الوقت- قالت وزارة الخارجية الهندية إن وزير الخارجية "سوبرامانيام جاي شانكار" سيتوجه إلى العاصمة الايرانية طهران يوم أمس الأحد في زيارة تستغرق يومين لحضور اجتماع اللجنة المشتركة التاسع عشر. يذكر أن الهند هي واحدة من شركاء إيران الرئيسيين الذين تعرضوا للعديد من الاختبارات المعقدة بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران ولهذا فإن زيارة وزير الخارجية الهندي إلى العاصمة الايرانية طهران تمثل فرصة جيدة للتفاوض بين الجانبين وإزالة الحواجز من اجل معاودة عملية تصدير النفط وذلك لان انخفاض منابع الطاقة للاقتصادات الناشئة والحديثة والكبيرة مثل الصين والهند له الكثير من النتائج السلبية على المستوى الاقتصادي والسياسي.
العلاقات التجارية بين إيران والهند
لطالما كانت لإيران والهند علاقات تاريخية وسياسية وثقافية طويلة الأمد وطيبة، وقبل إعادة الولايات المتحدة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، كان حجم التبادل التجاري بين إيران والهند يبلغ 15 مليار دولار سنوياً وكان ذلك يمثل اثنين في المئة من إجمالي التجارة الدولية للهند. يذكر أن الهند كانت ثاني أكبر مستورد للنفط الإيراني قبل فرض العقوبات، بعد الصين وكان يتراوح حجم صادرات إيران من النفط إلى الهند بين 300 و 450 ألف برميل يوميًا وكانت تشمل صادرات إيران إلى الهند النفط والأسمدة والمواد الكيميائية، وكانت تشمل صادرات الهند إلى إيران الحبوب والسكر والشاي والقهوة والتوابل والمواد الكيميائية العضوية. ولقد بلغت قيمة التجارة بين إيران والهند حوالي 12.9 مليار دولار بين عامي 2016- 2017، وفي عام 2018 ارتفعت تلك القيمة التجارية بين البلدين ووصلت إلى نحو 13.8 مليار دولار، حيث كان للنفط حصة كبيرة تبلغ حوالي 10 مليارات دولار، وهذا الامر أعطى إيران حصة 11 ٪ في سوق النفط الهندي.
وعقب انسحاب الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي وتهديده للعديد من دول العالم واجبارهم على عدم شراء النفط من إيران، قالت الهند في البداية إنها لن تمتثل للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران وفي ذلك الوقت أيضا أعلنت نيودلهي بأن لديها خطط لإبقاء وارداتها من النفط الإيراني عند مستوى الـ 300 ألف برميل يوميًا. الجدير بالذكر أن سوق النفط الإيراني، لديه الكثير من المزايا بالنسبة للهند، لأن الشركات الإيرانية تقدم ائتمانًا مدته 60 يومًا للشراء، في حين أن مزودي النفط الخام الآخرين مثل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لم يقدموا للهند مثل هذه الميزة.
العلاقات في ظل العقوبات
كانت الهند خلال الستة الاشهر من الإعفاءات النفطية التي منحتها الولايات المتحدة لعدد من الدول التي تقوم باستيراد النفط الايراني، تبحث عن قنوات جديدة لإستمرار التبادلات الاقتصادية مع إيران. وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن السفير الهندي لدى إيران "سوراب كومار" قام في عام 2017 أثناء حضوره لمعرض "نافذة الهند الجديدة بعد العقوبات"، بمناقشة التكتيكات المالية والتجارية التي تساعد على استمرار التجارة مع إيران وقام باستعراض طريقتين هامتين في المجال المصرفي: الأولى باستخدام آلية الروبية التي يديرها بنك "يوكو" الهندي لتسهيل عمليات التبادل التجاري مع إيران عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على طهران، وبحسب هذه الآلية لن تخضع أموال النفط الإيراني في هذا البنك للضرائب واقترح أيضًا استخدام آلية الروبية لتبادل السلع التجارية التي لم يتم فرض عقوبات عليها. والطريقة الثانية، هي استخدام نظام SPV التي كان من المقرر أن تبدأ الدول الاوروبية العمل به. ولقد تضمن هذا المؤتمر اقتراح مجموعة متنوعة من الطرق الأخرى لمواصلة التجارة مع إيران، مثل "الموافقة على التجارة التفضيلية"، "تسريع عملية تطوير ميناء تشابهار"، "تسهيل عملية صدور التأشيرات التجارية لرجال الاعمال في البلدين"، "تحديد آفاق أعمال تجارية جديدة تصل إلى 20 مليارات دولار" و "إنشاء بنك خاص إيراني في الهند".
الرؤية المستقبلية
عرضت الهند على طهران تبادل السلع بالسلع بعد رفع الإعفاءات النفطية وفي هذا الصدد، ركزت الهند على ميناء "تشابهار"، وذلك لأن الولايات المتحدة لم تفرض عقوبات اقتصادية على هذا الميناء الايراني وذلك من أجل تسهيل عملية نقل بعض السلع الهامة إلى أفغانستان. يذكر أن الهند غير قادرة على تصدير سلع إلى أفغانستان مثل القمح من طريق أخر غير هذا الميناء وذلك بسبب التوترات السياسية بينها وبين باكستان. وتبلغ سعة النقل الحالية لميناء "تشابهار" أكثر من مليوني طن، وقد تزيد إلى ثمانية ملايين ونصف طن إذا تم توسيع البنية التحتية لهذا الميناء الاستراتيجي. وفي هذا السياق، أكد سفير الهند لدى طهران في شهر مايو من هذا العام على الأهمية الاقتصادية التي يتمتع بها ميناء "شهيد بهشتي تشابهار" وقال: "من خلال توسيع عمليات التجارة من هذا الميناء، يمكننا تحسين مستوى العلاقات بين البلدين". لذا فإن أحد الأهداف الرئيسية لزيارة وزير الخارجية الهندي إلى طهران يتمثل في توسيع نطاق التجارة بين البلدين عبر ميناء "تشابهار".
وفي سياق متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأنه عُقد الاجتماع الثاني للجان التنفيذية لاتفاق "تشابهار" الثلاثي بين الهند وإيران وأفغانستان في نيودلهي يوم الجمعة الماضي قبل زيارة وزير الخارجية الهندي لإيران. وحول هذا السياق، قالت صحيفة "إنديان إكسبريس" في تقرير لها: "الحكومة الهندية ملتزمة باستثمار 500 مليون دولار لتطوير ميناء تشابهار بالإضافة إلى استثمار 1.5 مليار دولار لبناء سلسلة من الطرق والسكك الحديدية". ووفقا لبياناً صادراً عن الحكومة الهندية، فلقد وصل حوالي 500 ألف طن من البضائع بنجاح إلى ميناء تشابهار".
وفي السياق نفسه، ذكر العديد من الخبراء الاقتصاديين بأن الهند تبذل الكثير من الجهود لزيادة مستوى التجارة بينها وبين إيران في مجال السلع غير النفطية، ويبدو أن أحد أهداف وزير الخارجية الهندي الذي جاء للمشاركة في القمة الاقتصادية التاسعة عشرة، هو لتشجيع إيران على تعزيز التجارة غير النفطية معها. وفي الوقت الذي ينبغي على الهند القيام بتحسين الوضع التجاري الحالي الذي شهد خلال الفترة الماضية تدهوراً ملحوظاً بسبب انخفاض واردات النفط، نقلت بعض وسائل الإعلام الهندية عن مصدرين في يونيو الماضي قولهما: "أن الحكومة الهندية تسعى لإستئناف واردات النفط من إيران، على الرغم من أن الكمية محدودة". لذلك، فإن زيارة وزير الخارجية الهندي لطهران تمثل فرصة جيدة لإزالة الحواجز ومواصلة تصدير النفط الايراني إلى الهند، وذلك لأن الانخفاض الحاد في واردات النفط بالنسبة للاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند له الكثير من التداعيات السياسية السلبية. وفي الختام يمكن القول أن دور إيران في توفير الأمن لنقل وانتقال الطاقة في منطقة الخليج الفارسي، يتماشى مع المصالح المشتركة للهند، وهذا الامر يجعل إيران مصدرًا موثوقًا ومستقرًا للطاقة لهذا البلد.