الوقت - تتصاعد موجة الغضب في الشارع المصري ساعة بعد أخرى عقب تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، يرى المصريون في هذا المقترح تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، ومحاولة مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض حلول قسرية تتجاهل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
الإجماع الشعبي المصري على رفض هذه الفكرة جاء حاسمًا، حيث لم يُنظر إليها على أنها مجرد طرح سياسي عابر، بل تم التعامل معها كخطة خطيرة تستهدف إعادة تشكيل الخارطة السياسية للمنطقة، ومن هذا المنطلق، تعددت ردود الفعل بين الأكاديميين، والدبلوماسيين، والنقابات المهنية، والقوى السياسية، التي أجمعت على رفض المشروع الأمريكي جملةً وتفصيلًا.
الدكتور إسماعيل صبري مقلد، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وصف مقترح ترامب بأنه "لعبة شيطانية ماكرة"، تعتمد على الخداع والإغراءات المادية والنفسية لاستدراج الفلسطينيين نحو النزوح القسري. ويرى مقلد أن تنفيذ هذه الخطة، إن تحقق، سيؤدي إلى تغيير جذري في توازنات الشرق الأوسط، وقد يفتح الباب أمام صراعات جديدة لن تكون المنطقة قادرة على احتوائها بسهولة.
كما ألقى بالمسؤولية على الدول العربية، وخاصة الجامعة العربية، التي يرى أنها لم تتخذ موقفًا حاسمًا حتى الآن، مؤكدًا أن الفلسطينيين وحدهم لن يكونوا قادرين على إفشال هذا المخطط بينما تبقى الحكومات العربية في موقف المتفرج.
السؤال الأبرز الذي فرض نفسه: ماذا لو رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقترح ترامب؟
السفير محمد مرسي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أجاب بأن رفض مصر لهذا المخطط سيترتب عليه ضغوط سياسية واقتصادية وأمنية هائلة، ليس فقط على مصر، بل أيضًا على الفلسطينيين في غزة، وأوضح أن هذه الضغوط قد تشمل إجراءات أمريكية وإسرائيلية تهدف إلى ابتزاز القاهرة وإجبارها على التراجع عن موقفها.
إلا أن الدولة المصرية، ومنذ بدء العدوان على غزة، أظهرت موقفًا ثابتًا رافضًا لتهجير الفلسطينيين، معتبرة أن أي محاولة لفرض سيناريو التهجير ستؤدي إلى كارثة إنسانية وإقليمية خطيرة.
لم يقتصر الرفض على التصريحات الرسمية، بل امتد إلى المؤسسات والنقابات المصرية، فقد أصدرت نقابة الصحفيين المصرية بيانًا أدانت فيه تصريحات ترامب بشدة، مؤكدة أن هذا المقترح يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وشدد البيان على دعم النقابة الكامل لصمود الفلسطينيين ورفضهم للتهجير، كما طالبت المجتمع الدولي بالتصدي لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية.
على ذات النهج، أعلن اتحاد المحامين العرب رفضه القاطع لهذا الطرح، حيث أكد نقيب المحامين عبدالحليم علام أن هذه التصريحات تتعارض مع القانون الدولي وتهدد استقرار المنطقة، وأشاد بموقف الدولة المصرية الرافض لخطط التهجير، داعيًا إلى تحرك عربي ودولي عاجل لمنع تنفيذ هذا المخطط.
الغضب الشعبي المصري ظهر جليًا في تصريحات السياسيين والنشطاء، حيث حذّر السياسي سيد مشرف الحكومة المصرية من مغبة التنازل عن أي جزء من سيناء أو السماح بترحيل الفلسطينيين إليها، مؤكدًا أن الشعب المصري بأسره سيقف ضد أي محاولة لتمرير هذا المخطط، جاءت تصريحاته تعبيرًا عن حالة الرفض العارم التي تسيطر على الشارع المصري، الذي يرى في هذا المقترح خطرًا مباشرًا على الأمن القومي المصري وعلى مستقبل القضية الفلسطينية.
في ظل تصاعد الغضب الشعبي، والموقف الرسمي الرافض، والمخاوف من الضغوط الدولية، تبدو مصر أمام تحدٍ كبير في التعامل مع هذا المقترح الأمريكي، فبينما يصر الفلسطينيون على البقاء في أرضهم ورفض التهجير، تتزايد الدعوات المصرية والعربية للتحرك العاجل لإفشال المخطط ومنع فرض واقع جديد على حساب الحقوق الفلسطينية.
القادم يبدو صعبًا ومعقدًا، لكن الثابت حتى الآن أن الشعب المصري، بكل أطيافه، يرفض بشكل قاطع أي سيناريو لتهجير الفلسطينيين، ويعتبره خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.