الوقت- ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن مجلس "الدوما" الروسي درس خلال الفترة الماضية ملف يتعلق بتمديد ولاية الرئيس الروسي الحالي "فلاديمير بوتين" لفترة جديدة ولفتت تلك المصادر أن "بوتين"، الذي تمكن من السيطرة على المشهد السياسي الروسي على مدى عقدين من الزمان، إما كرئيس للبلاد أو كرئيس للوزراء، فتح المجال أمام البرلمان الروسي لإجراء تعديلات دستورية يوم الثلاثاء الماضي وكشف "بوتين" في كلمته الأخيرة أمام البرلمان، عن تأييده المشروط لتعديل مقترح في الدستور يعيد بشكل رسمي احتساب فتراته الرئاسية من الصفر.
خطوة "الدوما" الروسي لتسهيل احتفاظ "بوتين" بالسلطة
كشفت عدد من المصادر الاخبارية أن مجلس "الدوما" الروسي وافق على تعديلات دستورية تسمح للرئيس، "فلاديمير بوتين"، بالترشح للرئاسة مجددًا في عام 2024، وهو ما يمنعه الدستور الحالي وصوّت المجلس، الذي يضم 450 مقعدًا، لمصلحة التعديلات في ثالث وآخر قراءة بتأييد 383 صوتًا، ولم يصوّت أي نائب ضد التعديلات لكن 43 نائبًا امتنعوا عن التصويت، وتغيّب 24 نائبًا عن الجلسة. ولفتت تلك المصادر الاخبارية أن أطراف أخرى في السلطة التشريعية الروسية ستراجع خلال الايام القادمة التعديلات التي أيدها مجلس "الدوما"، ومن بينها المجلس الأعلى في البرلمان أو ما يسمى بـ"مجلس الاتحاد"، ومن غير المتوقع أن يعارضها أحد. ويشمل النص الذي تم التصويت عليه نهائيا بندا يتيح لـ"بوتين" الترشح لولايتين قادمتين عامي 2024 و2030.
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس "فلاديمير بوتين" قبل عدة أيام دعمه لهذا الإجراء في خطاب لم يكن على جدول الأعمال ألقاه أمام النواب، واعتبر أن من الضروري أيضا أن تدلي المحكمة الدستورية بدلوها حول التعديلات.وأشارت هذه المصادر إلى أن غالبية أعضاء مجلس "الدوما" صادقوا في القراءة الثانية، على مشروع تعديل تقدمت به النائبة من حزب روسيا الموحدة، "فالينتينا تيريشكوفا"، التي تعتبر أول رائدة فضاء في العالم وينص التعديل، على أن تقييد عدد فترة الصلاحيات الرئاسية بولايتين، والذي يقضي به مشروع القانون بشأن التعديلات الدستورية، لا يمنع الشخصية التي تولت أو تتولي حاليا منصب رئيس الاتحاد الروسي حتى لحظة دخول هذا التعديل حيز التنفيذ من المشاركة بصفة المرشح في انتخابات الرئاسة الروسية بعد إدراج هذه الوثيقة في نص الدستور.
متى بدأت عجلة إدخال إصلاحات في الدستور الروسي ؟
في رسالته السنوية إلى البرلمان الروسي التي ارسلها قبل شهرين تقريبًا، تحدث "بوتين" عن قراره بتعديل الدستور الروسي، الذي بدا للكثيرين في روسيا وحتى المسؤولين في البلاد الذين بدأوا للتو إجازاتهم بالعام الجديد، بأنه حدث غير متوقع وبعد أيام قليلة من اقتراح "بوتين"، تم تقديم المسودة الأصلية لمشروع قانون التعديل الدستوري إلى مجلس "الدوما" الروسي، وبعد فترة وجيزة من مناقشته، تمت الموافقة على الوثيقة، التي كانت تحتوي في الأصل على 22 تعديلي في الجلسة الأولى لذلك المجلس.
يذكر أن مقترحات "بوتين" الرئيسية كانت تتمثل في تعزيز دور المجلس الحكومية، وخفض عدد القضاة في المحاكم الدستورية الروسية وحق الرئيس في فصلهم، وتشديد شروط الترشح للرئاسة. وبالإضافة إلى ذلك، اقترح "بوتين" تعزيز دور مجلس "الدوما" في التعيينات الحكومية، مما يسمح له بالتصويت للمرشحين في جميع الوزارات وإلغاء الولاية المتتالية من معايير انتخاب الرئيس لأكثر من فترتين والاقتراح الاخر لـ"بوتين" كان يدور حول تعديل آخر يتعلق بأولوية الدستور الروسي على القانون الدولي.
الموافقين والمعارضين على الإصلاح الدستوري الروسي الجديد
أثارت الإصلاحات التي دعا لها مسؤولي الكرملين خلال الشهرين الماضيين العديد من النقاشات الحادة داخل البيت الروسي، حيث امتدحها البعض وانتقدها البعض الاخر، وخاصة الروسيين الموالين للغرب وفي هذا السياق، يقول منتقدي هذه الإصلاحات إن الاتجاه الحالي الذي تسير فيه هذه الإصلاحات غير قانونية وذلك لأنها ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالنظام القانوني للبلاد وحقوق وحريات الشعب الروسي وانتهكت مبدأ الفصل بين السلطات. كما أن معارضي هذه الإصلاحات الأخيرة في روسيا، القاطنون في الدول الغربية، مترددون أيضًا في تحذير الشعب الروسي من خلال وسائل إعلامهم من أن هذه الإصلاحات الأخيرة ستركز السلطة في أيدي "بوتين". ومما يزيد من حدة هذا القلق حقيقة أنه مع هذه الإصلاحات الجديدة ستعطي روسيا لنفسها الحق، مثل الولايات المتحدة، في إعطاء الأولوية للقانون المحلي على القانون الدولي. إن ما هو مؤكد هو أن البرلمان الروسي أظهر أن المكعب لا يزال قيد البناء من قبل "بوتين"، وأن مشاركة الشعب الروسي في الاستفتاء الدستوري على مقترحات أو تغييرات "بوتين" ستؤدي في النهاية إلى الحفاظ عليه وحمايته خلال عقد آخر على الأقل.
إعطاء الضوء الأخضر لـ"بوتين" للقيام بالكثير من التغييرات الجديدة
أعلن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في خطاب ألقاه في مجلس "الدوما" الروسي عن رغبته في البقاء لولاية ثانية كرئيس لروسيا بعد عام 2024 وهنا تجدر الاشارة إلى أن الدستور الحالي لا يسمح له بتولي هذه المنصب مرة أخرى بعد انتهاء فترة رئاسته ولهذا السبب، اقترح عضو في الحزب الحاكم الروسي إجراء تعديلًا دستوريًا لإلغاء عدد فترات رئاسة "بوتين" وذلك للسماح لهذا الاخير بالفوز بولاية جديدة.
وفي هذا السياق، قال "بوتين" في مجلس "الدوما" الروسي، إنه سيؤيد هذه الاقتراح إذا أيدت المحكمة الدستورية الإصلاح وصوت عليه الناس في استفتاء. وقال "إن المزيد من السلطة الرئاسية أمر ضروري وأساسي للغاية بالنسبة لروسيا" ، مؤكدا أن "الاستقرار يجب أن يكون أولوية". وبالنسبة لـ"بوتين"، تحتاج روسيا إلى "التغيير من خلال التطور"، لأن لديها ما يكفي من الثورات في تاريخها.
هل أصبحت رئاسة "بوتين" مدى الحياة؟
تجدر الإشارة إلى أنه مع حدوث هذه التغييرات الإصلاحية في الدستور الروسي، تتحرك روسيا اليوم لتوطيد قوتها الدولية وحل مشاكلها الداخلية وزيادة وجودها في الشرق الأوسط. في الواقع، لقد تمت الموافقة على التعديل المقترح للرئاسة عقب اعلان "بوتين" عن خطة لإصلاح الدستور والتي طالب فيها بالخفض من سلطة الرئيس وإعطاء الكثير من السلطة للبرلمان الروسي. ومن ناحية أخرى، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن "بوتين" اتخذ قرارًا بتغيير الدستور في وقت سابق، مما أدى إلى تأخيره لمدة عامين، بسبب تورط روسيا في عدد من التطورات الإقليمية، ولكن هذه التدخل الروسي في التطورات الإقليمية على مدى العامين الماضيين كان له الكثير من الاثار الايجابية وذلك بعدما تمكنت موسكو من القيام بعمل جيد في عدد من بلدان المنطقة ولهذا وفي ظل الظروف الحالية، يبدو أن "بوتين" مصممًا على مواصلة حياته السياسية كزعيم حزبي بعد الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في عام 2024.