الوقت- بالتزامن مع التوترات الحالية في الخليج الفارسي ومحاولات واشنطن لتشكيل تحالف ضد إيران على المستوى الدولي، يثير الإعلان عن إبرام الاتفاقية العسكرية الإيرانية الروسية بعد زيارة الأدميرال "خانزادي" قائد القوة البحرية لجيش الجمهورية الاسلامية الايرانية لموسكو دون إعطاء أي تفاصيل، موجةً من التحليلات والتكهنات حول أهداف وأبعاد عقد مثل هذه الاتفاقيات.
لقد اتخذ التعاون العسكري الإيراني الروسي أبعاداً أوسع من أي وقت مضى منذ الحرب السورية، ومع ذلك فإن اتفاق البلدين على إجراء مناورة مشتركة في المحيط الهندي ومضيق هرمز في المستقبل القريب والذي أعلنه الأدميرال خانزادي، قد يحدث تطوراً آخر في العلاقات العسكرية والسياسية بين البلدين.
في ظل هذه الظروف، ناقش "الوقت" الخبير في القضايا الروسية "شعيب بهمن" لدراسة الجوانب المختلفة لهذه القضية.
الوقت: كيف تقيّمون المستوى الحالي للتعاون العسكري بين إيران وروسيا؟ وما هو التغيير الذي سيحدثه هذا التوافق؟
شعيب بهمن: إن التعاون العسكري بين إيران وروسيا ليس بالأمر الجديد، بل إنه متجذّر في العلاقات بين البلدين قبل انهيار الاتحاد السوفيتي بسنوات.
في السنوات الأخيرة أيضاً، كانت إيران من زبائن الأسلحة الروسية، واشترت جزءاً من احتياجاتها من الأسلحة من موسكو.
وكانت هناك مناقشات حول الصفقات العسكرية بين إيران وروسيا في السنوات الأخيرة، وخلال العقود القليلة الماضية، كانت إيران تتعرض لعقوبات من الدول الغربية، وخاصةً أمريكا، وكان على طهران اللجوء إلى روسيا.
من ناحية أخرى، كان الروس يتابعون صادرات الأسلحة في السنوات الأخيرة بشكل جاد، ويعتبرون إيران سوقاً مواتيةً. مع ذلك، فإن العلاقات العسكرية بين البلدين لم تقتصر على مبيعات الأسلحة فحسب، وكمثال على ذلك، يمكن أن نذكر تعاون البلدين في مكافحة الإرهاب كهدف مشترك.
لقد أصبحت الحرب ضد الإرهاب في سوريا عاملاً في حدوث مستوى واسع النطاق من التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين لأول مرة في تاريخهما.
وبالنظر إلى نجاح التعاون العسكري بين البلدين في سوريا، يبحث الجانبان عن توسيع علاقاتهما في المجالات الأخرى أيضاً، ويأتي التوقيع على الاتفاقية الجديدة بين البلدين في نفس السياق أيضاً.
الوقت: ما هي الأسباب والضرورات التي تدفع الجانبين نحو هذه الاتفاقية؟
شعيب بهمن: لقد واجهت إيران وروسيا تحدياتٍ مشتركةً نسبياً في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال، كان كلا البلدين عرضةً للتهديد من قبل الجماعات الإرهابية، وتحركات الدول الغربية من حولهما قد خلقت لديهما شعوراً مشتركاً بالتهديد، وهي تطورات تعكس الجهود الأوروبية والأمريكية لزيادة النفوذ في القوقاز وغرب آسيا وآسيا الوسطى، وقد وفّر وجود هذه التهديدات الأساس للتعاون المشترك بين طهران وموسكو.
لذلك، يمكن قراءة ودراسة وجود تهديدات مشتركة بين البلدين كواحدة من أهم أسس التعاون بين البلدين.
حيث اتخذ البلدان مواقف مشتركة ومتناسقة في بعض القضايا الإقليمية والدولية، وبشكل عام، مهّد وجود تهديدات مشتركة وأهداف منسجمة الطريق لتوقيع الجانبين على اتفاقيات عسكرية وأمنية مشتركة.
الوقت: كيف تقيّمون أهداف إيران من التعاون العسكري مع روسيا في الخليج الفارسي؟
شعيب بهمن: بينما تسعى الدول الغربية وخاصةً أمريكا وبريطانيا، إلى بناء تحالفات عسكرية في منطقة الخليج الفارسي، ويتحدثون عن بناء تحالفات وعدد قواتهم العسكرية، يجب أن يضعوا في الاعتبار أن إيران لديها العديد من الخيارات لمواجهة هذه الخطة.
وعلى الرغم من الاعتراف بإيران كموفر رئيس للأمن في الخليج الفارسي في السنوات الأخيرة، ومن المرجّح أنها ستفعل ذلك الآن وفي المستقبل أيضاً، فإن تعاون إيران مع دولة مثل روسيا يمكن أن يقدّم رسالةً واضحةً إلى الدول الغربية وخاصةً واشنطن ولندن.
لذلك، فإن التدريبات العسكرية بين طهران وموسكو في الخليج الفارسي هي رسالة خطيرة للغربيين، بأنه يجب أن يمتنعوا عن عسكرة المنطقة ويتجنّبوا التدخل في نظامها الأمني.
في الواقع، تنقل إيران رسالةً للغرب مفادها أنه إذا أرادوا التحرك نحو تدخل متزايد في المنطقة، فسيكون لإيران العديد من الخيارات أيضاً، وأهمها تعريف التعاون مع روسيا في الخليج الفارسي.
الوقت: ما هي مصالح روسيا في هذه المعاهدة العسكرية وحضورها في الخليج الفارسي؟
شعيب بهمن: كان للروس تاريخياً مصالح كبيرة في الخليج الفارسي، فمن ناحية، لديهم علاقات تقليدية مع دول المنطقة، ومن ناحية أخرى، تعدّ منطقة الخليج الفارسي واحدة من أهم ممرات الطاقة لدول العالم.
ونتيجةً لذلك، تتمتع هذه المنطقة بأهمية اقتصادية كبيرة. كذلك تعدّ منطقة الخليج الفارسي أحد مراكز القوة الرئيسة في العالم من الناحية الجيوسياسية.
وبالنظر إلى هيمنة المنطق الجيوسياسي على السياسة الخارجية لروسيا، فلا يمكنهم تجاهل الوجود في منطقة مهمة مثل الخليج الفارسي.
لذلك، كان الخليج الفارسي دائماً جذّاباً لروسيا، وقد سعت موسكو إلى زيادة التعاون مع دول المنطقة.
وبالنظر إلى أن معظم الدول جنوب الخليج الفارسي حلفاء لأمريكا، ولواشنطن قواعد عسكرية في هذه البلدان، فإن الخيار الأفضل للروس هو التعاون العسكري مع إيران في هذه المنطقة.
الوقت: كيف سيكون تأثير التحالف العسكري بين طهران وموسكو على المسار العام للعلاقات بين البلدين، والتطورات في منطقة الخليج الفارسي، والظروف المستقبلية لمنطقة غرب آسيا؟
شعيب بهمن: في مجال العلاقات الثنائية، يمكن أن يؤدي التعاون الإيراني - الروسي الجديد في الخليج الفارسي إلى تعاون أوسع وأكثر استدامةً.
من ناحية أخرى، يمكن أن يمتد التعاون العسكري والأمني بين البلدين ليشمل ملفات أخرى في المنطقة، لذلك، يمكن لهذا التعاون العسكري أن يتخطى منطقة الخليج الفارسي وأن تكون له آثار عميقة على المعادلات الدولية.
من جهة أخرى، يمكن أن يمتد التعاون بين الطرفين في الخليج الفارسي ليشمل جميع الأبعاد الأخرى.
وفيما يتعلق بالتطورات الإقليمية، فإن وجود روسيا في الخليج الفارسي يمكن أن يؤثّر على تطورات منطقة الخليج الفارسي، بسبب خطتها الجديدة لإيجاد أمن جماعي في المنطقة، على أساس أن الأمن الإقليمي يجب توفيره من قبل دول الإقليم نفسها.
نتيجةً لذلك، تتماشى هذه الخطة مع مقاربة إيران حيال أمن الخليج الفارسي.