الوقت- قام الشيخ "تميم بن حمد" أمير دولة قطر يوم السبت الماضي بزيارة رسمية إلى العاصمة الباكستانية "اسلام أباد" وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن رئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان" كان في مقدمة مستقبلي الشيخ "تميم بن حمد".
ولفتت تلك المصادر إلى أن أمير دولة قطر الشيخ "تميم بن حمد" ورئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان" ناقشا خلال اليومين الماضيين سبل ووسائل بناء شراكة اقتصادية قوية ومتبادلة المنفعة، كما جرت أيضاً مناقشة تعزيز العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين البلدين.
يذكر أن هذه الزيارة القطرية لإسلام أباد، لها الكثير من الأهمية وذلك لأن السعودية وبعض دول المنطقة فرضت قبل عدة سنوات حصاراً اقتصادياً وسياسياً خانقاً على الدوحة.
وهنا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، ما هي المكانة التي تحتلها باكستان في سلّم السياسة الخارجية القطرية؟، ومن ناحية أخرى، ما هي الأهداف التي يسعى الشيخ "تميم" لتحقيقها من زيارته لإسلام أباد؟.
موقع باكستان على إحداثيات الدول العربية السياسية
تعتبر باكستان ثاني أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان ويحتل جيشها المرتبة 17 عالمياً، ولهذا فلقد وجّهت العديد من الدول العربية أنظارها نحو هذه الدولة القوية التي تتمتع بثقل كبير في المنطقة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاحتياط النقدي لباكستان يبلغ تقريباً 8 مليارات دولار فقط، ولهذا فإن القادة والمسؤولين الباكستانيين يبذلون الكثير من الجهود لاستقطاب المساعدات الخارجية، وهنا استغلت السعودية هذه النقطة وقامت بتقديم الكثير من الدعم المالي للحكومة الباكستانية خلال السنوات الماضية للحفاظ على نفوذها الاستراتيجي مع باكستان وإجبار القادة الباكستانيين على إرسال المزيد من القوات العسكرية الباكستانية لتنفيذ بعض العمليات العسكرية القذرة في المنطقة لمصلحة السعودية والترويج للإيديولوجية الوهابية لخلق عمق استراتيجي سعودي في المنطقة أو لتوجيه ضربة موجعة ضد منافسي الرياض، وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الرياض أنشأت عام 2006، 12153 مركزاً لتعزيز السلفية في باكستان.
وفي وقت مبكر من عام 2019، أثناء قيام "ابن زياد" بزيارة إلى إسلام أباد، وعد بتقديم مساعدة مالية بقيمة 6 مليارات دولار للاقتصاد الباكستاني، ثم بعد ذلك أعلن "ابن سلمان" عن استثمارات تقدّر بنحو 8 مليارات دولار في مصافي نفط "جوادار" الباكستاني وتقديم 10 مليارات دولار كمساعدات لمعالجة الأزمة الاقتصادية الباكستانية.
العلاقات القطرية الباكستانية
تتقاسم باكستان علاقات دافئة وودية مع دولة قطر، وكلا البلدين تتمتعان بعلاقات أخوية متميزة، وهناك حاجة إلى تعزيز هذه العلاقات من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، كما يوجد بينهما اتفاق كامل على الشؤون الإقليمية والعالمية.
كما تولي باكستان أهمية بالغة لعلاقاتها مع دولة قطر بوصفها تتماثل الثقافة والدين لكلا البلدين، ولقد ساهمت اتفاقية توريد الغاز الطبيعي المسال من دولة قطر في ارتفاع حجم التبادل التجاري بين دولة قطر وباكستان، وأبرز القطاعات الرئيسية الخمسة للاستثمار المتبادل بين البلدين هي الأعمال المصرفية والتأمين وقطاع الخدمات بما في ذلك السياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والنفط والغاز. والاستثمار الباكستاني في دولة قطر بشكل رئيس هي في قطاعات العقارات، وآلات البناء، وصناعة الخدمات التقنية.
قطر اليوم تعمل على تحقيق علاقات خارجية مستدامة من خلال التأكيد على هويتها كشريك موثوق به يعمل على تعزيز مصالح طرفي العلاقة دون إملاءات أو استغلال سياسي للشراكات الاقتصادية أو الجهود التنموية، وبالنسبة لقطر فإن شريكاً كباكستان بات بالغ الأهمية في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز العلاقات العسكرية والقدرات الدفاعية وتوفير الموانئ اللوجستية والأسواق الجديدة للمنتجات القطرية، وحيث إن باكستان هي أحد مستهلكي الغاز القطري فهي بلا شك تمثل ثقلاً استراتيجياً في العلاقات الخارجية لقطر.
يذكر أن رئيس الوزراء الباكستاني كان قد قام بأول زيارة له لقطر في شهر كانون الثاني الماضي، وبحث خلالها مع أمير قطر القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز الاستثمار والتعاون العسكري بين البلدين وخلال تلك الزيارة الباكستانية لقطر، قال رئيس غرفة قطر الشيخ "خليفة بن جاسم آل ثاني"، إن العلاقات الثنائية بين القطاع الخاص في قطر وباكستان، شهدت تطوّراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، لافتاً إلى زيادة عدد الشركات القطرية الباكستانية المشتركة في السوق القطرية والتي بلغت 1250 شركة مع نهاية 2018، فضلاً عن نمو التبادل التجاري بين قطر وباكستان بنسبة 100% خلال 2017، وبلغت قيمته نحو 6.1 مليارات دولار مقابل 782 مليون دولار في 2016.
مستقبل الروابط السياسية
لقد كان فوز رئيس الوزراء "عمران خان" في الانتخابات الباكستانية مؤشراً لبداية تحوّل المدار الجغرافي السياسي الاستراتيجي إلى اتجاهات جديدة، دون التخلي عن حلفاء قدماء وموثوقين، ما يجعل العلاقات بين قطر وباكستان ناضجة للتطوّر وهذا لأن وصول "عمران خان" للسلطة استند إلى دعم القاعدة الشعبية، بدلاً من النخب، وبناء على ذلك أصبح الوقت الآن هو اللحظة الأنسب لكي يتم اتخاذ خطوات إيجابية ومدروسة نحو ترسيخ هذه العلاقة الاستراتيجية بين كلتا الدولتين، وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء الباكستاني إن أمير قطر سوف يعلن عن استثمارات بقيمة 22 مليار دولار تقريباً خلال زيارته، وهذه الاستثمارات سوف تكون أكبر من الاستثمارات التي تعهّد بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في شباط الماضي ولفت رئيس الوزراء الباكستاني إلى أنه تمّ مؤخراً اتفاق بين حكومة البلدين لتعزيز العمالة الباكستانية إلى 100 ألف عامل، وأضاف "خان" بأن للحكومة القطرية علاقات مميزة مع باكستان، وتعتزم توسيع تعاونها في المجالات الاقتصادية والدفاعية والسياسية، لتحقيق النمو المتبادل والمنفعة لكلا البلدين.