الوقت- العلاقات الروسية والسورية التي تشكلت في العام 1970 من القرن الماضي واستمرت حتى يومنا هذا، تظهر الحاجة إليها اليوم اكثر فأكثر مع ازدياد التحديات المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة، فالقاعدة العسكرية في طرطوس من الساحل السوري والتي تشكل مصدر أمن واستقرار لسوريا كما المنطقة كانت مصدر تأدية خدمات لروسيا والتي تتطلع لدور في المنطقة، التحديات اليوم تتلخص بالجماعات الإرهابية من جهة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى خاصة بعد تكرار الضربات الجوية التي نفذها، وقد جاء تصريح الرئيس السوري في حوار مع قناة روسية في مارس الماضي من العام الحالي أنه بإمكان روسيا بناء قاعدة عسكرية قوية في سوريا، باعتبار أن روسيا تنتظر مثل هذا الطلب وأن دمشق ستوافق. وقد اعلنت روسيا خلال الأيام القليلة الماضية عن نيتها انشاء قاعدة عسكرية ثانية لها في سوريا في مدينة جبلة الساحلية لتضاف إلى قاعدة طرطوس البحرية. وبناء عليه فإن دمشق أبلغت موسكو عن موافقتها على إنشاء القاعدة التي ستكون أكثر تقدما وأهمية من قاعدة طرطوس وأن الخدمات التي ستؤديها لصالح القوات العسكرية الروسية ولصالح الجيش السوري ستكون أكثر تطورا من خدمات قاعدة طرطوس.
أهداف ودلالات
1- على الرغم من وجود قاعدة روسية في سوريا إلا أن مشروع انشاء القاعدة الجديدة في مدينة جبلة يحمل في طياته الكثير من الدلائل والأهداف، فقاعدة طرطوس بقيت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي بشكل رمزي بحت، حيث كانت تأتي إلى طرطوس كل ثمانية أشهر ورشة تصليح السفن العائمة التابعة لأسطول البحر الأسود. أما القاعدة المراد انشائها ستؤدي خدمات ومهمات لصالح القوات العسكرية الروسية ولصالح الجيش السوري ولن يقتصر دورها على الرمزية في وجودها. فهي تشكل بعدا عسكريا متقدما للقدرة العسكرية الروسية، إضافة إلى تقديمها خدمات استطلاعية لوجستية لصالح الجيش السوري.
2- في ظل وجود الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، وفي ظل حديث بعض الحكومات عن مشروع اسقاط النظام السوري والتهديدات الاسرائيلية المتكررة، تأتي الرسالة المشتركة من روسيا وسوريا بأن أمن سوريا خط أحمر، وأن لا مستقبل للجماعات التكفيرية الإجرامية في سوريا وبأن روسيا متمسكة وبعمق بتحالفها الاستراتيجي مع دمشق وأنها لن تقبل بسقوط نظام الرئيس الأسد تحت أي ظرف.
3- هذا الإتفاق حول مشروع انشاء قاعدة روسية يشير إلى احتمالية أن يتم في المستقبل القريب توسيع التبادلات العسكرية من قبل الجانبين، خاصة أن التحديات السورية تحتاج إلى مزيد من التسليح والإمكانات المتطورة التي تمكنها من مواجهة التحديات.
4- هذه القاعدة هي ضرورة لخلق نوع من التوازن خصوصا في هذه المرحلة، وروسيا كقوة عظمى يعتبر وجودها في المياه الدولية ضرورة لها خاصة في البحر الابيض المتوسط ويعتبر الساحل السوري المكان الأفضل لهذا الغرض، وكلما تعزز هذا الوجود في منطقتنا كلما كان أفضل بالنسبة للإستقرار مع الأخذ بعين الإعتبار الدور الذي تلعبه روسيا في استقرار المنطقة والعالم من خلال التوازن الذي تحدثه.