الوقت- بعد أسابيع من الخلافات السياسية بين مختلف الأحزاب العراقية حول تعيين رئيس جديد للوزراء خلفاً لعادل عبد المهدي المنتهية ولايته، کلَّف "برهم أحمد صالح" الرئيس العراقي "محمد توفيق حسين علاوي أمين الربيعي" بتشکيل الحکومة كرئيس جديد للوزراء، وذلك في إجماع كبير بين الأحزاب والتيارات السياسية في البلاد.
يشير هذا الاختيار إلى أن الأحزاب السياسية العراقية أدركت الحاجة إلى تشکيل حكومة جديدة لإجراء الانتخابات البرلمانية في المستقبل القريب، لكن الواقع هو أن علاوي لديه مهمة صعبة في نقل العراق من الأزمات الأخيرة.
من هو محمد توفيق علاوي؟
ولد "محمد توفيق حسين علاوي أمين الربيعي" في بغداد عام 1954، وأمضى سنوات الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية في العاصمة، وحصل على شهادة الهندسة المعمارية من جامعة بغداد، واضطر إلى ترك الجامعة في السنة الأخيرة، وغادر العراق متوجهاً إلى لبنان عام 1977.
في عام 1980 تخرج من الجامعة الأمريكية في بيروت حاملاً شهادة الهندسة المعمارية. وفي بداية شبابه، انضم إلى حزب الدعوة وانسحب لاحقًا من الحزب بسبب الخلافات الفكرية.
دخل محمد توفيق السياسة عام 2005 عبر الانضمام إلى قائمة إياد علاوي، وأصبح أحد المرشحين للبرلمان في أوائل عام 2006. في العام نفسه وحتی نهاية عام 2007، تم تعيين علاوي وزيراً للاتصالات.
بعد مغادرة منصب الوزارة، استأنف نشاطه السياسي في البرلمان كبديل لنائب متوفٍ. ثم في عام 2010، أصبح وزير الاتصالات مرةً أخرى، واستقال في نهاية المطاف بسبب خلاف مع نوري المالكي.
يُقال إنه مقرب فكرياً من إياد علاوي (رئيس الوزراء العراقي الأسبق)، وكان دائمًا مدرجًا في قائمته السياسية للانتخابات، وكان دوماً ضمن قائمة اياد علاوي الليبرالية منذ عام 2005، والتي نشطت في الساحة السياسية العراقية تحت أسماء مختلفة مثل القائمة العراقية، القائمة الوطنية والائتلاف الوطني.
تکرار لشعار "حكومة تكنوقراط"
في بداية مهمته لتشكيل حكومة جديدة، طرح محمد توفيق علاوي عددًا من القضايا المهمة التي يمكن تقييمها على أساس الجهود المبذولة لتشكيل حكومة تكنوقراطية. والقضية الأولى وربما الأكثر أهميةً التي أثارها علاوي هي، إعلانه أنه إذا كانت الأحزاب والتيارات السياسية العراقية تنوي فرض مرشحيها عليه، فسيستقيل من الحكومة.
وفي مؤتمره الصحفي، شدد علاوي على أنه سيشكل حكومةً بعيدةً عن المحاصصة الحزبية، وحث المتظاهرين على مواصلة احتجاجاتهم، وأعلن عن لقاء ممثلي المحتجين ومعاقبة الذين رفعوا السلاح بوجههم.
كما أکد على تحديد موعد الانتخابات البرلمانية الجديدة، تعديل قانون الأحزاب، قانون تدقيق الشفافية المالية للأفراد، عودة المجد والعظمة للجيش ومكافحة الفساد، كخطط عمل للحكومة العراقية الجديدة. وكل هذا يعكس رغبة وتوجُّه رئيس الوزراء الجديد لتشكيل حكومة تكنوقراط، والتي يواجه تنفيذها شكوكاً كبيرةً بطبيعة الحال.
قوبل انتخاب علاوي باعتراضات من المحتجين. والسبب الرئيسي عند المحتجين هو أن علاوي قد حكم عليه بالسجن 6 سنوات في الماضي بتهمة الفساد. وعلى الرغم من أن المحكمة قضت بالإفراج عنه وتبرئته من جميع التهم بعد عودته إلى العراق في عام 2014، إلا أن الواقع هو أن هذا قد يجعل الأمور صعبةً عليه للغاية في الأيام المقبلة.
وهذا يمكن أن يجعل حکومة علاوي علی أسس مهزوزة، مما يعني أن مدة ولايته قد تقتصر على بضعة أشهر فقط تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية الجديدة.
عندما يدرك الصدر أيضًا الحاجة إلى الانتقال من الأزمة
لقي رئيس الوزراء الجديد محمد توفيق علاوي ترحيب الأحزاب السياسية، والأهم من ذلك ترحيب "مقتدى الصدر" رجل الدين العراقي صاحب النفوذ ورئيس ائتلاف "سائرون" في البرلمان.
وفي هذا الصدد، أعلن مقتدى الصدر في رسالة على تويتر: "نأمل ألا يستسلم توفيق علاوي للضغوط الخارجية والداخلية، ويسرع في البدء بالانتخابات المبكرة". وأضاف: "اليوم سيسجل في تاريخ العراق بأن الشعب هو من اختار رئيساً لوزرائه وليس الكتل، وهذه خطوة جيدة ستتعزز في المستقبل".
يشير هذا الدعم إلى أن التيار الصدري قد أدرك بعد أشهر أنه من الضروري تشکيل حكومة جديدة للتغلب على الأزمة ومنع التدخل الأجنبي في البلاد. وهذا وحده لا يقل أهميةً عن اختيار رئيس للوزراء، لأن مقتدى الصدر ومن خلال دعمه علاوي، أظهر أن القوی العراقية الوطنية تفصل صفوفها عن المرتزقة، وأنه على استعداد للوحدة والتعاون مع جميع القوی الأخرى في سبيل مصالح البلد.
محمد علاوي وصعوبة إدارة الحكومة
في تقييم تطورات الأيام القليلة الماضية، يمكننا القول إن نفس الطريق الذي سلکه "عادل عبد المهدي" في عام 2018 حين قدم وعوداً كبيرةً في الخطوة الأولى نفسها وأعلن استقلاله عن التيارات السياسية، يسلکه محمد توفيق علاوي بتأکيدات أكبر. ولكن يجب أن نری هل يستطيع رئيس الوزراء الجديد هذه المرة أن يحظى بدعم وثقة وموافقة المحتجين والأحزاب السياسية المحلية والجهات الفاعلة الإقليمية وعبر الإقليمية أم لا؟
الحقيقة هي أنه سواء كان رئيس الوزراء العراقي الجديد علاوي أو أي شخص آخر، يجب أن يكون لديه القدرة على إدارة دور الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية وعبر الإقليمية في المنطقة الخضراء، ولن يتحقق ذلك إلا إذا اعتمد نهجاً حازماً للحفاظ على استقرار العراق، وبذل جهداً جاداً ومتواصلاً لحل المشاكل الاقتصادية.