الوقت- أدانت الصين وبشكل كبير زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو لبكين يوم الاثنين، واعتبرت أن إدارة ترامب تصعّد التوترات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين.
حيث قال موقع "وورلد سوشاليست " على لسان الكاتب جيمس كوجان أن زيارة بومبيو جاءت في أعقاب الموقف المناهض للصين الذي حدده نائب الرئيس مايك بنس يوم الخميس الماضي. حيث اتهم بنس الصين بالتدخل في انتخابات الكونغرس الأمريكي، سعياً إلى إسقاط رئاسة ترامب والعمل على "إضعاف المزايا العسكرية الأمريكية"، وهدد نائب الرئيس بكين علناً بأن أمريكا ستسعى إلى الحفاظ على هيمنتها العالمية من خلال "تحديث ترسانتها النووية"، واستنكر بنس اضطهاد بكين للمسيحيين والناشطين الديمقراطيين والايغور والتبتيين، مشيراً إلى أن واشنطن تعتزم استغلال قضايا حقوق الإنسان لتشويه سمعة النظام الصيني والسعي إلى تقويضه.
وفي مقال كتبه في صحيفة وول ستريت جورنال وصف المعلق وولتر راسل ميد خطاب بنس بأنه "أكبر تحوّل في العلاقات بين أمريكا والصين منذ زيارة هنري كيسنجر إلى بكين عام 1971" وبأنه "نتاج عمل مكثف وراء الكواليس، وقد ينظر إليه على أنه نقطة انعطاف في المسار المعقد للعلاقات بين واشنطن وبكين".
في أعقاب خطاب بنس، رفض الرئيس الصيني شي جين بينغ الاجتماع مع بومبيو، وبدلاً من ذلك قام بتفويض وزير الخارجية وانغ يي بالتحدث معه، وفي معرض إثباته على حالة العلاقات المشحونة، انتقد وانغ علانية أمريكا "للتدخل المتواصل في الشؤون الداخلية والخارجية للصين"، وندد بالتعريفة الأمريكية الكاسحة على البضائع الصينية، وقيام واشنطن ببيع أحدث مبيعات الأسلحة لتايوان، وتوغلاتها البحرية في الصين، وقال: "لقد أضرّت التصرفات الأمريكية بحقوق الصين ومصالحها، وقوضت الثقة المتبادلة بين الصين وأمريكا وألقت بظلالها على العلاقات الصينية الأمريكية".
وأكد بومبيو على أن أمريكا لديها "خلاف جوهري" مع الصين حول مجموعة من القضايا الاقتصادية والاستراتيجية، بينما ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز هذا الأسبوع أن ترامب لا ينوي حتى مناقشة القضايا التجارية مع شي جين بينغ خلال قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين الشهر المقبل، ما لم تقدّم الصين تنازلات كاسحة، حيث تطالب أمريكا قبل كل شيء بأن تنهي الصين إعاناتها للصناعات التكنولوجية الرئيسية التي تتنافس مع الشركات الأمريكية.
واستطرد موقع "وورلد سوشاليست " بالقول: إنه وقبيل قمة العشرين، تشير التقارير إلى أن الجيش الأمريكي يعدّ تحذيراً رئيسياً في بحر الصين الجنوبي في بعض الأوقات خلال الأسابيع المقبلة، في رد انتقامي مزعوم على سفينة حربية صينية قادمة، ولقد تم استقطاب اليابان وأستراليا ودول أخرى في المنطقة من قبل أمريكا لمواجهة عسكرية مع الصين.
وأعلن وزير الدفاع الأسترالي الشهر الماضي أن القوات البحرية الفرنسية والاسترالية تخطط لتحدي "حرية الملاحة" المشتركة في بحر الصين الجنوبي.
وأضاف الكاتب بالقول: هذا الأسبوع، نفذت القوات الأمريكية واليابانية والفلبينية تمريناً مشتركاً في الفلبين، حيث تدرّبت على عمليات الإنزال البرمائية على الجزر الصغيرة، ووفقاً لما ذكرته قوات الدفاع اليابانية، فإن التدريبات كانت المرة الأولى التي تستخدم فيها مركبات مدرعة يابانية على أرض أجنبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وبالإضافة إلى بحر الصين الجنوبي، فإن شبه الجزيرة الكورية تلوح في الأفق كمصدر للنزاع المرير.
وسافر بومبيو إلى بكين في أعقاب قمة في بيونغ يانغ يوم الأحد مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وبينما تتصاعد التوترات مع الصين، تواصل إدارة ترامب جهودها لجذب كوريا الشمالية من خلال مجموعة من التهديدات والمبادرات إلى المدار الاستراتيجي الأمريكي.
وقد ألغى ترامب زيارة مقررة من بومبيو إلى كوريا الشمالية في أغسطس، زاعماً أن بيونغ يانغ لم تلتزم بالالتزامات التي قدمها كيم جونغ أون إلى الرئيس الأمريكي خلال قمتهم المباشرة في سنغافورة في يونيو، وأحيت المحادثات بين كيم جونغ أون والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي في الشهر الماضي العملية الدبلوماسية، وقد أدّت إلى سلسلة من الاتفاقات المؤقتة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتعهدات من جانب الشمال بأنها ستلتزم بإملاء أمريكا تفكيك برنامج الأسلحة النووية الصغيرة.
وفي القمة التي عقدت مع بومبيو يوم الأحد، سعى كيم جونغ أون إلى تلبية المطلب الأمريكي لتفكيك الأسلحة النووية لكوريا الشمالية بشكل كامل من خلال الموافقة على زيارة المفتشين الدوليين لموقع اختباره الرئيسي في بونغغهاي-ري، وقد أكدت كوريا الشمالية لاحقاَ أنها دمرت المنشأة.
وأثنت وكالة الأنباء الكورية الشمالية على المحادثات مع بومبيو بأنها "مثمرة ورائعة"، ورد ترامب بإعلانه الثلاثاء أنه سيعقد قمة ثانية مع كيم جونغ أون في المستقبل القريب لتتشجع أمريكا كوريا الجنوبية على المضي قدماً في مبادرات مختلفة تهدف إلى تهيئة الظروف لفتح خطوط النقل والاستثمارات الكبيرة لأمريكا في كوريا الشمالية.
وتابع الموقع بالقول إن المناقشات حول احتمال توقيع أمريكا وكوريا الجنوبية على معاهدة سلام مع كوريا الشمالية لإنهاء الحرب الكورية التي دارت رحاها رسمياً في الفترة ما بين عامي 1950 و 1953، والتي لن تتم من الناحية الفنية إلا في حالة وقف إطلاق النار، وبيونغ يانغ، تدرك جيداً أن أمريكا نظمت عملية الإطاحة بالنظامين العراقي والليبي بعد أن وافق كلا البلدين على تفكيك برامج أسلحتها، لذلك هي تريد ضمان أمنها من واشنطن.
بدوره قال شيينه ونغ من جامعة رنمين في بكين لصحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع، ردّاً على طموحات أمريكا تجاه كوريا الشمالية، "لا تستطيع الصين ولا ترغب في مساعدة أمريكا بأي شكل من الأشكال، حتى لو وضعت جانباً كل السلبيات في العلاقات الثنائية".
كما قال تشاو تونغ من مركز كارنيجي-تسينغهوا للسياسة العالمية في بكين لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست يوم الاثنين: "سيكون من غير المقبول أن تعلن بكين نهاية الحرب من قبل الكوريتين وأمريكا فقط ، دون الصين ... أكثر ما تهتم به الصين هو الشكل وليس الجوهر نفسه، وقال إنه لا يريد أن يظهر على أنه مجرد قوة عظمى تُستبعد في هذه العملية.
وفقاً لرئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن ، يعتزم شي جين بينغ القيام بأول زيارة رئاسية له إلى بيونغ يانغ "قريباً"، وفي تحدٍ لواشنطن خففت الصين بعض العقوبات الاقتصادية على كوريا الشمالية التي وافقت على فرضها كجزء من الجهود التي تقودها أمريكا لإجبار كوريا الشمالية على الدخول في محادثات.
في خضم الصراعات الاقتصادية والاستراتيجية المتصاعدة مع أمريكا، ستبذل بكين كل ما في وسعها لمنع تحوّل كوريا الشمالية المعزولة إلى دولة عميلة أمريكية افتراضية على حدود الصين.