الوقت- لم تخف القيادة الامنية في الكيان الإسرائيلي منذ اليوم الاول خشيتها من قيام حزب الله وحركة حماس باستهداف حقول النفط والغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط، وقد أجرت في الآونة الأخيرة مناورات بحرية جديدة للتدرّب على مواجهة أي تهديد خارجي للمنشآت النفطية ومنشآت الغاز التي تزود الكيان حاليا بـ 60% من التيار الكهربائي، فضلاً عن العائدات الإقتصادية التي يُقدرها إقتصاديون بعشرات المليارات من الدولارات.
لا شك في أن الإكتشافات النفطية والغازية الأخيرة في المتوسط، ساهمت بشكل كبير في تعزيز الإقتصاد الإسرائيلي الذي سيتحول من مستهلك إلى مصدر على صعيد الطاقة، وقد جلبت هذه الإكتشافات العديد من شركات الإستثمار العالمية، بالتوازي مع تامين جزء كبير من حاجة الكيان للطاقة. ولكن، في الوقت نفسه، باتت هذه المنشآت عرضة للهجمات العسكرية في أي حرب قادمة سواء مع حزب الله أو حركة حماس.
وتعكس المناورات الجديدة التي تضمّنت عدداً من التدريبات الخاصة لوحدة الكوماندوز البحري "شيطيت 13"، استعداداً لاحتمال شن حماس هجوماً عبر البحر، واعتراض صاروخ ساحل - بحر أطلق باتجاه هذه الحقول، تعكس مدى القلق الإسرائيلي من قدرات المقاومة الفلسطينية البحرية، بإعتبار انها حاكت هجوماً ينفذه عناصر من "الكوماندوس البحري" في "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، على احد حقول الغاز والسيطرة عليه.
وقد أوضح قائد سلاح البحرية الجنرال رام روتبيرغ، أن المناورات تهدف للتدرّب على عدة سيناريوهات هجوم يمكن ان تتعرض لها حقول الغاز، لافتاً الى انه سيتم التدرب على مواجهة كل هذه السيناريوهات. واضاف: "نظراً لان مساحة المياه الاقتصادية تبلغ ضعف مساحة اسرائيل، فان هذا الامر يمثّل عامل اغراء للجهات المعادية لاستهدافها وتنفيذ عمليات عدائية داخلها، وعلى راسها استهداف حقول الغاز ".
كوماندوس حماس البحريّ
رغم أن سلاح البحرية الإسرائيلية ادخل تعديلات جذرية على انماط ووسائل تامين "الموارد الإقتصادية" للكيان الإسرائيلي بمجرد ان تم الاعلان عن اكتشافات النفط والغاز، إلا أن المناورات الاخيرة جاءت بالتزامن مع ما كشفه مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيليّة، أليكس فيشمان، نقلاً عن مصادر أمنيّة وعسكريّة رفيعة المستوى في تل أبيب، عن أنّ حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) أقامت قوات كوماندوز بحريّ تشمل عشرات الغواصّين المدربين جداً بهدف تنفيذ أعمال فدائيّة كبيرة ضدّ أهداف داخل العمق الإسرائيليّ.
رغم أن هذه القوّة البحريّة جاءت في سياق إستخلاص العبر والنتائج من العدوان الأخير على القطاع عام 2014، ويعتبرها محللون بمثابة نفق طويل يربط بين غزّة في الجنوب وحتى رأس الناقورة على الحدود اللبنانيّة-الإسرائيليّة، وبواسطتها يُمكن ضرب أيّ هدف في العمق الإسرائيليّ، وبشكلٍ خاصٍ مواقع النفط والغاز الإسرائيليّة في البحر المتوسّط، إلا أنه لا يمكن التغافل عن الخطر الإستراتيجي على هذه المنشآت في حال وصل صاروخ "ياخونت" الروسي الذي يمتلكه الجيش السوري، ويرجح وصوله إلى أيادي حزب الله، إلى أيادي القوة البحرية في حركة حماس.
وصول صاروخ "ياخونت" إلى حركة حماس يعني تهديد كافّة منصات استخراج الغاز والنفط، وحركة الملاحة في دائرة قطرها 300 كلم، ما يعني ضرب السفن التجارية التي تشق طريقها إلى الموانئ الأساسية في مدينة سدود وحيفا والتي تستقبل 97% من واردات الکيان الإسرائيلي، وضرب حقل "تمار" للغاز الواقع على مسافة 80 كلم قبالة مدينة حيفا، وحقل "ليفياثان" الواقع على مسافة 130 كلم قبالة المدينة نفسها، ثاني أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط بعد حقل «الشروق» المصري المكتشف حديثاً.
الحرب المقبلة
كما ان الكيان الإسرائيلي يعمل حالياً على حماية منشآته النفطية من أي هجوم، ركّزت كتائب عز الدين القسام على بناء قوّة بحرية قادرة على تخطي الإجراءات الإسرائيلية، بناءً على العبرة التي إستخلصتها من الحرب الأخيرة علی قطاع عزة، وتوصيات عسكرية من حزب الله الذي أثارت سراياه البحرية إهتماماً أمنياً غربياً.
في الحقيقة، إن الكيان الإسرائيلي الذي يراهن على توظيف حقول الغاز المكتشفة في تحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى محاولة الاستفادة منها في تحسين مكانته في المنطقة والعالم، كدولة مصدّرة للغاز، باتت منشآته النفطية محاصرة بين فكّي القوات البحرية لحزب الله شمالاً، وحماس جنوباً.
إن أي عدوان يشنه الجيش الإسرائيلي على القطاع الذي يعاني من أوضاع إقتصادية صعبة، يعني دخول النفط والغاز والطاقة الإسرائيلية في نفق مظلم، بإعتبار أن أي صاروخ يستهدف أحد الحقول سيتسبّب بنتائج كارثية تبدأ بخسارة مباشرة بمئات الملايين من الدولارات، وتمرّ بأزمة "طاقة" في الكيان بسبب توقف هذه المنشآت عن العمل، ولا تنتهي بإنسحاب الشركات العالمية من الإستثمار في الحقول الإسرائيلية، كشركة نوبل انرجي.
في الخلاصة، تعتبر الحقول النفطية الإسرائيلية الورقة الأقوى لدى حركة حماس في أي حرب مقبلة، وبالتالي يمكننا القول إن منشآت النفط والغاز تحولت اليوم، من نعمة إسرائيلية إلى نقمة فلسطينية.