الوقت- يبدو أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وجد أن أسلوب عرّابه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ناجعٌ في الوصول إلى السلطة عبر إطلاق تصريحات مثيرة للجدل واستخدام أسلوب "الوقاحة السياسية" التي لم يشهدها العالم في أي وقت من الأوقات، والتي لا تعبّر عن أي دبلوماسية بل على العكس تشوّه صورة البلدان التي يحكمها هؤلاء وتضع شعوب هذه الدول تحت المساءلة، فكيف يمكن لهؤلاء الأشخاص العنصرين أن يصلوا إلى السلطة وبلادهم تعجّ بالمهاجرين وهم أنفسهم ليسوا من السكان الأصليين للدول التي يحكمونها.
جونسون ظهر خلال الفترة الماضية بأنه أكثر تطرفاً من ترامب، ويبدو أن هناك نزال بينهم من يكون أكثر تطرفاً من الآخر، فالاثنان أقدما على إطلاق تصريحات مسيئة للمهاجرين، وأعلنا رغبتهما بتشديد إجراءات الهجرة وتحجيم استقبال المهاجرين الجدد، والنأي بالبلاد عن محيطها الإقليمي من خلال سور المكسيك أو اتفاقية البريكسيت، فضلاً بالطبع عن سلاطة اللسان والتصريحات المثيرة للجدل، كل ذلك دعا ترامب نفسه للافتخار بتسمية البريطانيين لجونسون بـ"ترامب البريطاني".
رئيس الوزراء البريطاني يتعاطى مع المسلمين بشكل عنصري، حتى أن ظاهرة الإسلامفوبيا تنامت بشكل كبير في بريطانيا بعد وصوله إلى السلطة، حيث هاجم جونسون المسلمين في عدة مناسبات، وقالت منظمة بريطانية غير حكومية إن مقال بوريس جونسون رئيس الوزراء الحالي، الذي كتبه قبل نحو عام عن المرأة المسلمة التي ترتدي النقاب، تسبّب في ارتفاع حوادث الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) بالبلاد بنسبة 375%.
وذكرت منظمة "تيل ماما" المعنيَّة بمراقبة حوادث الإسلاموفوبيا، في تقريرها السنوي، أن هناك "واقعتين أحدثتا طفرة في حوادث كراهية الإسلام ببريطانيا خلال عام 2018".
وأشارت إلى أن الواقعة الأولى ترتبط بإطلاق حملة "يوم معاقبة المسلم" في 3 أبريل/نيسان 2018، حين شهدت شوارع بريطانيا 37 حادثاً "غير مسبوق" ذا صلة بظاهرة الإسلاموفوبيا.
وفي ذلك اليوم، تم إرسال رسائل تحمل مشاعر سلبية ضد الإسلام إلى عدد من المسلمين، وكذلك البرلمانيين المسلمين البارزين في بريطانيا.
أما الواقعة الثانية، والأكثر أهمية، حسب تصنيف منظمة "تيل ماما"، فتعود إلى كتابة جونسون مقالاً ضد المسلمات المنقّبات عندما كان في منصب وزير الخارجية.
ووصف جونسون، في أغسطس/آب 2018، المسلمات اللاتي يرتدين النقاب بأنهن يشبهن "صناديق البريد" و "لصوص البنوك".
ووفقاً للمنظمة البريطانية، أدّت تلك الواقعة إلى زيادة حوادث الإسلاموفوبيا من ثماني حالات في الأسبوع الذي سبق نشر المقال، إلى 38 بالأسبوع التالي لمقاله، واستهدفت 22 حادثة من أصل 28، النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب.
وفي السياق نفسه، خلص تقرير "تيل ماما" أيضاً إلى أن أغلبية حوادث الإسلاموفوبيا وقعت في الأماكن العامة؛ وهو ما يشير إلى أن المشاعر المعادية للمسلمين أصبحت "أكثر انتشاراً وتقبُّلاً".
وقبل عام مضى كان السياسي البريطاني بوريس جونسون يرى أنه من السخف التراجع عن تصريحاته التي شبّه فيها المسلمات المنقّبات بصناديق البريد ولصوص البنوك، واعتبر أن الاعتذار – الذي طالبه به قادة حزبه بمن فيهم رئيسة الوزراء تيريزا ماي التي خلفها جونسون– يعدّ استسلاماً للرجعيين.
وفي سلسلة من تصريحاته المعادية اعتبر جونسون أن الإسلام تسبّب في تخلّف العالم الإسلامي لقرون، لكنه قرّر الاعتذار الشهر الماضي حينما كان يسعى لكسب القاعدة الانتخابية أثناء مناظرة تلفزيونية، وقد كان لدى الرجل ما يتودد به للمسلمين حقاً بغض النظر عمّا إذا كان قد تراجع بالفعل عن وجهة نظره بشأنهم، إذ ذكر لهم ببساطة قصة جد والده "التركي المسلم الذي جاء إلى بريطانيا عام 1912 خوفاً على حياته، لأنه أدرك أنها منارة للكرم وترحّب بالمهاجرين من جميع أنحاء العالم".
النواب البريطانيون لم يصمتوا أمام هذه العنصرية والإهانات المتكررة للمسلمين، ومن بين هؤلاء النواب كان النائب البريطاني الهندي الاصل، تانمانجيت سينغ، الذي هاجم جونسون وطالبه بالاعتذار للمسلمين بعد تصريحاته العنصرية الساخرة وطالب بفتح تحقيق في تنامي "الإسلاموفوبيا" داخل حزب المحافظين.
وقال النائب إنه يعرف تماماً معنى أن يتم توجيه إهانات للمسلمات بسبب حجابهم، لأنه عانى سابقاً من التمييز على أساس الدين لكونه يرتدي عمامة السيخ.
وانتصر المغردون لسينغ وأيدوا كلامه ووجه مغرد التحية له قائلاً "تحية لذلك الرجل واضح من مظهره أنه سيخ لكنه يدافع عن المبادئ الإنسانية ويقف ضد العنصرية والشعبوية البغيضة وأشعر انه متسامح مع نفسه وفي قمة الصفاء النفسي، أمثال ذلك الرجل هم من يشيدون الحضارات والأخلاق والتسامح والمعرفة الحقيقية بمعنى المعتقد "المعتقد لله والوطن للجميع".
جونسون وأزمة البريكست
تلقّى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ضربةً جديدة السبت إثر استقالة وزيرة العمل والمعاشات آمبر رود من منصبها احتجاجاً على طريقة تعامله مع أزمة خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي.
وقالت رود في بيان "لا يمكنني أن أبقى في وقتٍ يُستبعَد محافظون جيّدون ومخلصون ومعتدلون"، في إشارة منها إلى قرار رئيس الوزراء إقالة 21 نائباً متمرّداً من الحزب المحافظ صوّتوا لمصلحة مشروع قانون إرجاء بريكست في مجلس العموم الثلاثاء.
تأتي استقالة وزيرة العمل بعد إعلان شقيق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون استقالته أيضاً من منصبه الوزاري والبرلماني.
وتلقى جونسون، هذا الأسبوع، هزائم متتالية في مجلس العموم (الغرفة الأولى للبرلمان)، حيث خسر الثلاثاء الأغلبية البرلمانية عقب "انشقاق" أحد النواب المحافظين، وانضمامه إلى حزب الديمقراطيين الليبراليين.
والأربعاء، وافق المجلس على مشروع قانون يمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، تلاه رفضه دعوة جونسون إجراء انتخابات مبكرة في 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قد فصل جونسون 21 شخصاً من حزبه في البرلمان.
حيث قرّر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، فصل 21 نائباً من الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين الذي يترأسه.
وأكد جونسون الخميس أنه يفضل "الموت داخل حفرة" على طلب إرجاء بريكست، مكرراً أن على بريطانيا أن تخرج من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الاول/اكتوبر ومجدداً دعوته إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
بالنسبة إلى بوريس جونسون فإن مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تكاد تكون مسألة حياة أو موت، حتى أنه اعتبر أن ذلك اليوم سيكون بمثابة يوم استقلال لبريطانيا، كما شبّه الاتحاد الأوروبي بمشروع هتلر النازي الذي أراد الحصول على دولة أوروبية موحدة.
الحماس الشديد لجونسون للخروج من الاتحاد الأوروبي، دفعه ذات مرة للرد بأسلوب صادم على الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حينما حذّر الأخير بريطانيا من عواقب الخروج، حيث قال «بوجو» إن أصول أوباما التي تعود إلى كينيا التي كانت مستعمرة بريطانيا جعلته يكره بريطانيا، ودائماً ما يدافع جونسون عن الاستعمار البريطاني لدول إفريقيا وخاصة أوغندا، رغم مطالبته بـ«استقلال» بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي.
ورأى الكاتب البريطاني جيمس بتلر في مقال نشرته «نيويورك تايمز» أن نهاية بريطانيا ستكون على يد جونسون، لا سيما وأنها تمرّ بأكبر تحدٍ في تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية، وهو الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأن بوريس سرعان ما سيكتشف أن البريكسيت ليس مزحة كما يعتقد.