الوقت- عندما يجري الحديث عن "صفقة القرن" تكون الأعين دائما موجهة ليس فقط على الدول العربية وموقفها من هذه الصفقة بل ايضا على الفصائل الفلسطينية والاطراف الفلسطينية على مختلف انتماءاتها، لأن الموقف الفلسطيني الموحد سيكون له أثر كبير على نتائج هذه الصفقة وامكانية تنفيذها على ارض الواقع، ومن هذا المنطلق كان يجري الحديث دائما عن ضرورة توحيد الاطراف الفلسطينية فيما بينها لمواجهة هذه "الصفقة" المشؤومة، إلا أن الأطراف الفلسطينية كانت دائما توجه الاتهامات لبعضها البعض ما منع حصول اجتماعات للأطراف الفلسطينية، إلا أنه حصلت بادرة ايجابية يوم أمس بين الفصائل الفلسطينية، حيث عقد عددا من الأمناء العامّين وقيادات من فصائل المقاومة الفلسطينية اجتماع في بيروت، وتم البحث فيه في سبل مواجهة صفقة القرن، ويأمل الجميع ان يكون هذا الاجتماع بادرة ايجابية نحو حصول المزيد من اللقاءات والاجتماعات لتوحيد الصفوف ومواجهة "صفقة القرن" بجميع السبل الممكنة.
وخلال اللقاء الذي حدث مؤخرا في بيروت ، جرى استعراض آخر التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، لا سيما تداعيات صفقة القرن وسبل مواجهتها بكل الوسائل المتاحة.
وشارك في اللقاء وفود من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والجبهتين "الشعبية" و"الديمقراطية"والجبهة الشعبية-القيادة العامة، وجبهة التحرير الفلسطينية، وحركة فتح"الانتفاضة"، وجبهةالنضال الشعبي.
وشدد المجتمعون على رفضهم المطلق لكل مضامين صفقة القرن التي تستهدف حقوق شعبنا الفلسطيني وثوابته. وأكدوا أن الوحدة الوطنية هي الحجر الأساس لمواجهة صفقة القرن وإفشالها، وحق شعبنا الفلسطيني بمقاومة الاحتلال والدفاع عن أرضه ومقدساته بكل الوسائل المتاحة.
ورفضوا كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الذي يعتدي على مقدسات الأمة ومقدراتها، داعين إلى ضرورة تشكيل أكبر حالة إسناد عربي وإسلامي ودولي من أجل دعم شعبنا وتعزيز صموده في مواجهة صفقة القرن.
وأكدوا أن قضية الأسرى في سجون الاحتلال هي قضية وطنية مهمة ستبقى على رأس الأولويات، مؤكدين أن طريق المقاومة هو الطريق الأصوب لتحرير الأسرى واستعادة المقدسات.
واتفقوا على توسيع دائرة التشاور وطنيًّا بهدف التوصل إلى إستراتيجية وطنية موحدة من أجل مواجهة صفقة القرن وإفشالها.
آراء الافرقاء في "صفقة القرن"
الجميع يرفض "صفقة القرن" لكن لا توجد منهجية موحدة لمواجهة هذه الصفقة، فعلى سبيل المثال شددت السلطةُ الفلسطينيّة ، على موقفها الرافض لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام بمنطقة الشرق الأوسط المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن"، واصطفت وراء هذا الموقف مجملُ الفصائل الفلسطينيّة مؤكدة على تمسكها بالحقوق الفلسطينية التي تقرها القوانين و المعاهدات الدولية .
أولى تحركات القيادة الفلسطينية تمثلت في دعوتها لعقد اجتماع عاجل في جامعة الدول العربية للاتفاق على تحرك عربي موحد ضد صفقة القرن، تلاها تدخل للرئيس الفلسطيني محمود عباس في أروقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تحدث فيها عن معارضة الشعب الفلسطيني و سلطته للمحاولات الأمريكية لتصفية قضيته العادلة .
الاتفاق الفصائلي في فلسطين بمعارضة صفقة القرن يخفي اختلافات جوهرية في منهجية الرد على هذه الصفقة، اذ لم تفلح القوى الفلسطينية في تشكيل ما سُمّيت "اللجنة الوطنية العليا لمواجهة صفقة القرن"، والتي كان قد أُعلن بدء العمل على تشكيلها في مؤتمر شعبي عقدته الفصائل في غزة بعيد إعلان الصفقة. وعزا القيادي في "الجهاد الإسلامي"، أحمد المدلل، هذا الإخفاق إلى "إصرار فصائل تراهن على المفاوضات على تغييب قوى المقاومة في هذه اللجن"، لافتاً إلى "(أننا) لم نستطع أن نجتمع على موقف وطني شريف، فيما لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي قائمة حتى اللحظة وتسير في فلك التطبيع". أما القيادي في "حماس"، إسماعيل رضوان، فكان أكثر وضوحاً بالقول إن "فتح ترفض مشاركة قوى المقاومة في غزة بهذه اللجنة (فصائل مثل "المجاهدين" و"لجان المقاومة"...)". وأوضح رضوان أن "وفد مركزية فتح أصرّ على عقد لقاءات ثنائية مع حركته من دون وجود قوى المقاومة أو أيّ من الفصائل الأخرى، كما رفض المشاركة في أيّ لجنة وطنية تضمّ ممثلين عن قوى المقاومة". من جهتها، أقرّت مصادر في "فتح" بأن الحركة سبق أن رفضت المشاركة في لقاءات بالقاهرة بسبب حضور قوى المقاومة "الصغيرة" التي تدعمها "حماس"، وأنها الآن لا تريد أن تضفي "شرعية سياسية عليها".
نزع سلاح "حماس"
جاء لافتاً أن يتضمّن خطاب الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب لدى إعلانه عن صفقة القرن في 28 كانون الثاني/يناير، إشارة واضحة إلى "حماس" بالقول: إنّ تطبيق الصفقة يتطلّب وقف أنشطة "الإرهاب" الخبيث من "حماس"، فيما طالب رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في اليوم ذاته بنزع سلاح "حماس" بغزّة.
أصدرت "حماس" سلسلة ردود أفعال على هذه المطالب الإسرائيليّة والأميركيّة، فقال رئيس مكتبها السياسيّ إسماعيل هنيّة بتصريحات صحافيّة في 5 شباط/فبراير: إنّ سلاح حماس غير قابل ليوضع ضمن أيّ خطّة، وسنستمرّ في استراتيجيّة بناء القوّة العسكريّة لتشمل الضفّة والقدس.
سبق لإسرائيل أن خاضت 3 حروب طاحنة على غزّة لتفكيك سلاح "حماس"، ولم تنجح. واليوم، لا يوجد إجماع إسرائيليّ على الحرب لعدم ضمان تحقّق أهدافها منها، وإمكانيّة أن تأتي بنتائج غير مضمونة.
في هذه الحالة، من الطبيعيّ أن يدفع قلق "حماس" على سلاحها إلى توافقها مع السلطة الفلسطينيّة عبر جهود المصالحة المستأنفة بعد إعلان الصفقة، فالحركة المحاصرة غير قادرة لوحدها على تحمّل أعباء الفلسطينيّين في غزّة، فضلاً عن رغبتها في الحيلولة دون تعرّضها لحرب إسرائيليّة طاحنة تنفرّد بها في غزّة لنزع سلاحها، لكنّ المشكلة تبقى ما أعلنه الرئيس محمود عبّاس في 3 شباط/فبراير أنّه لا يؤمن بالسلاح وسيسعى إلى أن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح. كما أنّ السلطة لا تريد العودة إلى غزّة أو تحمّل إدارتها الماليّة والمعيشيّة.