الوقت- يبدو أن أمريكا مع جنون العظمة الذي لحق بها وبجنودها، بدأت تتبنى نظرية "قتل كل ما يتحرك" في منطقة الشرق الأوسط، نظراً للأمراض والعقد الفوقية الجمعية التي تجعلهم يشعرون بأن لهم الحق بالسيطرة على جميع أرجاء العالم، وبأن على الدول الأخرى إطاعتهم وإلا سيكون الدمار نصيبهم، وهذا ما شاهدناه في العراق وأفغانستان وحتى فيتنام وغيرها من الدول التي غزتها أمريكا.
جنون الأمريكيين أوصلهم لدرجة أنهم يعتبرون أي دول غير حليفة لهم ولا تسير على خطاهم، هي دولة "مارقة" والأنكى من هذا أنهم يأتون إلى هذه الدول على حصان "الديمقراطية المطاط".
هذه الديمقراطية هي نفسها من سمحت لجنود أمريكا بانتهاك حرمة الشعوب وقتل المدنيين والتنكيل بهم واغتصاب النساء، ووصلت الوقاحة بالإدارة الأمريكية لتبرئة هؤلاء الجنود من جرائم القتل، وهذا أمر لا نستغربه على اعتبار أن النظام القائم في أمريكا مجرم برمّته.
أليس من المعيب أنه تم في ختام محكمة عسكرية في سان دييجو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، قبل يومين، تبرئة ضابط صف في القوات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية (نيفي سيلز) من تهمة قتل فتى أسير كان مصاباً في ساقه خلال مهمة في العراق في 2017، بعد محاكمة استمرت اسبوعين.
يحمل القاتل اسم، إدوارد جالاجر، 40 عاماً، قام هذا المجرم بالتقاط صورة جماعية مع جنود آخرين قرب جثة الفتى العراقي. ودافع وكلاء الدفاع عن ضابط الصف بأن موكّلهم أراد من وراء التقاط هذه الصورة الجماعية تعزيز روح الفريق وتوطيد الصداقة بين عناصر وحدته، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وأفاد تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن جالاجر كان يتفاخر أمام عناصر وحدته بعدد الأشخاص الذين قتلهم بمن فيهم نساء، وكانت مجموعة من البرلمانيين أطلقت حملة من أجل إطلاق سراح جالاجر، رفعت شبكة "فوكس نيوز" التلفزيونية المحافظة لواءها، كما دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خط هذه القضية، ملمّحاً إلى إمكانية إصدار عفو رئاسي عن العسكري إذا ما أدانه القضاء.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو من يسمح للجنود الأمريكيين بممارسة هذه الانتهاكات من خلال "نرجسيته المريضة" التي تحلل قتل بقية الشعوب واعتبارهم أقل مستوى من أي مواطن أمريكي، واستنهض قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالعفو عن الضابط السابق في الجيش برتبة ملازم، مايكل بيهينا، الذي قضى خمس سنوات في السجن لإدانته بقتل سجين عراقي في عام 2008، ذكريات الحرب على العراق والفظائع التي ارتكبها الجنود الأمريكيون، من دون أن يحاكموا داخل العراق بسبب تمتّعهم بالحصانة، حتى إن ترامب كان مستعداً للتدخل والالتفاف على القضاء وتبرئة المتهمين في حال أدينوا بقتل مدنيين.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طلب إعداد ملفات بشأن العفو عن العديد من العسكريين الأمريكيين المتهمين أو المدانين بارتكاب جرائم حرب بما في ذلك عسكري من المقرر محاكمته بتهمة إطلاق النار على مدنيين عزل أثناء خدمته بالعراق.
الجرائم الأمريكية لا تعدّ ولا تحصى في كل من العراق وأفغانستان، صحيح أننا ذكرنا أمثلة لجرائم هؤلاء على شكل حالات فريدة، لكن هناك جرائم جماعية لا يمكن تصوّرها شاهدناها في سجون أبو غريب وغيرها من الأماكن الأخرى، وحتى اللحظة تسبّبت واشنطن بمقتل أكثر من 1.7 مليون مدني عراقي نصفهم من الأطفال، كانت قد بدأت قبل ذلك بفرض عقوبات في فترة التسعينيات قبل أن تدمّر المجتمع المدني العراقي بغزوها غير الشرعي عام 2003 الذي أزهق مئات آلاف الأرواح وأدّى إلى نشوب حرب أهلية وولادة تنظيم "داعش"، ويعدّ هذا جزءاً بسيطاً من الكابوس الذي ألحقته أمريكا بشعب العراق.
ويقول سكوت ريتر - مفتش الأسلحة السابق في الأمم المتحدة -: "تكمن السخرية في أننا غزونا العراق من أجل تدمير أسلحة الدمار الشامل التي لا وجود لها، وللقيام بذلك، استخدمنا أسلحة جديدة تسبّبت في خسائر إشعاعية".
وهناك جندي أمريكي يقيم في فرنسا خدم في الجيش الأمريكي 18 عاماً، الجندي الأمريكي يحمل اسم "جيمي ماسي" ألّف كتاب تحت عنوان (اقتل.. اقتل)، ومهمة الجندي كما يقول ماسي لم تكن تعني بأي حال من الأحوال الدفاع عن شرف الأمة الأمريكية، بل النيل من شرف الأمم الأخرى.
الطائرة المدنية الإيرانية
جرائم الأمريكيين في منطقة الشرق الأوسط ليس لها حدود، فقبل 31 عاماً وفي يوم 3 تموز من عام 1988 بالتحديد، قامت السفينة الحربية الأمريكية التي تحمل اسم "يو إس إس وينسس" بإسقاط طائرة ركّاب مدنية إيرانية ما أدّى إلى مقتل 290 راكباً بينهم 66 طفلاً و16 شخصاً من أفراد الطاقم.
وبررت واشنطن استهداف هذه الطائرة بأن طاقم السفينة حدد طائرة "إيرباص" المدنية، على أنها المقاتلة الإيرانية "إف-14"، وبرر البحارة فعلتهم بأن طاقم الطائرة لم يستجب إلى المطالب المتكررة بتغيير المسار، لكنهم أخفوا حقيقة محاولة الاتصال مع الطائرة المدنية عبر تردد لاسلكي عسكري، غير مألوف للطائرة.
وما زالت الحكومة الأمريكية حتى الآن لا تعترف بأي مخالفات من جانب طاقم الطراد "فينسينز"، ولم يتحمل أحد من البحارة مسؤولية إسقاط طائرة الركاب، وعلاوة على ذلك، فقد تم تكريم الطاقم لتنفيذ المهام القتالية بصحة ودقة.
وأعرب البيت الأبيض، حينها عن تعازيه بصدد الكارثة، لكن الرئيس الأمريكي رونالد ريغان وصف قتل نحو 300 شخص بـ"الإجراءات الدفاعية الضرورية".
ومن شدة وقاحة أمريكا وفي عام 1990، مُنح لويليام روجرز القائد الذي أسقط الطائرة الإيرانية، وسام الاستحقاق الأمريكي، بسبب حسن تصرفه وتنفيذ خدمات متميزة في فترة توليه المسؤولية في وينسس بين أبريل 1987 ومايو 1989 وفي مراسم احتفال منح الوسام إليه لم تتم الإشارة إلى حادثة إسقاط رحلة رقم 655.
وعادة يمنح هذا الوسام في أمريكا إلى أفراد القوات النظامية عن جدارتهم للسلوكيات الاستثنائية في أداء الخدمات المتميزة والإنجازات المبهرة.