الوقت- يعتبر حزب النهضة الاسلامي في طاجيكستان الحزب الاسلامي الشرعي والمسجل الوحيد في آسيا الوسطى والذي تأسس في عام 1991 لكن يبدو أن السلطات الطاجيكية دخلت أخيرا في حملة تستهدف استئصال حزب النهضة الإسلامي وتوابعه في الساحة الطاجيكية وقد أغلقَت في الأيام الماضية المقر الرئيسي للحزب في العاصمة الطاجيكية "دوشنبه"، بعد أن أغلقت دار النشر التابع للحزب قبل ذلك بأيام، ويعتبر هذا الإجراء حلقة في سلسلة طويلة من الإجراءات من قبل حكومة الرئيس إمام علي رحمان ضد حزب النهضة الإسلامي في الساحة الطاجيكية، فما هي اسباب الخلاف بين الجانبين والى ماذا يمكن ان يؤدي هذا الخلاف؟
كان حزب النهضة الاسلامي قد حصل على 8 بالمئة من مجموع اصوات الناخبين الطاجيك في الدورتين الماضيتين من الانتخابات التشريعية في البلاد ما سمح له بامتلاك مقعدين في البرلمان من اصل 63 مقعدا لكن هذا الحزب اخفق في الحصول على الحد الادنى من الاصوات اللازمة لدخول البرلمان في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في شهر مارس الماضي وهو 5 بالمئة من اصوات الناخبين ولذلك لايملك الحزب اي نائب في البرلمان في الوقت الحالي وقد غادر رئيس هذا الحزب محيي الدين كبيري ايضا البلاد ولم يعد حتى الان لأنه كان يخشى الاعتقال بسبب ملف قضائي مفتوح ضده وانتشار نبأ حظر حزب النهضة الاسلامي والانتقادات التي وجهت لأداء هذا الحزب في حين كان قادة الحزب يعتقدون بأن الاجراءات الحكومية وارادة هذه الحكومة هي التي منعت حزب النهضة الاسلامي من كسب مقاعد في البرلمان.
ووسط هذه الاجواء تواصل الجماعات المتطرفة والارهابية نشر دعاياتها بين صفوف المواطنين عبر شبكات الانترنت والتواصل الاجتماعي من اجل استقطاب المواطنين للانضمام الى صفوف هذه الجماعات وفي المقابل زادت الحكومة من ضغوطها على الجماعات الاسلامية لكن حزب النهضة الاسلامي وبعض القادة الاسلاميين في طاجيكستان يعتقدون ان الاجراءات التي اتخذتها حكومة امام علي رحمان ستؤدي الى زيادة نشاط تنظيم داعش الارهابي في طاجيكستان وهذا كان آخر شيء تحتاجه حكومة رحمان.
وقد زادت الحكومة الطاجيكية من تصعيدها ضد حزب النهضة الاسلامي بسبب الرسالة التي كتبها الحزب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وإلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي، وإلى قادة الدول التي كانت قد ضمنت تطبيق الاتفاقية بين حزب النهضة ونظام إمام علي رحمان مثل روسيا وإيران وأفغانستان وكازاخستان وباكستان.
كما أرسل هذا الحزب الرسالة نفسها الى رئيسي جمهورية تركمانستان وقرغيزستان، مطالبا إياهما بالتدخل ووضع حد للأوضاع المزرية في طاجيكستان، وخاصة للأعمال القمعية المخالفة للقانون والأخلاق ضد الأفراد والجماعات الدينية والأحزاب السياسية.
واعتبر الحزب في رسالته "أن نقض بنود اتفاقية المصالحة والوحدة الوطنية بدأ مبكرا لكن الحزب آثر الحفاظ على استقرار البلد، ولم يطرح القضية لا في الداخل ولا في الخارج، لكن من المؤسف أن تستغل الحكومة تحمل الحزب وصبره وانشغال المجتمع الدولي عن المصالحة الوطنية الطاجيكية وخوف الشعب من الحروب وإراقة الدماء من جديد، وتزيد من أعمالها القمعية وسياساتها الانتقامية، وأن تشدد الضغوط على شريكها الأصلي في الاتفاقية وأن تصل في ذلك إلى منتهاها، وأن تمارس كل أنواع الضغوط غير الأخلاقية وغير القانونية على قيادات الحزب وأفراده، وأن تجعل القضاء على الحزب هدفها".
واضاف الحزب في رسالته أن السلطات أبعدت الحزب عن المؤسسات التشريعية والتنفيذية، ولفقت للعديد منهم التهم الجنائية، وأجبرت العديد من أعضائه على الاستقالات من الحزب، كما أجبرت الآخرين على مغادرة البلاد.
وأضاف الحزب في تلك الرسالة أن ما تقوم به الحكومة من مخالفات لدستور البلاد ولاتفاقية المصالحة والوحدة الوطنية سيهدد أمن منطقة آسيا الوسطى، وطلب الحزب من الأمم المتحدة أن تتدخل في الأوضاع وأن تجبر الحكومة الطاجيكية على الالتزام بدستور البلاد والقوانين السائدة، وعلى احترام اتفاقية المصالحة والوحدة الوطنية التي كان قد ضمنها المجتمع الدولي.
واضافة الى ما تم ذكره يجب الاشارة ايضا الى الهجمات المسلحة التي شنت فجر الجمعة على بعض المراكز الامنية في العاصمة الطاجيكية دوشنبه وضواحيها والتي خلفت عددا من القتلى والجرحى وقد نفى حزب النهضة الاسلامي وجود اي علاقة بينه وبين المهاجمين لكن الرئيس امام علي رحمان الذي اقال بعض المسؤولين الامنيين قد حظر ايضا نشاط حزب النهضة الاسلامي في خطوة يعتبرها المراقبون مقدمة لمرحلة جديدة من الصراع بين الحزب والسلطات بعد الحروب الأهلية التي شهدتها طاجيكستان.