الوقت-نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، مقالاً تناولت فيه أن أمريكا قد وقعت نهار الأحد الماضي اتفاقية مع سلطنة عمان تتيح لبحريتها الوصول إلى ميناءين على بحر العرب، مما يتيح للسفن الحربية وحاملات الطائرات الأميركية سيطرة أكبر على مضيق هرمز، الممر المائي الدولي الاستراتيجي، الذي تهدد إيران القريبة أحياناً بإغلاقه.
وجاء المقال على الشكل التالي:
ويقع ميناءا الدقم وصلالة العمانيان مباشرة خارج مضيق هرمز، وهو منفذ ضيّق يمر عبره خُمس تجارة النفط العالمية من الخليج الفارسي. ولطالما قالت طهران إنها ستغلق هذا المضيق رداً على العقوبات الأميركية التي تضر باقتصادها.
"اتفاقية الوصول" وُقعت في مسقط يوم أمس الأحد من قبل السفير الأميركي لدى سلطنة عمان مارك ج. سيفيرز، والأمين العام لوزارة الدفاع العمانية محمد بن ناصر الراسبي. وقال مسؤول أميركي إن العمل على هذه الاتفاقية يجري منذ نحو ست سنوات.
وقالت السفارة الأميركية في مسقط إن الاتفاقية "تؤكد من جديد التزام البلدين بتعزيز أهداف الأمن المتبادل".
ونظرًا لأن الميناءين يقعان جنوب مضيق هرمز، فإن الوصول إليهما سيمنح السفن البحرية الأميركية حرية ملاحة أكثر في حالة المواجهة العسكرية مع إيران، مما لو تم دفع تلك السفن المضيق، حيث كانت طهران في الماضي تضايق سفن البحرية الأميركية.
وقال مسؤول أميركي قبل الإعلان عن الاتفاقات إن "موقع [الميناءين] جذاب للغاية، (لكونهما) خارج مضيق هرمز".
تضيف الاتفاقية ضغوطاً من واشنطن على طهران بعد أن سحب الرئيس دونالد ترامب العام الماضي أمريكا من الاتفاق النووي المتعدد الأطراف لعام 2015 وفرض عقوبات على إيران، تهدف في جزء منها لصد طموحاتها العسكرية في الشرق الأوسط.
وقال المسؤول الأميركي إن وصول البحرية الأميركية إلى الميناءين العمانيين سيكون إلى هذا الحد بمثابة ثقل موازن لإيران.
وقالت كميل لونس، منسقة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الاتفاقية تخدم غرضاً قد يكون أكثر أهمية، ألا وهو مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط.
أعاقت أسعار النفط المتقلبة النمو في سلطنة عمان المعتمدة على النفط، مما جعلها أكثر انفتاحاً على الاستثمارات الصينية التي قد تجعلها مدينة لبكين. استثمرت الصين في الجهود العمانية لتحويل الدقم إلى مدينة صناعية، وهو وجود يمكن أن يساعد بكين على ربط قاعدتها الاستراتيجية في جيبوتي وقاعدة أخرى تقوم ببنائها في غوادَر في باكستان.
وقالت لونز: "لا أعتقد أن إيران هي العنصر الرئيسي بالنسبة للولايات المتحدة في هذه الصفقة مع العمانيين. بل هي الصين. لكن الأميركيين لا يؤطرها بهذه الطريقة لأن السردية المعادية لإيران تعمل بشكل أفضل مع حلفائهم الإقليميين [مثل إسرائيل والسعودية .
ومع ذلك، فقد قللت أمريكا من البعد الصيني. وفي حديثه عن "الاستثمارات الصينية" في عُمان، قال المسؤول الأميركي إن الحكومة العمانية أكدت لواشنطن أن علاقتها مع الصين لا تشكل تهديداً عسكرياً.
وقال المسؤول الأميركي: "لدينا تأكيدات من العمانيين بأن علاقتهم بالصين ليست علاقة أمنية." وأضاف أن الصين لا يبدو أنها نشطة في عُمان كما كان يعتقد من قبل. وعلى الرغم من تخصيص جزء من منطقة الدقم الصناعية للصينيين، وتعهد بكين باستثمارات بمليارات الدولارات، قال المسؤول نفسه إن الصين أبدت القليل من الاهتمام بالمنطقة.
يمكن لسلطنة عمان الآن توقع بعض المكاسب الاقتصادية من إنشاء منشآت أميركية في الميناءين. ولكن على الرغم من أن الاتفاقية توفر فوائد اقتصادية، إلا أنها تخاطر أيضاً بتعقيد إستراتيجية السلطنة الصغيرة القائمة منذ فترة طويلة المتمثلة في الحفاظ على الحياد في منطقة تعج بالتوترات والتهديدات.
إن موقع عُمان الاستراتيجي مقابل مضيق هرمز يجعلها عرضة للضغط من القوى الإقليمية. فهي تقليدياً قد نجحت في اجتياز ذلك التوتر من خلال بقائها محايدة، وتجنب بعض المواقف المواجهة لشركائها في مجلس التعاون الخليجي ودعم العلاقات مع كل من إيران وحكومة (الرئيس السوري بشار) الأسد في سوريا. فلم تنضم عُمان إلى التحالف السعودي والإماراتي الذي يقاتل الحوثيين. وبدلاً من ذلك عملت السلطنة كوسيط لإجراء محادثات سرية بين الجانبين في عام 2018. واتهمت السعودية سلطنة عمان بالسماح بتهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن من خلال أراضيها، لكن مسقط نفت هذه الاتهامات.
كما استضافت عُمان محادثات سرية بين إيران وأمريكا في عام 2013، والتي أدت إلى الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015.
في أكتوبر / تشرين الأول الماضي، استضاف حاكم سلطنة عمان، السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو اللقاء الأول بين الزعيمين، وهي مبادرة أشادت بها أمريكا.
على هذا النحو، فإن اتفاقية الميناءين هو أيضاً علامة على دعم أمريكا لدور سلطنة عُمان في تحسين العلاقات العربية الإسرائيلية، كما قالت السيدة لونس.