الوقت- تسعى الأطراف اليمنية لا سيما حركة أنصار الله الى العمل مع كافة الفرقاء السياسيين من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون بمثابة صمام الأمان لليمن دولةً وشعباً. فيما يبقى بعض المراهنين على الخارج، بعيدين عن هذه التوجهات، لمضيهم وإلتزامهم بالتصعيد العسكري الداخلي وتأجيج الخلافات، ضمن أجندة خارجية. فماذا في طرح تشكيل حكومة وحدة وطنية؟ وكيف يمكن تحليل المشهد اليمني من خلال ذلك؟
تقرير حول سعي الأطراف اليمنية وفي مقدمتهم حركة أنصار الله لتشكيل حكومة وحدة وطنية:
أعلنت حركة أنصار الله الثلاثاء الماضي، عزمها مع أحزاب سياسية أخرى تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال العشرة أيام المقبلة. وقال حمزة الحوثي القيادي في الحركة وعضو المكتب السياسي في مؤتمر صحفي عقده عقب القرار في صنعاء، إن الحركة وأحزاب سياسية أخرى لم يسمها ستقوم بتشكيل حكومة وحدة وطنية ذات تمثيل واسع خلال العشر الأيام المقبل". وأضاف الحوثي أن "قرار تشكيل الحكومة جاء في الوقت الذي تمر به اليمن بمرحلة صعبة واستثنائية وفراغ دستوري وسياسي يتوجب على القوى والمكونات السياسية ملئ هذا الفراغ حسب وصفه". ولفت إلى أنه "كان من المفترض على القوى والمكونات السياسية اليمنية ملئ الفراغ الدستوري والسياسي قبل العدوان السعودي على البلاد، غير أن هناك مكونات سياسية تلكأت في ذلك لرغبتها في تحقيق بعض المكاسب على حساب المصالح الوطنية". وطالب القيادي الحوثي البارز كافة القوى والمكونات السياسية اليمنية العمل بجدية والتوافق على ملئ ما أسماه "الفراغ الدستوري القائم" وتشكيل كل مؤسسات السلطة الدستورية والمجلس الرئاسي وحكومة وحدة وطنية وإحياء العملية السياسية بين كافة المكونات والقوى. وتابع القيادي الحوثي "أن جماعته على تواصل دائم وتنسيق بين كافة القوى السياسية بما فيهم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح".
قراءة تحليلية:
تبدو جليةً خيارات الأطراف اليمنية الساعية لتشكيل حكومة وحدة تجمع الأطراف اليمنية. وهو ما يجب الوقوف عنده لما يُشكله من منعطفٍ في الشأن اليمني الداخلي. وهنا نقول التالي:
- يعيش اليمن وضعاً راهناً يمكن القول أنه يمر بمرحلة صعبة تعتبر في تاريخه، وهي قد تكون حاسمة، في ظل ضرورة التنبه لنتيجة أي قرار تأخذه الأطراف الداخلية. فتداعيات هذه القرارات يمكن أن تبقى لسنوات عديدة بل حتى للعقود المقبلة . وهنا نُشير الى أن الأطراف اليمنية كافة تعي المصلحة الوطنية، عدا بعض الأطراف المرتبطة بأجندة السعودية والتي تتعلق بشكل رئيسي بالرئيس المخلوع هادي. لذلك نجد أن الأطراف الأخرى تسعى لتشكيل حكومة تجمعهم للجلوس معاً، وتقييم مصلحة بلادهم بعيداً عن التجاذبات الخارجية للدول التي تسعى للتدخل في الشؤون اليمنية.
- وهنا نقول أنه أمام اليمنيين خيارين في التعامل مع الوضع الحالي الذي يواجهونه، وهو إما تشكيل حكومة وحدة وطنية يمكنها نقل البلاد الى ساحة الحوار رغم الخلافات، أو المضي قدماً في خيار الإرتهان للخارج عبر السماح لإستمرار التدخل الأجنبي الذي لن يؤدي بالنتيجة إلاَّ الى إحتدام الصراعات العسكرية وتأجيج الخلافات الداخلية .
- لكن على الرغم من أن مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة جميع القوى السياسية في الشمال وجنوب اليمن يمكن أن ترفع تدريجياً من آمال الشعب اليمني المعارض بأغلبيته للتدخل الأجنبي وإحتلال البلاد، تبقى بعض الجماعات ماضيةً في التعاون مع مخططات خارجية، ليس من مصلحتها توافق اليمنيين أو جلوسهم سوياً. مما يمكن أن يُدخل البلاد لسنوات طويلة في الحرب والعدوان إذا لم تتم مراعاة المصالح الوطنية كأولوية وعدم الإرتهان للخارج .
- ولا بد من الإشارة هنا الى أن الدول تحديداً الغربية والخليجية، تسعى لإستغلال مصالحها، فيما يمكن القول أن اليمنيين وحدهم قادرين على تحديد مصالحهم من خلال الحوار. وهو ما طالما دعت له العديد من الأطراف لا سيما حركة أنصار الله التي على الرغم من سيطرتها داخلياً ونفوذها الواسع، ما تزال تمد اليد للجميع وتسعى لإشراك كافة الفرقاء في السلطة.
يعيش اليمن مرحلةً صعبة سياسياً، يمكن إعتبارها تحدياً لجميع الأطراف الداخلية. فاليمنيون لايزالون يعيشون وطأة الحرب السعودية التي كانت مُكلفة على كافة الأصعدة. ولا يمكن الخروج من هذا الوضع إلا من خلال نقل السلطة لأطرافٍ قادرة على تحييد الخلافات ودعم الحوار، الى جانب رهانها على خيارات الشعب اليمني وليس الأطراف الخارجية.