قوى العدوان وعلى الرغم من تمكنها من السيطرة على بعض المناطق داخل محافظة عدن مستفيدة من الجماعات التكفيرية التي أوجدتهم، إلا أنها في الأيام الأخيرة الماضية فوجئت بتغير ميداني كبير تمثل بتحرك لقوات الحراك الجنوبي الشعبي في عدن والذي لطالما عمل خلال الأشهر الماضية منذ بدء العدوان بالتنسيق مع قوى العدوان، هذا التحرك المتبدل والهادف للسيطرة على مداخل المدينة تمهيدا للإنتشار في الأحياء الداخلية وبالتالي طرد مليشيات هادي والجماعات التكفيرية هناك والعاملة لصالح قوى العدوان ولا سيما الإماراتية، قد أربك قوى العدوان السعودي.
فشل جديد لقوى العدوان... عدن مؤشر جديد
استفادت قوى العدوان السعودي من بعض الأطياف اليمنية منطلقة من نقاط ضعفهم لتمرير العدوان كالحراك الجنوبي الشعبي والذي بدأ بجمعية المتعاقدين العسكريين والأمنيين المسرحين من عملهم والمبنية مطالبهم على حقوقهم بالمساواة وإعادة المسرحين العسكريين والمدنيين إلى وظائفهم لتشمل فيما بعد اعتراضاً شاملاً على منهجية الحكم المتبعة من قبل النظام اليمني الحاكم آنذاك، وتجدر الإشارة إلى أن النظام اليمني السابق وما نتج عنه من مشاكل جرها على الشعب اليمني ما هو إلى نتاج الهيمنة السعودية عليه وعلى البلاد في تلك الفترة، وعليه استفادت العائلة الحاكمة في السعودية من هذا الوضع لتقديم وعود للحراك الجنوبي وغيره من المكونات الأخرى على أن يمكنوها من تمرير عدوانهم ومخططهم التقسيمي بعد أن شعروا بأن الشعب اليمني بمجمله بدأ يتجه نحو منحى استقلاليا لا يكون فيه للعائلة الحاكمة في السعودية ومن يقف وراءها من قوى عالمية تدخلهم السافر في فرض ارادتهم واستغلال خيرات بلادهم. إصلاح المنهجية السياسية في إدارة البلاد لم يكن مطلب الحراك الجنوبي وحده بل أنصار الله ايضا كانت لديهم مطالب الإصلاح والإشراك في صنع القرار، إلا أن أنصار الله وبهدف تحقيق مطالبهم لم يلجأوا إلى التعاون مع قوى العدوان بل اتخذوا من منطق الحوار مسلكهم ومواجهة العدوان لاحقا حين فرض عليهم.
قوى العدوان وبعد أن عقدت آمالها على عدن للإنطلاق بمشروعها التقسيمي، تعيش اليوم حالة إرباك في صفوف قواتها المعتدية بعد التحول الذي شهده الحراك الجنوبي في منهجه من متعاون مع قوى العدوان إلى متصدٍ لها، هذا التحول دفع بقوى العدوان والجماعات التكفيرية المدعومة من قبلها إلى الإنسحاب من الأماكن التي سيطرت عليها في عدن خلال الشهر الماضي وسط حالة من الصدمة والذهول، كما تمكن الحراك من السيطرة على كافة العتاد والسلاح الذي أنزلته طائرات قوى العدوان للجماعات التكفيرية. هذا التحول لا شك أنه سيؤثر في نفوذ قوات العدوان في الجنوب من جهة وسيكون نقطة فاصلة في مسير العدوان من جهة ثانية خاصة بعد الإستماتة التي أبدتها قوى العدوان للسيطرة على عدن. هذا وهناك بوادر نزاع بين الجماعات الأخرى المدعومة من قبل قوى العدوان، ظهرت من خلال الإشتباكات التي تدور بين بعض هذه الجماعات في كريتر وساحل ابين، بالإضافة إلى الإشتباكات العنيفة في منطقة العبر في حضر موت.
تحول مفاجئ... أسباب وخبايا
1- يرجع هذا التحول لدى الحراك الجنوبي الشعبي في موقفه اتجاه قوى العدوان إلى عوامل عديدة، ولعل أبرز هذه العوامل تلك المتعلقة بسياسة الهيمنة والإحتلال التي تعمل عليها قوات الغزو من جهة وتورط عبد ربه منصور هادي بتطبيقها من جهة أخرى، سياسة الهيمنة والإحتلال هذه تأتي ضاربة بعرض الحائط كل الوعود التي قدمتها قوى العدوان للحراك الجنوبي وهو ما يثبت خداعهم وخذلانهم في ذلك وأن لا أهمية لدى قوى العدوان لمطالب شعبية يمنية أياً كان مصدرها وإنما الأهمية لإعادة الهيمنة والسيطرة على هذا البلد وقمع حرية شعبه ومطالبه المحقة. إذن من خلال التغيرات الميدانية الأخيرة التي شهدتها عدن ومحافظات أخرى وحجم القصف والدمار، أدرك الحراك الجنوبي أن كل الوعود مجرد مطية لإستغلال هذه القوى في عدوانها على الشعب اليمني وجيشه وتشكيلاته الشعبية.
2- فترة هذا العدوان كانت كفيلة بأن تضع الحراك الجنوبي الشعبي والكثير من الحركات الشعبية اليمنية الأخرى تحت سؤال كبير وهو، ما الذي يجمع بين الجماعات التكفيرية الإجرامية وقوى العدوان وكل ما قاموا به حتى الان من قصف وقتل ودمار وبين أهداف حراكهم؟ فهم وجدوا انفسهم على تناقض كبير في الاهداف، فجماعات التكفير الذين استجلبتهم قوى العدوان من الخارج لتحقيق أهدافها لا يرجون من كل هذه المعمعة إلا الحصول على المال لاغيره. فيما الحراك الجنوبي لديه مطالب تغيرية إصلاحية كما وأنصار الله وغيرهم من القوى الشعبية التي ساندت الجيش اليمني.