الوقت- ما تقوم به الجماعات المسلحة المنضویة تحت لواء «جیش الفتح» في منطقتي «كفريا» و«الفوعة» من حصار خانق ضد المدنيين العزل في هذه المناطق، يتعارض تماما مع إدعاءات هذه الجماعات بانها تحترم حقوق الإنسان ويعتبر ضمن جرائم الحرب التي يعاقب علیها القانون الدولي. ويرتكب جيش الفتح هذه الجرائم ضد سكان هاتين المنطقتين من خلال الدعم الذي يتلقاه من قبل بعض دول المنطقة، للتعویض عن فشله في مواجهة القوات السورية وعناصر المقاومة اللبنانية التي تدافع عن الأراضي السوریة. والسؤال الذي یطرح نفسه حالیا، ما هي الجهة المسؤولة عن جرائم جیش الفتح ضد سكان كفریا والفوعة، خاصة إذا ما ارتكب جیش الفتح مجزرة راح ضحیتها الآلاف من المحاصرین في هاتین المنطقتین؟
ومنذ یومین هاجم المئات من عناصر جيش الفتح الذي ينتمي معظمهم الی جنسيات اجنبية، منطقتي الفوعة وكفريا من ثلاثة محاور لتضييق الخناق علی سكان هاتين المنطقتين الشيعيتين في محافظة ادلب. ونظرا لتأسيس جيش الفتح من قبل تركيا وقطر والسعودية خلال الأشهر الماضية، فان هذه الدول ستكون مسؤولة أمام القانون الدولي تجاه أي انتهاكات قانونية تصدر من قبل عناصر جيش الفتح ضد سكان الفوعا وكفريا الذين يتعرضون لحصار مميت من قبل جيش الفتح منذ عدة أشهر.
وبالرغم من الحصار الذي يواجهه أبناء منطقتي الفوعة وكفريا من قبل الجماعات الإرهابية، فانهم مستمرون بمقاومتهم دون اي تراجع، تزامنا مع مساعي الطيران السوري الذي يحاول عبر إستهداف مواقع الإرهابيين القريبة من هاتين المنطقتين، تخفيف معاناة سكانها. ومما لاشك فيه أن سكان الفوعة وكفريا مستعدون للقتال حتی آخر قطرة دم دون أن يفكروا بتسليم أنفسهم للجماعات المسلحة لیذبحوا بدم بارد من قبل هذه الجماعات، وإذاما فكر جيش الفتح بتكثيف عملياته ضد هؤلاء العزل، فسيسقط الآلاف من الأبرياء.
المنظمات الدولية وعلی رأسها منظمة الامم المتحدة الیوم مسؤولة إزاء الاحداث الجارية في الفوعة وكفريا، حيث تستطيع هذه المنظمة من خلال الضغط علی الدول الداعمة لجيش الفتح، كسر الحصار المفروض علی هاتين المنطقتين، وإذاما استمرت منظمة الامم المتحدة بصمتها إزاء هذه الأزمة الإنسانية، فانها ستكون شريكة في جريمة سفك دماء سكان الفوعة وكفريا علی يد جيش الفتح. كما أن تركيا تعتبر المسؤول الاكبر عن المجازر التي يرتكبها جيش الفتح حالیا بسبب أن هذه المجازر ترتكب علی بعد أقل من 50 كلم من حدودها وعبر الدعم المباشر الذي تقدمه أنقرة لعناصر جيش الفتح في هذه المنطقة.
وبات واضحا أمام العالم الوحشية التي يمارسها جيش الفتح تجاه سكان الفوعة وكفريا من خلال منع وصول المواد الغذائية والأدوية لأهالي المنطقتين، من قبل الحكومة السورية. ونظرا لدعم سكان منطقتي نبل والزهراء من قبل أهالي الفوعة وكفريا خلال الحرب الدائرة علی سوریا، تكنُّ المجموعات الإرهابية عداءً شديداً تجاه أهالي هاتين المنطقتين وتحاول الإنتقام منهم بشكل وحشي، ولهذا فان جبهة النصرة وأحرار الشام والفصائل الإرهابية الأخری باتوا یستعدون خلال الأسابيع والأيام الاخيرة لإرتكاب مجزرة بشعة ضد سكان الفوعة وكفریا، في ظل صمت المنظمات الدولية. كما استشهد لحد الآن المئات من أبناء هذه المناطق، خاصة المرضی منهم بسبب عدم حصولهم علی الأدویة، وإثر سقوط الصواریخ علیهم. كما بات العالم لا یعرف معاناة سكان الفوعة وكفریا بشكل دقیق بعد قطع إتصالهم بالعالم الخارجي من قبل الإرهابیین الذین قطعوا حتی الاتصالات الهاتفیة عبر نظام الثریا الدولي في هذه المناطق.
وفي النهاية لا يفوتنا أن نقول، إن من يحاصر أهالي الفوعة وكفريا، هي تلك المجموعات التي تصفها أمریكا وتركیا والدول العربية بالمجموعات المعتدلة والتي تريد تزويدها بجميع الأسلحة الفتاكة، وإذاما ارتكبت هذه المجموعات خاصة جيش الفتح مجزرة ضد أهالي الفوعة وكفريا فستكون واشنطن وأنقرة والعواصم العربیة التي تدعم الحرب علی سوریا، هي المسؤولة عن هذه المجزرة، التي أوشكت علی الوقوع في حال لم تتدخل الأمم المتحدة لمنع حدوثها من خلال الضغط علی تركيا والمجموعات الإرهابية التي تنوي دخول الفوعة وكفريا.