قد يرى الرئيس الفلسطيني أن المقاومة خيار "غير صائب" حالياً، إلا أنه من المفترض عليه أن يقدم البديل المناسب الذي يضمن حماية شعب الضفّة من براثن الجيش والمستوطنين، ويعيد القدس لأبنائها الحقيقيين الذين بات محتماً عليهم أن يعانوا الأمرين إذاما فكّروا في زيارة قبلتهم الأولى، ناهيك عن المواجهات التي تشهدها ساحات الأقصى عند كل محاولة إقتحام من قبل المستوطنين المؤزرين بجيش الکيان الإسرائيلي وبناءاً على ذلك بدأ محمود عباس مفاوضاته مع الکيان سعياً منه لبناء الدولة الفلسطينية.
ومن بعض انجازاته على الصعيدين الفلسطيني والاسرائيلي:
الوضع الاقتصادي والاجتماعي:
لم يستطع محمود عباس وحكومته انجاز ما وعدوا به الفلسطينيين، حيث أثبتت الدراسات لعام 2015 الصادرة عن المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار) مواصلة الاقتصاد الفلسطيني في العام 2015 حالة التراجع والتدهور التي عاشها منذ العام 2014، إذ شهد انكماشا في حجم الناتج المحلي الإجمالي بلغت نسبته 0.37% ويرجع المصدر هذا الوضع الاقتصادي إلى التراجع في الناتج المحلي لقطاع غزة بنسبة 15.21% جراء العدوان الإسرائيلي في الصيف الماضي، كما لم يتم تعديل مسار تراجع النمو المتحقق في الضفة الغربية في العام نفسه، والذي وصل إلى 5.09% أما على الصعيد الاجتماعي فيعيش المواطن الفلسطيني حالة صعبة ومزرية جدا، وقد تبين أن حوالي 50% من الفلسطينيين هم فقراء ومن بينهم 15% لا يستطيعون تأمين حاجاتهم اليومية من لباس وطعام وغيرها من المواد الاساسية.
الوحدة الداخليّة:
استكمل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وضع اللمسات الأخيرة لإحكام سيطرته كلياً على "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير". حيث وجّه الدعوات إلى الأفراد والفصائل الذين يريد حضورهم، مستبعداً نواب حركة "حماس" في المجلس التشريعي، الذين هم وفق القانون الفلسطيني حكماً أعضاءٌ في "المجلس الوطني" للمنظمة، أي بمعنى أنه قام بكسر الوحدة الوطنية التي ولدت عام 2005. وقال القيادي بحرکة حماس موسى أبو مرزوق في هذا الصدد: "آذار من عام 2005 كان يوماً تاريخياً حينما باتت المنظمة وللمرة الأولى تجمع الفلسطينيين تحت مظلة واحدة، بشرط إعادة البناء وتحسين الأداء، لكن يوم 15 أيلول المقبل سيكون يوم تمزيق المظلة وفقدانها لشرعية التمثيل " .
الاستيطان:
لم يلتزم الجانب الإسرائيلي بتطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها وقف الاستيطان وكان آخرها في 30 تموز 2015 حيث أعلن رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 30 تموز أنه سمح ببناء 300 وحدة استيطانية فوراً في بيت إيل شمال رام الله في الضفة الغربية. كما أعلن نتنياهو أيضاً عن موافقته على مخطط لبناء أكثر من 500 وحدة استيطانية في القدس المحتلة وهي الى ازدياد، فماذا فعل عباس لوقف الإستيطان؟
الاعتداءات الاسرائيلية:
لم تتوقف الاعتداءات الاسرائيلية على قضم الاراضي وبناء المستوطنات بل تعدتها الى قتل الابرياء والاطفال ففي كل يوم هناك جنازة شهيد، وكان آخرها الطفل محمد المصري الذي استشهد بعدما أطلق جنود الکيان الإسرائيلي النار عليه قرب السياج الحدودي وقبله الرضيع الدوابشة الذي أحرق من قبل مستوطنين إسرائيليين. يضاف الى ذلك اقتحامات المسجد الاقصى المبارك والتي أصبحت شبه يومية وتدنيسه من قبل اليهود المتطرفين والجيش الاسرائيلي.
خلاصة القول، من الواضح أن رئيس السلطة الفلسطينية لم ولن يحقق شيئاً من المفاوضات بل على العكس أضرّت به، ويتعيّن عليه إتخاذ موقف إستراتيجي بترك المفاوضات واعادة احياء الانتفاضة الفلسطينية عبر اقتدائه برفقاء دربه من رجال المقاومة أمثال القيادي محمود العالول الذي قال يوما ما: "إن حركة فتح لم تتخل عن الكفاح المسلح كحق مشروع"، وأن يسير على نهج أسلافه أمثال فتحي الشقاقي ويحيى عياش وأحمد ياسين وأحمد الجعبري، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي لم يتنازل عن المقاومة رغم المفاوضات، وأن يتعلم من تجربة حزب الله اللبناني التي أثبتت أنها الأنجح لمواجهة التحديات الإسرائيلية.