الوقت- يعتبر الأزهر الشريف من أهم المساجد والجامعات الإسلامية وأقدمها في مصر والعالم على حد سواء، وهو بما يملك من أهمية دينية وتاريخية يلعب دوراً مهماً في الساحة الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً، ولهذا فإن الأنظار دوماً ما تكون موجهةً إليه وللمواقف التي يتخذها على مستوى الساحتين السياسية والدينية، والتي كان آخرها تصريحات صحفيّة أدلى بها وكيل الأزهر الشريف وتطرق خلالها إلى وجهة نظر الأزهر حول الشيعة والمذهب الشيعي.
حيث قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إنه في حال عقد اجتماعاً بين علماء السنة والشيعة، فمن النتائج التي ستصدر عن هذا اللقاء، إعلان تحريم دماء الشيعة وأموالهم كدماء السنة وأموالهم، وأن جميع صور الاعتداء بين السنة والشيعة محرمة شرعاً، وأكد شومان أن الأزهر لا يكفر فرداً مسلماً فضلاً عن فصيل أو دولة، مشيراً إلى أن رسائل الباحثين في الماجستير والدكتوراه في الأزهر تزخر بآراء للمذاهب الشيعية، وأن مذهب الشيعة الزيدية ومذهب الشيعة الإمامية من المذاهب الإسلامية التي يعترف بها الأزهر الشريف، واختتم قائلاً "الشيعة قسم من المسلمين لاينازع فى ذلك أحد من علماء الأزهر".
تصريحات عباس شومان تعزز الدور المهم والجوهري الذي يمكن أن يلعبه الأزهر في وأد الفتن الطائفية والقضاء على الفكر التكفيري، فالأزهر يمكنه أن يحارب الفكر التكفيري والمتشدد في العالم من خلال نشر الإسلام الأصيل الذي لا شطط فيه ولا تحريف، ولهذا فإنه يتحمل دوراً كبيراً في هذا المجال، وهذا ما أكده هادي شريف العريضي، رئيس المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بدولة لبنان، حيث اعتبر العريضي خلال حواره مع شبكة "محيط" أنه "على الأزهر دور كبير في مواجهة التطرف والإرهاب من خلال خطبائه وعلمائه المنتشرين في العالم العربي والإسلامي والاهتمام بالشباب لأنهم الثمرة الأولى لهم، كما يجب مخاطبة الشباب وتعليمهم الامور العقائدية أكثر والتسامح وتقبل الرأي والرأي الآخر وعدم التعصب".
وفي السياق نفسه أشار مفتي لبنان، عبداللطيف دريان، إلى دور رسالة الأزهر الشريف الوسطية المعتدلة في مكافحة الإرهاب ونشر الفكر الإسلامي الصحيح، وكذلك فإن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، أشاد في لقاء جمعه مع شيخ الأزهر العام الماضي بدور الأزهر في حفظ الوحدة ونشر مشاعر الود والمحبة والإنسانية، وعلى هذا فإنه على الأزهر صياغة خطاب جديد ليقوي ويدعم المسير الذي ينتهجه في وأد الفتن والنزاعات الطائفية، وللقضاء على الفكر المتشدد والتكفيري الذي يخالف الإسلام ويشوه صورته الحضارية.
هذا وعلى الأزهر أن يزيد من منابره المعتدلة ليتغلب على أصوات التكفير ودعوات سفك الدماء، كما يتوجب عليه أن يكثف جهوده التي يبذلها والتي تشمل أطراً متعددة وتتجلى في نشاطات متنوعة كرغبته بعقد مؤتمر يجمع الشيعة والسنة، بالإضافة إلى مؤتمرات مكافحة الإرهاب التي تلعب دوراً مهماً في تجريد الجماعات التكفيرية من غطاء الإسلام، وعلى هذا الخط كان مؤتمر مكافحة الإرهاب الذي عقده الأزهر الشريف في أواخر العام الماضي والذي اعتبر في بيانه الختامي أن "كل الفرق المسلحة والميليشيات الطائفية التي استعملت العنف والإرهاب في وجه أبناء الأمة رافعة رايات دينية جماعات آثمة وعاصية وليست من الإسلام الصحيح"، كما أشار البيان إلى أن تعدد الأديان والمذاهب "ليس ظاهرة طارئة، ولكنه كان وسيبقى مصدر غنى للعالم، وأن علاقات المسلمين مع المسيحيين علاقات تاريخية وتجربة عيش مشترك، وعليه فالتعرض للمسيحيين ولأهل الأديان الأخرى باصطناع أسباب دينية هو خروج على صحيح الدين وتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم".
الإجراءات المتنوعة التي يتخذها الأزهر لمواجهة الفكر المتطرف تعتبر جزءاً من وظيفته وإحدى واجباته، وخاصة أن الأزهر يمثل إحدى أكبر الجامعات الإسلامية، وله تأثير كبير في نفوس المسلمين وعلى فكرهم، كما أنه بثقافته الواسعة ودعوته السليمة يمثل رادعاً لكل المؤامرات على الأمة الإسلامية، وعلى هذا يتوجب على علماء الأزهر الشريف أن يوسعوا دعواتهم ويكثفوها ليصل الإسلام الحضاري المنفتح، إسلام الرحمة والمحبة إلى كل العالم.