الوقت- كشفت صحيفة "الميادين نيوز" يوم الأحد عن استهداف عدد من الناقلات النفطية في المياه الإقليمية التابعة لإمارة الفجيرة الإماراتية، إلا أن وسائل الإعلام الإماراتية سارعت إلى تكذيب تلك الأخبار، ولكن في نهاية المطاف، وبعد مرور عدة ساعات على وقوع تلك الحادثة، أقرّت وكالة أنباء الإمارات اليوم عن حدوث ما يسمى بالهجوم التخريبي.
وحتى الآن، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ذلك الهجوم، وفي الوقت نفسه قامت الحكومة الإماراتية بفرض رقابة صارمة على المعلومات المتعلقة بهذا الهجوم، بما في ذلك المكان الدقيق للهجوم، ونوع الهجوم، والخسائر الإنسانية والمالية، وما إلى ذلك.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من وسائل الإعلام عن إرسال فريق بحث دولي إلى الإمارات للتحقيق في هذه القضية.
ومن ناحية أخرى، قال وزير النفط السعودي إن سفينتين تابعتين لهذا البلد شوهدتا بين السفن اللواتي تحطمن في هذا الحادث، وهنا تجدر بنا الإشارة إلى أننا في هذا المقال سوف نسعى إلى الإجابة عن الأسئلة التالية: ما هي الدوافع التي قد تكون وراء هذا الحادث وما هي العواقب والتطورات المستقبلية التي سوف تحدث في المنطقة وفي العالم جراء هذه الحادثة؟
الجهات المسؤولة عن الهجوم.. أبرز السيناريوهات المحتملة
كما ذكرنا من قبل، لم تعلن أي جهة أو جماعة مسؤوليتها عن هذا الهجوم، لكننا يمكننا الأخذ بعين الاعتبار ثلاث فرضيات وسيناريوهات محتملة حول هذا الهجوم وهي كالتالي:
1. لقد جاء هذا الهجوم من أجل استعراض حجم القوى والنفوذ التي تمتلكهما بعض الدول الغربية التي قدمت الكثير من الدعم للسعودية والإمارات لمساعدتهما على ارتكاب الكثير من الجرائم البشعة بحق شعوبهما خلال السنوات الماضية، وأيضاً رسالة واضحة من تلك الدول الغربية للسعودية والإمارات بأن الأوضاع قد تتغيّر وقد تنشب الكثير من التوترات والنزاعات فيهما ما لم تخضعا لأطماع تلك الدول الغربية.
2. توطيد علاقات معظم دول الخليج الفارسي مع أمريكا، فبعدما فرضت أمريكا عقوبات على النفط الإيراني، دعا قادة البيت الأبيض بعض الدول الخليجية، مثل السعودية والإمارات، لزيادة إنتاج النفط حتى لا يؤدي نقص النفط إلى تفاقم أسعاره في أسواق العالم وعقب حدوث هذه الحادثة في ميناء الفجيرة الإماراتي، أصبحت الدول الخليجية في خوف شديد، ولهذا فإنها سوف تسعى إلى توطيد علاقاتها مع أمريكا لضمان إنتاجها من النفط.
3- مؤامرة صورية قامت بها بعض الأيدي الخفية من أجل تفجير الأوضاع في المنطقة، ففي الوضع الذي لا يوجد فيه أدنى شك في أن الكيان الصهيوني والإمارات والسعودية لهم دور محوري في إشعال فتيل المواجهة العسكرية بين أمريكا وإيران، فلقد أشار "فلاح فياض"، مستشار الأمن القومي العراقي يوم أمس الأحد إلى سفر وزير الخارجية الأمريكي سرّاً للعراق، حيث قال: " بومبيو جاء إلى بغداد للتأكيد بأن أمريكا لا تسعى للقيام بأي عمل عسكري". وأضاف إن قلق أمريكا من ردّ إيران على الإجراءات والعقوبات الأمريكية الاخيرة، دفع بومبيو إلى زيارة بغداد، لذا يمكن القول هنا بأن هناك الكثير من المؤشرات التي تدل بأن دول "المجموعة الثانية" ترغب في الانغماس في مؤامرة وهجوم صوري وغير وحقيقي للتأثير على اقتصاد السعودية والإمارات، وذلك من أجل إشعال التوترات في المنطقة والعالم للتمهيد لنشوب نزاعات عسكرية واسعة.
ما القضايا التي أثبتتها هذه الهجمات؟
إن أول حقيقة تتمثل في الآثار السلبية للمغامرات الأحادية الجانب والمزعزعة للاستقرار والأمن الاقليمي التي قامت بها واشنطن وحلفاؤها الإقليميون في منطقة الخليج الفارسي، بدءً من إشعال فتيل الحرب العبثية في اليمن إلى زيادة الوجود العسكري في مياه الخليج وزيادة الضغوط الاقتصادية على إيران، في الواقع إن المغامرات الأحادية الجانب الأمريكية سوف تسعى إلى نشر الفوضى في المنطقة لتحقيق هدفها المتمثل في القضاء على محور المقاومة.
والقضية الثانية تتمثل في استحالة إرساء الأمن والاستقرار الإقليميين دون وجود تعاون بين الشركاء الإقليميين والقوى العالمية.
وحول هذا السياق، أكدت إيران مراراً وتكراراً على ضرورة التوصل إلى إجماع إقليمي حول القضايا الأمنية في المنطقة ومواجهة التدخل الأجنبي الذي يسعى إلى بثّ ريح النزاعات في المنطقة، إلا أن عدم وجود أنظمة ديمقراطية في الخليج الفارسي أدّى إلى خلق متغير أمني مرتبط بالغرب بين دول الخليج الفارسي.
ومع ذلك، فلقد أثبتت هذه الحادثة هشاشة الأمن الاقتصادي العالمي وأكدت على ضرورة قيام حكومات الدول الغربية بمواجهة المغامرات الأحادية الجانب الأمريكية التي يقوم بها الرئيس "ترامب"، ولعل أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت الحكومة الإماراتية إلى فرض رقابة شديدة على معطيات هذه الحادثة، يتمثل في الخوف العالمي من آثار هذه الحادثة على أسواق الطاقة العالمية والأسواق المالية، خاصة بعدما فرضت الحكومة الأمريكية الكثير من العقوبات على النفط الإيراني والفنزويلي وعدم قدرة المنتجين الآخرين على تعويض هذا العجز في الأسواق العالمية.