الوقت- يبدو أن سرقة النفط السوري أصبحت "هواية" لبعض الدول الاقليمية والدول الكبرى، حيث تتنافس هذه الدول على "السرقة" فوق الأراضي السورية، وكأن هذه الدولة لا تمتلك أي سيادة على أراضيها، ولو كان الأمر معكوسا وحاول أحد ما أن ينهب خيرات هذه الدول التي تعتدي على السيادة السورية لكانت أقامت حرباً اقليمية لكن أن يتم سرقة "النفط السوري" من قبلهم هو أمر "مبرر" و"حلال" بحسب اعتقاداتهم، نحن هنا نتحدث عن أمريكا التي تجاهر بسرقة النفط السوري لينضم إليها حلفاؤها في الشرق الأوسط "اسرائيل والسعودية" لإحكام عملية السرقة من جميع جوانبها، وعلى هذا الاساس يتجه خبراء سعوديون واسرائيليون إلى مدينة دير الزور لبحث آلية "السرقة" وكيفية اخراج الحمولات من سوريا.
موقع سوري معارض قال إن شركة أرامكو النفطية السعودية تستعد للاستثمار في حقول النفط في الشمال السوري، الذي يسيطر عليه الأكراد. وذكرت شبكة "ديرالزور24"، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن بعثة رسمية للشركة وصلت إلى حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي.
وأشارت الشبكة إلى أنّ عملية الاستثمار ستتم عبر عقود توقعها أرامكو مع الحكومة الأمريكية، التي تسيطر قواتها على أغلبية حقول النفط والغاز شمال شرق سوريا.
أهمية "سرقة نفط الشرق الأوسط" لأمريكا
يمثل نفط منطقة الشرق الأوسط أهمية كبيرة للأمن القومي الأمريكي، وكان هذا جليا من خلال الحكومات الأمريكية المتعاقبة التي بذلت قصارى جهدها للحفاظ على امدادت النفط من الشرق الاوسط، وقامت بحروب ضروس وفرضت عقوبات على كل من لا يخضع لشروطها، حيث ان غالبية الدول الخليجية خضعت للارادة الأمريكية إلا أن دولا مثل سوريا وايران رفضتا الهيمنة الامريكية وهما تقاتلان بشراسة لمنع استغلال الأمريكيين لخيرات بلادهم حتى لو تم الغاء الاتفاق النووي الايراني عشرات المرات وتم فرض قانون "قيصر" على سوريا، لأن الكرامة والحرية ورفض التبعية هي ما تريده هذه الدول وليس اي شيء آخر.
بالمختصر تعد المحافظة على حقول النفط، وتأمين الإمدادات الأمريكية، ومسارات الطاقة العالمية، أمنا قوميا أمريكيا دائما متجددا في سياساتها، يحرص عليه كل رئيس أمريكي، ومنهم ترامب.
ولعل هذه الأهمية التي يحتلها النفط باعتباره موردا مهما هو أحد أدوات تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العالم عموما والشرق الأوسط خصوصا، وهذا يفسر تراجع ترامب في قراراته وإرساله قوات طوارئ صغيرة، مكونة من 200 جندي و30 دبابة من طراز أبرامز لحماية معمل "غاز كونيكو"، بالقرب من مدينة دير الزور، ومواقع نفطية أخرى؟
وحقيقة الأمر أن النفط يحظى بأهمية خاصة في صنع السياسة الخارجية الأمريكية، لأسباب تتجاوز دوره المتمثل في تأجيج الإرهاب؛ إذ يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد، ويعدُّ محورا مهما في تشكيل سياستها وفقا لأجندتها الخارجية، ويوضح "هال راندز"- أستاذ الدراسات الدولية بجامعة "جونز هوبكنز"- ذلك بقوله: "في الوقت الحالي، أصبحت أمريكا مرة أخرى مصدرًا للطاقة ومُنتجًا بديلا في سوق النفط العالمي"، إلا أنها تظل حساسة أمام تقلبات النفط العالمية، الناجمة عن التغيرات في العرض والطلب، ويضيف "براندز" مشيرًا إلى مدى أهمية السيطرة على حقول النفط بقوله: "إنه ما دامت دول الشرق الأوسط تحتفظ باحتياطيات ضخمة من موارد الطاقة التي تضفي ثروة هائلة وقوة على من يسيطر عليها، ستبقى الأهمية الاستراتيجية للشرق الأوسط وضرورة إبقائه بعيدًا عن أي قوى معادية".
يشار إلى أنّ الإدارة الأمريكية وعلى لسان رئيسها دونالد ترامب، صرحت مرارا خلال الأيام الماضية بأنها سوف تستثمر الثروات الباطنية في دير الزور والحسكة والرقة.
السعودية وسرقة النفط السوري
عندما لا تملك السعودية "قرارا مستقلا" فمن الطبيعي جداً أن ترضخ للإدارة الأمريكية وتنفذ كل ما تريده منها وبالتالي فإن ذهابها باتجاه سوريا والمساهمة في سرقتها لنفط دولة عربية يعد أمراً مستهجناً لكنه ليس مستغربا على الاطلاق من الادارة السعودية التي هاجمت اليمن 5 سنوات متتالية ودمرت بناها التحتية دون ان يرمش لها جفن، وبالتالي من فعل هذا الامر مع اليمن لماذا لا يفعله مع سوريا مع العلم أن الرياض كانت تتجه نحو اعادة العلاقات مع دمشق الا ان الادارة الامريكية على ما يبدو لم يعجبها هذا الامر لأن اتحاد السعودية مع سوريا لا يصب في مصلحة الادارة الامريكية، التي تسعى قدر المستطاع لاثارة الفوضى في الشرق الاوسط ومنع اي دولتين من التقارب لكسب جميع المعارك التي تخوضها هناك.
ما قد يفسر سبب منح المعارضة السورية ادارة ملف الحجاج السوريين واصدار التأشيرات عن طريق قوى المعارضة للمرة الثامنة على التوالي، وكذلك شهدت العاصمة السعودية، الرياض، الجمعة، اجتماعاً لممثلي المستقلين لقوى الثورة والمعارضة السورية، وذلك من أجل انتخاب ممثليهم الجدد في هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية للعام القادم.
من جهة أخرى نوه ناشطون "معارضون" الى أن الرغبة السعودية تأتي في استثمار الحقل كرد فعل على السياسة التركية المعادية لـ"قسد"، وبالتالي دعم الأخيرة سواء اقتصادياً أم عسكريا أم سياسياً ليس حباً بها، بقدر ما هو بسبب معاداة السعودية لتركيا، واتباعها سياسة "النكاية" بها، منذ تدهور العلاقة بينهما على خلفية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده بإسطنبول العام الماضي.
بالمختصر.. لا يزال من الواضح أن ترامب مفتون بتأمين النفط في الشرق الأوسط والسيطرة عليه عبر سرقته تحت اي ظرف كان، ولاتزال السلطات السعودية خاضعة بملء ارادتها للادارات الامريكية المتعاقبة دون ان تعير اي أمر آخر اهمية فقط من أجل بقاء آل سعود في السلطة.