الوقت - مع اقتراب موعد حظر الأسلحة الإيرانية من نهايته في أكتوبر المقبل ، يدأب المسؤولون الحكوميون الأمريكيون على استخدام أي وسيلة ممكنة بحسب زعمهم لتمديد هذا الحظر ، وجدير بالذكر ان مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي يعمل على طرح خطة قانونية لإظهار أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال عضوًا في الاتفاق النووي حتى تتمكن من استخدام آلية استعادة العقوبات ، ولكن بينما تحتاج واشنطن إلى تسعة أصوات موافقة ، لتحقيق هذا الهدف دون ان يتم استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول التي يحق لها استخدامه ، وحتى بدعم من الحكومات الأوروبية ، فإن التحركات الأخيرة التي قامت بها الصين وروسيا لمعارضة سلوك واشنطن غير التقليدي أضحت دليلاً على إحباط البيت الأبيض من امكانية تنفيذ سيناريو استمرار حظر الأسلحة الإيرانية.
دفع إحباط واشنطن بل وحتى ضياعها بشأن إيجاد حل لمنع انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه إيران ، المسؤولين الأمريكيين إلى استخدام العروض اللغوية للتهديد ببدء جولات جديدة من الضغوط على طهران ، حيث ان برايان هوك ، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الامريكية في الشؤون الإيرانية سعى في مذكرة كتبها لصحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء ، إلى إظهار أن واشنطن قادرة على اعادة عقوبات الأمم المتحدة ضد طهران في حال لم يتم تمديد حظر الأسلحة الإيراني ، وأوضح في المذكرة مهدداً بشكل مباشر أنه إذا لم يجدد مجلس الأمن الدولي الحظر المفروض على الأسلحة الإيرانية ، والذي ينتهي في أكتوبر المقبل ، فإن الولايات المتحدة الامريكية ستتخذ خطوات من شأنها اعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران.
ومن ناحية أخرى ، وضعت وزارة الخارجية ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس الماضي ، تعليمات توجيهية لتشديد العقوبات على إيران وكوريا الشمالية وسوريا ، وزعمت هذه الوزارة أن البيان صدر لمساعدة الصناعة البحرية والنشطاء في مجال الطاقة والمعادن لمواجهة أنشطة الشحن الاحتيالية لحماية الأفراد والكيانات العاملة في تلك الصناعات من العقوبات الأمريكية.
وفي هذا الصدد ، يمكن القول إن الهدف الأهم لواشنطن هو منع التبادل التجاري والمالي بين طهران وكاراكاس ، والتي زعمت الولايات المتحدة الامريكية مؤخراً ان ايران قامت بإرسال خمس ناقلات وقود إلى فنزويلا وهي الان تتحرك في المياه الحرة ، وادعت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا أن إيران نقلت 9 أطنان من سبائك الذهب من فنزويلا بقيمة 500 مليون دولار إلى إيران عبر خطوط ماهان الجوية (مقابل الخدمات النفطية) ، ومن المؤكد أن التبادل المالي والتقني والبضائع بين إيران وفنزويلا ، كلاهما يخضعان لعقوبات شديدة ويتعرضان لضغوط من الولايات المتحدة ، كما ان هذه التبادلات لا تعتبر خبراً ساراً للبيت الأبيض ، وبالتالي فإن أمريكا تسعى لعرقلة مثل هذه التبادلات المشروعة والقانونية من خلال تقديم أعذار واهية.
إن التهديدات والإجراءات الجديدة للبيت الأبيض بدلاً من إظهار قدرة الولايات المتحدة الامريكية على وقف رفع الحظر المفروض على الأسلحة الإيرانية ، تظهر أولاً وقبل كل شيء فشل تخطيط إدارة ترامب في الانسحاب من الاتفاق النووي وفقدان جميع أوراق اللعب ضد إيران وحلفائها في مجلس الأمن ، وقد أدت الخطوة الجديدة التي اتخذتها واشنطن إلى اتخاذ روسية والصين لمواقف جديدة لدعم إيران في معركة التوصل إلى قرارات خلال الأسابيع المقبلة.
وفي هذا السياق علّق مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا "ميخائيل أوليانوف" في رسالة على موقع تويتر رداً على مساعي الحكومة الأمريكية الأخيرة لتمديد حظر الأسلحة الإيراني: "تدعي الولايات المتحدة الامريكية أنها تتمتع بوضع وحقوق أعضاء الاتفاق النووي ، وهذا وهم ، لأن محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 1971 تنص هنا على انه: "لا يمكن القول أن العضو الذي رفض أو فشل في الوفاء بالتزاماته قد يمكنه الاحتفاظ بحقوقه ...".
كما اتخذ مساعد وزير الخارجية الروسي "سيرجي ريابكوف" موقفا مماثلاً يوم الخميس الفائت ، قائلا: إنه لا أحد لديه الحق في تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بشكل انتقائي ومنقوص ، وأشار إلى أن الولايات المتحدة الامريكية هي التي تخلت عن الاتفاق النووي قبل عامين وهي الآن تقوم بانتهاك جسيم لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231.
ومن ناحية أخرى ، كتب مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة في تغريدة على حسابه الشخصي في تويتر أن الولايات المتحدة الامريكية لم تستطع الوفاء بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 عقب انسحابها من الاتفاق النووي ، وبناء عليه ليس لهذه الدولة الحق في تمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران ، ناهيك عن تفعيل آلية العودة! فالطريق الصحيح للمضي قدما هو الحفاظ على الاتفاق النووي.
ولكن في أعقاب ذلك ، فإن عقوبات واشنطن الجديدة (وإن كانت رمزية ، لأن البيت الأبيض استخدم كل الوسائل المتاحة لفرض عقوبات اقتصادية على إيران وفنزويلا) أتت في وضع تسعى فيه جميع دول العالم إلى الحد من الصراع ومساعدة بعضها البعض للتغلب على أزمة انتشار فيروس كورونا ، الأمر الذي يزيد من تشويه سمعة حكومة الولايات المتحدة وكشف ادعاءات الحكومة الأمريكية المستمرة في مجال حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب على المستوى الدولي.
وفي هذا الصدد ، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رداً على ادعاء الأمريكيين المضحك بشأن عدم تعاون إيران مع الولايات المتحدة الامريكية في مكافحة الإرهاب! وكتب على تويتر: "إن الولايات المتحدة ، مع تاريخها في إنشاء وتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية المختلفة ، واستخدام إرهاب الدولة ، ودعم نظام إرهابي آخر بشكل علني ، فهي ليست مقياساً جيداً لتقييم جهود مكافحة الإرهاب ، ويجب على الولايات المتحدة الامريكية إنهاء إرهاب الدولة خاصتها".