الوقت - أعدم نظام آل خليفة في جريمة جديدة معارضين اثنين هما "أحمد الملالي" و"علي العرب" بذريعة الإرهاب الكاذبة.
ووفقاً لوكالة الأنباء الرسمية لنظام آل خليفة، فقد اتُهم المعارضان بقتل شرطيين وجرح آخر والتواصل مع إيران، كما أعدم شخص آخر بتهمة قتل إمام مسجد، ووفقاً للتقرير، فقد تم إطلاق النار على هؤلاء الثلاثة بحضور قاضٍ، ولم يتم بعد الكشف عن هوية الشخص الثالث الذي أعدم.
أحمد الحمادي، المحامي العام لنظام آل خليفة، قال إن هذه الأحكام دخلت حيز التنفيذ بعد موافقة محكمة الاستئناف عليها، ورُفضت الاعتراضات التي أثارها المتهمون أيضاً، وفي النهاية تم تأييد أحكام الإعدام الصادرة بحقهم.
افتعال الملفات مع التعذيب.. الإعدام لجريمة لم ترتكب
لقد نُفِّذت عمليات الإعدام هذه في وقت تكثّفت فيه خلال الأيام الماضية مطالبات الأوساط المحلية والدولية من نظام آل خليفة لوقف تنفيذ عمليات الإعدام غير القانونية هذه، لأنها كانت تعلم أن اعترافات المتهمين قد انتزعت تحت وطأة التعذيب، وهي غير مثبتة بأي حال من الأحوال في محاكم عادلة.
تقارير دولية نشرت مؤخراً تفاصيل عن التعذيب الفظيع الذي تعرّض له الشابان البحرينيان المعروفان باسم معتقلي التعذيب، حيث تعرّضا للتعذيب بالصدمات الكهربائية والضرب المتواصل والحرمان من النوم والحبس الانفرادي.
"باقر درويش" رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، قال يوم الأربعاء 2 أغسطس، أي قبل أيام قليلة من تنفيذ الإعدامات: إن التعذيب يشكّل ركناً أساسياً في أغلب الانتهاكات والتجاوزات في البحرين، بحيث يشيد النظام البحريني بقوات الأمن بسبب تعذيب المعارضين، ويفتخر بممارسة التعذيب الذي أصبح من اهتماماته. وأضاف: منذ عام 2011 ، حققت في 21 نوعاً من سوء المعاملة والتعذيب داخل سجون البحرين، وتم تسجيل 791 حالة تعذيب وسوء معاملة في سجون هذا النظام.
وتابع: إن السلطات البحرينية تمنع محاكمة مرتكبي التعذيب ودعاة التخويف والإرهاب والتهديدات في البحرين.
في هذا السياق أعلن "أغنيس كالامارد" المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي الأسبوع الماضي: "يجب على السلطات البحرينية أن توقف على الفور إعدام هذين الشابين وإلغاء أحكام الإعدام بحقهم، وضمان إعادة محاكمتهما على أساس القوانين والمعايير الدولية".
كما دعت منظمة العفو الدولية السلطات البحرينية إلى "وقف تنفيذ عمليات الإعدام الوشيكة بحق هذين الشخصين اللذين أدينا خلال محاكمة جماعية وقاسية للغاية بعد تعذيبهما".
وقالت منظمة العفو الدولية في هذا البيان إنه "على البحرين أن توقف فوراً إعدام المواطنين"، حيث من المحتمل أن يلقى هذان الشخصان حتفهما خلال الـ 24 ساعة القادمة، ويجب على حلفاء البحرين وخاصةً أمريكا وبريطانيا، أن يطلبوا من السلطات بحزم إيقاف تنفيذ الإعدامات".
كما أعلنت المنظمة أن قمع حرية التعبير في البحرين لا يزال واسع الانتشار.
في الوقت نفسه، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن حكم الإعدام الصادر ضد عرب والملالي قد تم في محاكمة جماعية قد انتُزعت فيها اعترافات إجبارية، مضيفةً إنه ينبغي على عاهل البحرين تصحيح هذا الخطأ فوراً من خلال وقف إعدامهما.
وفي وقت سابق، أعربت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة "ميشيل باشيليت" عن قلقها إزاء المحاكمة الجماعية وغير العادلة لعدد من السجناء في البحرين.
في السياق نفسه، تجمّع عدد من نشطاء المجتمع المدني وأعضاء من جماعات المعارضة البحرينية مساء يوم الجمعة الماضي أمام السفارة البحرينية في لندن، احتجاجاً على أحكام الإعدام الصادرة بحق اثنين من النشطاء السياسيين في البحرين ومواصلة الإجراءات القمعية لهذا النظام.
وحمل المشاركون في الاحتجاج صورة "علي محمد حكيم العرب" و"أحمد عيسى أحمد الملالي"، وطالبوا بالإفراج عنهما، كما أدانوا قمع النظام وانتهاكاته لحقوق الإنسان، وطالبوا المجتمع الدولي بمعالجة هذه القضية.
ودعا المحتجّون المجتمع الدولي إلى إجبار النظام البحريني من خلال ممارسة الضغط عليه، على وضع حدّ لتعذيب المعتقلين في السجون وإعدام الناشطين السياسيين في أقرب وقت ممكن، كما حثّوا الحكومة البريطانية على التوقف عن دعم نظام آل خليفة القمعي.
وردّاً على عمليات الإعدام هذه، أدانت حركة الوفاق البحرينية، وهي حزب المعارضة الرئيس في البحرين، حكم الإعدام الصادر بحق المتهمين، مؤكدةً على قضية تعذيب هؤلاء الأفراد في قبول التهم الموجهة إليهم.
وأعلنت الحركة على موقع "تويتر" أنه تم إعدام علي العرب وأحمد الملالي بعد تأييد عقوبة الإعدام القاسية بحقهما من قبل الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة.
وأكدت أن نظام آل خليفة قد رفض جميع المطالب الدولية بعدم إعدام هؤلاء الأفراد بسبب تعذيبهم الوحشي وانتهاكاتهم غير الأخلاقية لانتزاع الاعتراف.
إثبات الافتعال المنهجي للأكاذيب ضد المعارضين
منذ عام 2011، عندما بدأت حكومة آل خليفة بقمع الحركة الثورية السلمية للشعب البحريني، بمساعدة النظام السعودي والضوء الأخضر الغربي والأمريكي، دأبت الحكومة البحرينية على تبرير أعمالها القمعية والإجرامية ضد مطالب الشعب بطرق مختلفة، من خلال الطعن في هوية ومطالب وأفعال المعارضين في وسائل الإعلام.
في هذا الصدد، كشفت شبكة الجزيرة الإخبارية الأسبوع الماضي في برنامج "ما خفي أعظم" عن الإجراءات الخداعية لنظام آل خليفة أثناء قمع المعارضين في دوار اللؤلؤة عام 2011.
وبثّ البرنامج مقابلةً مع "ياسر شملان الجلاهمة" العقيد في قوات الأمن البحرينية، الذي كان قائد كتيبة أمنية خلال قمع الاحتجاجات في دوار اللؤلؤة في المنامة عام 2011، حيث أكد أن الاحتجاجات شهدت مقتل عدد من المحتجين وقوات الأمن البحرينية.
وتابع العقيد الذي غادر البحرين عام 2013، أن العناصر الأمنية في البحرين قد أعطتهم معلومات خاطئة بأن المتظاهرين كانوا مسلحين وزرعوا الألغام في الطرق.
وقد أدّى ذلك إلى قيام كتيبته المكونة من 700 جندي ومركبات مدرعة بالتصدي للناس، ولكن أصبح من الواضح لاحقاً أن المتظاهرين كانوا غير مسلحين ولم يظهروا أي مقاومة مسلحة. وأعلن أن الأسلحة التي عرضها التلفزيون البحريني والتي زعم أنها قد ضبطت من المتظاهرين، وضعتها قوات الأمن في موقع الاحتجاج، وأخذتها بعد تصويرها.
كما استضاف البرنامج التلفزيوني "جون كيرياكو" الرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، حيث أكد أن نظام البحرين كان يحاول بث الفرقة في صفوف معارضيه، لكنه فشل.
تكثيف حملات القمع
في حين أن الأجواء الاجتماعية والسياسية في البحرين كانت خانقةً دائماً خلال السنوات التي تلت ثورة 2011 غير المكتملة، إلا أن عمليات إعدام هؤلاء الشبان البحرينيين الثلاثة، بالإضافة إلى زيادة عمليات الاعتقال والأوامر بإلغاء الجنسية، تشير إلى تصعيد حملات القمع.
ووفقاً لبيان أصدره مركز البحرين لحقوق الإنسان، فقد تم اعتقال 261 بحرينياً، بينهم 23 طفلاً، على أيدي قوات الأمن خلال الفترة من يناير إلى يونيو من هذا العام.
وتابع المركز أن خطر الانتقام من المعارضين البحرينيين قد زاد في عام 2019، وحثّ المجتمع الدولي على ممارسة الضغط على النظام البحريني لوقف العنف ضد معارضيه.
ووفقاً للمركز، ففي النصف الأول من هذا العام (2019)، تم تجريد 334 مواطناً من جنسيتهم من قبل نظام آل خليفة، حيث بدأ النظام البحريني بسحب الجنسية عن معارضيه منذ عام 2012، ووفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، يقدّر عدد المواطنين البحرينيين المجردين من جنسيتهم بـ 990.
ولكن في نفس الوقت الذي تصاعدت فيه حملة القمع المحلية، فإن ممارسة الضغوط على النشطاء السياسيين البحرينيين خارج البلاد، مدرجة على جدول أعمال نظام آل خليفة أيضاً، بحيث منع موظفو السفارة البحرينية في لندن في الخامس من مايو الناشط البحريني "موسی عبد علي" من مغادرة مبنى السفارة، وأرادوا إلقاء القبض عليه، لكن قوات الشرطة البريطانية قد أنقذته من خلال مهاجمة مبنى السفارة.
على أي حال، من الواضح أن الضغط المتزايد يعني خوف نظام آل خليفة من تكثيف حركة الاحتجاج الشعبية، والتي ستزيد من سقوط النظام في مستنقع أخطائه.