الوقت- بالتزامن مع اقتراب موعد رفع العقوبات المفروضة على إيران فيما يتعلق بمجال الأسلحة العسكرية، سادت حالة من الذعر والتوتر داخل الأوساط ووسائل الإعلام الأمريكية وحول هذا السياق أعرب المبعوث الخاص الأمريكي "براين هوك" خلال كلمة ألقاها يوم الجمعة الماضي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عن مدى قلقه من رفع عقوبات حظر الأسلحة المفروضة على إيران.
يذكر أن "هوك" قال في رسالة فيديو نُشرت على صفحة موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية يوم السبت الماضي: "بعد عام آخر من اليوم، ستنتهي عقوبات الأسلحة التي فرضتها الأمم المتحدة على الحكومة الإيرانية، وستكون طهران قادرة على شراء وبيع العديد من الأسلحة المتطورة وستفتح سباق تسلح جديد في منطقة الشرق الأوسط".
وفي السياق ذاته، كشف المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، إن بلاده تسعى إلى اتفاق شامل مع إيران يشمل البرنامجين النووي والصاروخي.
مضيفاً بالقول: "إن أمريكا لا تسعى إلى أي مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران"، وحثّ على مقاربة أكثر جدية مع مسألة انتشار السلاح الإيراني.
ومن جهته لفت وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إلى أن حظر توريد الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران سينتهي خلال عام بسبب الاتفاق النووي المعيب، مشيراً إلى أن هناك دولاً ستصبح قادرة على بيع أسلحة متطورة لطهران.
وأضاف "بومبيو"، في سلسلة تغريدات عبر حسابه على موقع "تويتر" يوم الجمعة الماضي: إن النظام الإيراني سيصبح قادراً على بيع أسلحة لأي مكان.
وتابع قائلاً: "إذا كنتم قلقين بشأن سلوك إيران الحالي، تخيلوا ما قد تفعله إذا امتلكت صواريخ وطائرات مسيرة ودبابات متطورة.. يجب على مجلس الأمن تجديد حظر توريد الأسلحة المفروض على إيران".
إيران المنافس الجديد لعمالقة مبيعات الأسلحة في العالم
إن سوق السلاح هو واحد من أكبر الأسواق في العالم، كما تعدّ تجارة الأسلحة أكثر الأعمال ربحية وذلك لأن تجارة المعدات العسكرية ازدهرت خلال السنوات الماضية بشكل كبير.
وحول هذا السياق كشف معهد "ستوكهولم" لبحوث السلام، أن تجارة الأسلحة العالمية قد نمت بنسبة 7.8 في المئة خلال الفترة ما بين عامي 2014 وحتى 2018 ويرجع السبب في ذلك لتصدير العديد من شحنات الأسلحة العسكرية إلى منطقة الشرق الأوسط وبعض الدول الآسيوية.
يذكر أن أكبر الدول المصدرة للأسلحة هي أمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين على التوالي وقد شكلت هذه البلدان الخمسة مجتمعة حوالي 75 في المئة من جميع صادرات الأسلحة الدولية خلال السنوات الخمس الماضية، كما تشكل صادرات الأسلحة الأمريكية وحدها حوالي 36 في المئة من تجارة الأسلحة في العالم، وفي العقود التي تلت الثورة الإسلامية الإيرانية، قطعت طهران خطوات كبيرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال العسكري وذلك بسبب نشوب حرب بينها وبين العراق خلال فترة الثمانينات وحاجتها إلى معالجة أوجه القصور في العقوبات المفروضة على الأسلحة الغربية، ووفقاً لذلك، فإن أحد الأسباب الرئيسة لقلق المسؤولين الأمريكيين بشأن رفع العقوبات المفروضة على الأسلحة، هو دخول إيران إلى عالم تجارة الأسلحة في العالم.
وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس الإيراني "حسن روحاني" قبل عدة أسابيع، إنه إذا بقيت إيران في الاتفاق النووي لمدة عام آخر، فسيتم رفع العقوبات المفروضة على الأسلحة وستدخل إيران سوق تجارة الأسلحة العالمية.
وأشار إلى أن الاستعدادات لهذا الطريق قد تم إعدادها، وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الإيراني السابق "حسين دهقان" في عام 2017 خلال مراسم كشف النقاب عن خطوط إنتاج عدد من الصواريخ الجديدة، "هناك طلب كبير على الأسلحة والمنتجات العسكرية الإيرانية ولدى طهران القدرة على تصدير الكثير من الأسلحة المتطورة إلى الأسواق الخارجية".
يذكر أن الجمهورية الإسلامية تمكّنت خلال السنوات الماضية من صناعة وإنتاج وتطوير العديد من الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار التي تشكّل محور اهتمام المجتمع الدولي، وأنواعاً مختلفة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، بما في ذلك الطائرات الحربية والمروحيات وأنظمة الدفاع الصاروخية والأنظمة الإلكترونية والدبابات والصواريخ الموجّهة والقنابل والبنادق والعربات المدرعة والغواصات.
وحول هذا السياق، صرّح القادة العسكريون الإيرانيون مراراً وتكراراً على مدار العقد الماضي بأن إيران حققت الاكتفاء الذاتي في إنتاج مختلف الأسلحة والمعدات العسكرية، وأن إيران أثبتت ذلك من خلال إجراء العديد من المناورات العسكرية. هذه الحقيقة لفتت انتباه المراقبين الدوليين، حيث كشف "يوس روبن"، الأب الصاروخي لـ "إسرائيل"، لصحيفة "التايمز" الإسرائيلية مؤخراً، أن إيران قطعت شوطاً كبيراً في مجال تطوير مجموعة من الصواريخ الجديدة التي لم يسبق لها مثيل في أي بلد آخر.
احتراق بطاقات التهديدات الجوفاء
إن السبب الآخر الذي يجعل المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالقلق من انتهاء فترة حظر الأسلحة على إيران، يتمثّل في أن طهران سوف تصبح قادرة على إعادة بناء قواتها الجوية عن طريق شراء طائرات متطوّرة وذلك لأن سلاح الجو الإيراني الحالي يتكون بشكل أساسي من الطائرات التي تم شراؤها قبل اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية. في الحقيقة، منذ ما يقرب من أربعة عقود، بذلت القوات الإيرانية الكثير من الجهود للحفاظ على الأسطول القديم من المعدات الأمريكية الصنع التي تم الحصول عليها خلال عهد الشاه السابق لإيران.
وربما كان أحد الأسباب الرئيسة لتركيز إيران على صناعة الصواريخ في العقود الأخيرة هو قضية القيود الواسعة النطاق التي كانت مفروضة على القوات الجوية، وحول هذا السياق، أكد العميد "عبد الكريم بني طرفي"، رئيس وحدة الصناعات العسكرية التابعة للقوات المسلحة الايرانية، قبل عدة أسابيع بأن روسيا والصين تقدمتا باقتراحات لبيع طائرات مقاتلة لإيران، حيث قال: "لقد قدمت العديد من دول العالم اقتراحات لبيع طائرات مقاتلة لطهران ونحن لا نزال نتشاور حول هذه الصفقات ولكن لن يتحقق شيء قبل انتهاء فترة عقوبات الأسلحة المفروضة على ايران".
ومع ذلك، فلقد تمكّنت إيران خلال السنوات الماضية من الدخول إلى عالم صناعة وإنتاج وتطوير الطائرات الحربية، وبطبيعة الحال ومع رفع العقوبات المفروضة عليها، فإنها سوف تتمكن من شراء العديد من المقاتلات المتطورة، وسوف تتمكن أيضاً من التعاون مع العديد من بلدان العالم لتطوير الكثير من المقاتلات المتطورة داخل البلاد.