمة "إس 300" في جنوب سوريا
هل يدير النظام السوري نظام "إس 300" بالكامل؟
هناك نقطة أخرى حول تشغيل نظام "إس 300"، تتمثل في أنه وبافتراض تمكنت القوات السورية من الكشف عن الأهداف في الوقت المناسب، فإن المسألة هنا تمثل في من الذي يدير ويقود تلك الانظمة الجوية. وعلى الرغم من أن المستشارين الروس يدّعون أنهم يدربون أطقم سورية وأنهم قاموا بتسليم هذا النظام للدفاعات الجوية السورية، إلا أن أنشطة النظام لا تزال تخضع لشروط وقيود معينة.
وهنا تكشف بعض التقارير أن أول شيء وغريب يتمثل في أن موقع أنظمة "إس 300" الواقع في مدينة "مصياف" غير متصل بشبكة رادار الجيش السوري في أجزاء أخرى من البلاد، ويتلقى معلوماته من خلال أنظمة الدفاع الروسية المتمركزة في قاعدة "حميميم" في محافظة اللاذقية.
بشكل عام، إن وجود أنظمة دفاع روسية حديثة بعيدة المدى مثل "إس 300" و"إس 400" على الأراضي السورية هو فقط لحماية القواعد العسكرية الروسية، وحتى أنه يمكن القول أن تسليم الحكومة الروسية أنظمة "إس 300" لقوات الجيش السوري، ما هو دعم سياسي وإعلامي لتشجيع القوات الروسية. والحقيقة المُرّة تتمثل في أنه عمليًا لا يمكن استخدام هذا النظام لمواجهة الهجمات الإسرائيلية أو التركية.