الوقت- كعادته، تطرّق السيد نصرالله في خطابه الأخير في ذكرى أسبوع العلّامة الراحل الشيخ حسين كوراني إلى آخر التطورات اللبنانية والإقليمية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
في الداخل أعاد توجيه البوصلة إلى الاتجاه الصحيح، سواءً فيما يتعلّق بالعملاء، أم بما يتعلّق بمسألة النازحين التي تُثقل كاهل اللبنانيين سياسياً واقتصادياً.
وأما في الخارج، فاستخدم السيّد نصر الله أسلوب النصيحة مع كل من السعوديّة والإمارات علّهم يضعون حدّاً لجرائمهم في اليمن.
الوضع الداخلي
في الشق الداخلي، رسم السيد نصرالله معادلته مشيراً إلى أن "وزير الدفاع الو طني الياس بو صعب قدّم معطيات مهمّة وتفصيليّة بشأن الاعتداء بالطائرات المسيّرة على الضاحية الجنوبية لبيروت، ونحن رفضنا أيّ معادلات وقواعد اشتباك جديدة، وسنبقى ملتزمين بهذه المعادلة".
كان تأكيد السيد نصرالله على هذا الأمر تذكيراً للحكومة الإسرائيلية المقبلة، كونه الخطاب الأوّل بعد الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة. أي إنّ رسالته لأي حكومة مقبلة أن لا تغيير في قواعد الردع.
داخلياً أيضاً، تطرّق السيد نصرالله إلى قضية العملاء بشكل عام بعد توقيف العميل الفاخوري، ليحذّر من أنّ أي تهاون مع هذا العميل الذي كان مسؤولاً عن معتقل الخيام، سيؤسس لمسار خطير ومنحرف بالتعاطي مع العملاء.
السيد نصرالله أكّد أن حزب الله حتى قبل التحرير كان يميّز ما بين العميل وعائلته، وشدّد على ضرورة محاكمة هؤلاء بسبب خيانتهم وتهمهم الثابتة التي لا جدل فيها، كما أشار إلى أنه لا يوجد شيء اسمه "مبعدون إلى إسرائيل بل هناك من هرب إلى إسرائيل، وهناك من غادروا الجنوب إلى بقية الأراضي اللبنانية ولم يتعاطَ أو يؤذيهم أحد، ومصطلح المبعدين مصطلح خطأ".
الملف الداخل الأخير الذي نال حظاً من خطاب السيد نصرالله ارتبط بعودة النازحين السوريين إلى منطقة القصير.
السيد نصرالله وفي إطار سياسة الحزب القائمة على تسهيل عودة النازحين السوريين الذين تحرّرت مناطقهم أكّد أن "حزب الله رتّب وضعه في القصير بما يتناسب مع عودة كاملة لأهالي المدينة، ولا مشكلة لديه في عودة النازحين السوريين إلى المنطقة".
ولفت إلى أنّ "التنسيق قائم مع الحكومة السورية لتأمين عودة النازحين إلى القصير"، موضحاً أنّ "ما تردد في السنوات الأخيرة عن تغيير ديموغرافي في سوريا لاسيما على الحدود هو مجرّد أكاذيب".
العدوان السعودي
على الصعيد الإقليمي، نال العدوان السعودي على اليمن واستهداف شركة "أرامكو في السعودية حصّةً الأسد من خطاب السيد نصرالله.
السيد نصرالله تأسّف على المعادلة التي ظهرت بشكل جليّ بعد الحادث والتي تحمل عنوان "النفط أغلى من الدماء"، ليوجّه النصيحة إلى السعودية والإمارات أنه "بدلاً من أن تنفق السعودية والإمارات أموالاً طائلة على شراء منظومات الدفاع الجوي، عليها إيقاف الحرب على اليمن".
نصيحة السيد نصرالله جاءت بعد مشاهد الذلّ الذي يتعرّض لها بعض الحكام الخليجيين حيث تعمد واشنطن معهم إلى استخدام سياسة الحلب، ولكن تبيّن لاحقاً أن هذه المنظومات والأسلحة التي تبيعها أمريكا لهذه الدول غير مجديّة، واختبار أرامكو الذي هزّ المنطقة وترك صدى وارتدادات مهمّة في العالم خير دليل على ذلك.
لم يعتد ابن سلمان وابن زايد على سماع النصيحة من أحد، فكيف إذا كان السيد نصرالله الذي كان الرافع الأكبر لمظلوميّة الشعب اليمني على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكن اليوم ثبُت وأكثر من أي وقت مضى، وبسبب صراحة ترامب ووقاحته أن أمريكا لن تخوض أي حرب ضد إيران انتصاراً للسعودية وانتقاماً للهجمات التي جرى اتهام إيران بشنها على منشأتي بقيق وحريص النفطيتين، دون تقديم أيّ دليل.
صحيح أن هذه الضربة قصمت ظهر النفط السعودي نصفين، ولكن حتّى لو أن الضربة أوقفت كل النفط السعودي، فلن يعمد ترامب سوى لحلب السعودية أكثر فأكثر، فهو قد قال بعد الهجوم أن بلاده لديها الكثير من النفط ولا تحتاج إلى نفط الشرق الأوسط.
فكل ما يهم الرئيس الأمريكي التاجر الحصول على أكبر قدر ممكن من المليارات من عوائدها النفطية، تحت ذريعة توفير الحماية لها، لكن هذه الحماية أيضاً لا تتعدى حدود التصريحات الإعلاميّة.
اللافت أن السيد نصرالله أشار إلى قوّة محور المقاومة، معتبراً أن الهجمات على أرامكو هي من مؤشرات هذه القوّة، وذلك بعد الضجّة الإعلامية التي عمدت واشنطن إلى إثارتها للتغطية على فشل منظوماتها الدفاعية بغية جرّ السعودي إلى الحرب مع إيران، ليقول: "أعيدوا النظر في حساباتكم والحرب على إيران ليست رهاناً لأنها ستدمّركم، أوقفوا الحرب بدل ذلّ أنفسكم والتعرّض لعملية حلْب جديدة من قبل إدارة ترامب".