الوقت- بعدما شنت تركيا هجمات جوية وهجمات بالمدفعية على اهداف تابعة لتنظيم داعش الارهابي في سوريا وكذلك مواقع لحزب العمال الكردستاني في شمالي العراق ومنحت انقرة الاذن للناتو باستخدام قاعدة انجرليك الجوية في الحرب على داعش وانضمت عمليا للتحالف الدولي ضد هذا التنظيم بالتزامن مع انتشار انباء عن رغبة انقرة لايجاد منطقة لحظر الطيران داخل الاراضي السورية، تتساءل الاوساط السياسية عن سبب هذا التغيير في السياسات التركية التي كانت متبعة في المرحلة السابقة واهداف أنقرة من هذه التحركات وتداعيات هذه التطورات.
يقول بعض المحللين ان سبب قيام تركيا بضرب داعش هو قيام هذا التنظيم بتنفيذ اعتداء تفجيري في مدينة سوروج التركية والذي خلف عشرات القتلى من الاكراد الذين كانوا يتجمعون امام مركز للمشاركة في اعادة اعمار مدينة كوباني لكن هناك من يرد على هؤلاء المحللين بأن قتلى هذه العملية هم من الاكراد الذين لديهم مشاكل دائمة مع تركيا كما ان حزب العمال الكردستاني ايضا قام بقتل اثنين من عناصر حرس الحدود التركي بسبب قصورهم في حماية الاكراد ولذلك لايمكن القول ان ضرب تركيا لداعش كان بسبب العملية الارهابية في مدينة سوروج.
ان تركيا ومن خلال تزامن غاراتها على داعش والاكراد تريد ان تساوي بينهما لأن القتال الجاري في العراق وسوريا ضد داعش قد افضى الى تعزيز موقع الاكراد وهذا ما لم ترق لأنقرة التي واجهت صعوبات في "أخونة" المنطقة وقد فقدت المفاوضات مع الاكراد بريقها بالنسبة لأنقرة بسبب هذه الصعوبات وكذلك بسبب انتصار حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في الانتخابات التركية والذي رفع قدرة الاكراد على التفاوض بندية مع الحكومة التركية مستقبلا.
وكانت الغارات الامريكية التي تشن على مواقع داعش في سوريا قد زادت ايضا من قوة المحاربين الاكراد مؤخرا ولذلك شعرت تركيا ان ذلك خطر عليها فبادرت الى ضرب مواقع الاكراد تحت غطاء ضرب مواقع تنظيم داعش والسماح للناتو باستخدام قاعدة انجرليك.
الهدف من وراء ايجاد منطقة حظر الطيران في سوريا
كانت تركيا تحاول دوما ايجاد منطقة لحظر الطيران في داخل سوريا لكي تستطيع من خلال ذلك اسقاط النظام السوري وكذلك تخفيف آثار الحرب السورية على تركيا وافادت التقارير الاعلامية ان هذه المنطقة تمتد بين منطقة جرابلس في الشرق حتى منطقة مارع في الغرب بطول 90 كيلومتر وعمق 50 كيلومتر وفي المقابل ستسمح تركيا للناتو باستخدام قاعدة انجرليك ولهذه الخطوة التركية اهداف نذكر بعضا منها:
- ابعاد خطر داعش وباقي الجماعات المتطرفة من الحدود التركية في حين دخل معظم العناصر الارهابية سوريا عبر الحدود التركية
- منع تشكيل اتحاد كردي بالقرب من الحدود التركية
- الحفاظ على امن المنطقة الفاصلة بين تركيا وسوريا باستخدام الطائرات وباقي النظم العسكرية
- ايجاد منطقة مناسبة لاسكان اللاجئين السوريين المتواجدين حاليا داخل الاراضي التركية
- نقل ما يسمى بالحكومة السورية المعارضة الى هذه المنطقة بدعم من قبل الجيش التركي
خشية ايضا من احتمال ارسال المسلحين الذين تدربوا خلال الأشهر الماضية في تركيا الى داخل الاراضي السورية تحت غطاء اسكان اللاجئين السوريين في داخل الاراضي السورية.
وبالامعان في سير التطورات العسكرية والسياسية الاخيرة يمكن الاستنتاج ان الهجمات التركية المتزامنة على داعش وعلى الاكراد تأتي في سياق مخطط تم وضعه من قبل ولم تكن هذه الهجمات ردا على انفجار مدينة سوروج كما يقال وربما يكون هناك بعض التنسيق ايضا بين أنقرة وواشنطن في هذا المجال على الرغم من اختلاف مواقفهما حيال الاكراد.
ان ايجاد منطقة حظر الطيران في سوريا يشكل خطرا على السيادة السورية رغم اقوال انقرة التي تدعي انها تريد محاربة داعش ورغم ذلك هناك من يعتقد ان هذا التحرك التركي الاخير الذي يهدف لضرب 3 عصافير بحجر واحد أي ايجاد منطقة حظر للطيران في سوريا ودفع الاتهامات عن تركيا بدعم داعش وضرب الأكراد في آن واحد سيترافق مع صعوبات وتداعيات بالنسبة لأنقرة لأن المستنقع السوري قد يكون بالمرصاد.