الوقت- لقد فقدت حكومة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مصداقيتها عند المواطنين الأتراك وأصبحت مكروهة وذلك بسبب سياساتها العدائية التي قامت بها خلال الفترة الماضية ضد حكومة "أنقرة"، وفي هذه الأثناء وصلت سمعة أمريكا إلى أدنى مستوى لها خلال الخمسين سنة الماضية عند المجتمع التركي ولهذا وفي هذه الأوضاع الجديدة، تخطط الحكومة الأمريكية للعمل ضد قادة حزب العمال الكردستاني المعارض لحكومة أنقرة وذلك من أجل تحسين سمعتها داخل المجتمع التركي ولهذا فلقد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي "6 نوفمبر" عن مكافآت مالية ضخمة لمن يدلي بمعلومات مفيدة تؤدي إلى كشف أماكن تواجد ثلاثة قادة كبار من أعضاء حزب العمال الكردستاني المعارض للحكومة التركية وحول هذا السياق، أعرب "ماثيو بالمر" نائب وزير الخارجية الأمريكي خلال زيارته للسفارة الأمريكية في أنقرة الأسبوع الماضي، بأن واشنطن أجازت مكافآت تصل إلى خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن "مراد قريلان" وأربعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تخص "جميل بايك" وثلاثة ملايين لمن يدلي بمعلومات بشأن "دوران كالكان"، إن إدراج هؤلاء الأفراد الثلاثة في قائمة الأشخاص المطلوبين له أهمية وتأثير خاص على القضايا السياسية في المنطقة وكذلك على العلاقات بين أمريكا وتركيا ولتسليط الضوء أكثر على هذه القضية، سوف نستعرض في مقالنا هذا بإيجاز الحياة السياسية لهؤلاء القادة الثلاثة في حزب العمال الكردستاني وسوف نقوم بتحليل أهداف أمريكا من إطلاقها لمثل هذه القائمة وإعلانها عن مكافأة مالية ضخمة.
نافذة على الحياة والأعمال السياسية للقادة الثلاثة في حزب العمال الكردستاني
وضعت أمريكا الأسبوع الماضي حوالي 12 مليون دولار كجائزة لتقديم معلومات من شأنها أن تؤدي إلى اكتشاف مواقع اختباء القادة الأكراد الثلاثة وفي غضون ذلك ووفقاً للمعلومات الاستخباراتية، فإنه يبدو أن "مراد قريلان"، يعدّ الشخصية الأكثر أهمية بالنسبة للأمريكيين وتذكر العديد من المصادر الإخبارية بأن "قريلان" ولد في عام 1954 في مدينة "بريجك" التابعة لمقاطعة "أورفا" التركية وتخرج من جامعة "أنقرة" من قسم العلوم السياسية وفي وقت دراسته تعرّف على "عبد الله أوجلان"، مؤسس حزب العمال الكردستاني وبعد اعتقال "عبد الله أوجلان" في عام 1999، قام "قريلان" بأول دور سياسي له في إدارة حزب العمال الكردستاني حتى عام 2013.
والشخص الثاني الذي عرضت أمريكا مبلغ أربعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، هو القيادي "جميل بايك" الذي يعدّ أحد المؤسسين الخمسة لحزب العمال الكردستاني وأحد أبرز قادة الحزب، وهو أحد أعضاء اللجنة القيادية في منظومة المجتمع الكردستاني (KCK) التي تضم تحت لوائها حزب العمال الكردستاني ويعتبر "بايك" من الأوائل الذين شاركوا في تأسيس إيديولوجية حزب العمال الكردستاني مع "عبدلله أوجلان" وأصدقاء آخرين مثل "مصطفى قره سوا" و"دوران كالكان" وكان "بايك" يدير الجناح العسكري للحزب في مرحلة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
والشخصية الثالثة التي رصدت أمريكا مبلغ ثلاثة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكان وجوده، هو القيادي "دوران كالكان"، الذي ولد عام 1954 في قرية "غوزليم" التابعة لمدينة "أضنة" التركية، وهو أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني وأهم قيادييه وعندما كان قائداً عسكرياً في الحزب، خاض عدة معارك ضد الجيش التركي وبعد ذلك ترك العمل العسكري ليصبح مسؤولاً مالياً في الحزب، ولقد تولى إدارة وتمويل الشركات التابعة للحزب في مختلف أنحاء العالم وخاصة في أوروبا، حتى بداية تسعينيات القرن الماضي، وبعد أن اكتشف أن الخطر يهدد حياته، عاد إلى جبل قنديل خشية تعرّضه للاغتيال
أمريكا تستعين ببطاقة الأكراد السوريين وحزب العمال الكردستاني لتلعب بشكل مكشوف مع أنقرة
إن تحرك الحكومة الأمريكية لأدراج ثلاثة من قادة حزب العمال الكردستاني في قائمتها السوداء، جاء في الوقت الذي اتهمت فيه الحكومة التركية مراراً وتكراراً الحكومة الأمريكية بدعمها لحزب العمال الكردستاني وخلال الأشهر القليلة الماضية، وصلت الأزمة السياسية بين أنقرة وواشنطن إلى ذروتها، ولكن بعدما قامت الحكومة التركية قبل عدة أسابيع بإطلاق سراح القس الأمريكي "أندرو برونسون"، توقفت موجة الخلافات المتزايدة بين الجانبين إلى حدّ كبير وفي هذا الجو المضطرب الذي تشهده العلاقات السياسية بين تركيا وأمريكا، يمكن أن يكون لتلك الجوائز المالية التي وضعتها واشنطن كجوائز لمن يدلي بمعلومات عن القادة الأكراد الثلاثة، العديد من الأهداف والتي من أبرزها:
1. يمكن أن يكون الهدف الأول التي تسعى الحكومة الأمريكية لتحقيقه، هو إعادة بناء سمعتها عند الرأي العام التركي، حيث تذكر العديد من التقارير الإخبارية بأن حكومة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" فقدت مصداقيتها عند المواطنين الأتراك وأصبحت مكروهة وذلك بسبب سياساتها العدائية التي قامت بها خلال الفترة الماضية ضد حكومة "أنقرة"، ولهذا وفي هذه الأوضاع الجديدة، تخطط الحكومة الأمريكية للعمل ضد قادة حزب العمال الكردستاني المعارض لحكومة أنقرة وذلك من أجل تحسين سمعتها داخل المجتمع التركي.
2- الهدف الثاني الذي تسعى أمريكا لتحقيقه هو استخدام البطاقة الكردية ضد حكومة "أنقرة" لإجبارها على تلبية مطالب واشنطن فيما يخص قضايا المنطقة.
3. الهدف الثالث لأمريكا هو إرسال إشارات للجانب التركي بأنها مستعدة لمشاركة "أنقرة" في قضية الأكراد السوريين والتعامل معها.
4. الهدف الرابع لأمريكا من إعلانها عن جائزة مالية لمن يدلي بمعلومات عن قادة حزب العمال الكردستاني الثلاثة، يتمحور في محاولة للانسجام مع الجانب التركي للمضي قدماً والتحكم بالقضايا التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.