الوقت- أعلن مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الجمعة الماضية عن تعيين الجنرال "بول ناكاسوني" رئيساً لقيادة الأمن الإلكتروني الأمريكية وذلك لمكافحة عشرات الآلاف من المخترقين والجواسيس ومحللي المعلومات ووكالات التجسس الأكثر انتشاراً في العالم وتشير العديد من المصادر إلى أن والد "بول"، كان طفلاً لمهاجر ياباني هاجر إلى مدينة "هاواي" الأمريكية في أوائل القرن الماضي وخلال العقود الماضية خدم والد "بول" في قسم معلومات الجيش الأمريكي وبعد الحرب العالمية الثانية، كان قائد الفرقة العسكرية الأمريكية التي تمركزت في اليابان، وقبل 54 عاماً ولد له طفل أسماه "بول" ولقد تقلّد "بول" عدداً من المناصب عقب تخرجه من مدرسة جنوب كاليفورنيا "1989" وكلية الأمن القومي "1991"، حيث كان مسؤولاً عن جمع المعلومات الاستخباراتية من العراق وأفغانستان في الفترة ما بين عامي 2002-2004، ومن عام 2007 إلى 2010، كان مسؤولاً عن تجهيز وتدريب القوات الاستخبارية الأمريكية في كلا البلدين.
وفي السنوات الأخيرة، أدّى تسرّب البيانات والمعلومات إلى الإضرار بمصداقية وسلامة معنويات وكالة الأمن القومي الأمريكية، وتم التشكيك في الهيكل التنظيمي لأهم وكالة استخبارات أمريكية، لأنها كانت متخلّفة عن الركب والتنافس مع كبرى شركات "نيويورك" في إنفاقها على خبراء الأمن الإلكتروني العاملين لديها وفي فقدانها للعديد من الكفاءات في هذا المجال ومع ذلك، فإن أعضاء مجلس الشيوخ والرأي العام الأمريكي يرون بأنه من بين أهم واجبات الرئيس الجديد لهذه الوكالة، هو مواجهة التهديدات الالكترونية، وخاصة التي تأتي من روسيا وحول هذا السياق أعلن "ناكاسوني" عقب توليه منصب رئاسة قوات الأمن الالكتروني التابع للجيش الأمريكي، بأنه سوف يتخذ القرارات المناسبة التي سوف تركّز على زيادة الأمن الالكتروني داخل أمريكا وشدد "ناكاسوني" في جلسة استماع مجلس الشيوخ باعتباره القائد الإلكتروني الثالث في الجيش الأمريكي، بأن أهم نقاط الضعف التي تعاني منها أمريكا في مواجهة الهجمات الالكترونية، هي أن الحكومات الغازية لا تخاف من ردّ أمريكا الانتقامي.
وتعدّ القوات الالكترونية التابعة للجيش الأمريكي، أصغر عمراً بكثير من وكالة الأمن القومي (NSA)، وقد تم تأسيسها في عام 2009 من قبل وزارة الدفاع الأمريكية وكان قائد هذه القوات الالكترونية منذ تأسيسها هو مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية، ولكنها كانت أكثر عدوانية ولذلك، فإن تعيين "ناكاسوني" لإدارة وكالة الأمن القومي، جاء للتأكيد على أن أمريكا بحاجة إلى تعزيز نهجها الهجومي الالكتروني، ولهذا فلقد قام مجلس الشيوخ الأمريكي بالموافقة على رفع شأن وحدة الحرب الإلكترونية بوزارة الدفاع، وتحويلها إلى "قيادة موحدة" مستقلة، وتعيّن مديراً جديداً لها، نظراً للأهمية المتزايدة للحرب الرقمية والهجمات الإلكترونية المتطوّرة.
ولقد أكد "ناكاسوني" في جلسة استماع مجلس الشيوخ الأمريكي على أن هدفه الرئيسي في التعامل مع التهديدات الالكترونية، يتمحور حول "تغيير سلوك المهاجمين وأنه يجب عليهم أن يدفعوا مقابل جرائمهم الالكترونية"، في الأساس وفي هذه الأشهر، يصرّح كل مسؤول حكومي في حكومة "ترامب"، عند ذهابه إلى جلسة استماع مجلس الشيوخ، بأنه "معادٍ للروس" وإلا فإنه لن يحصل على موافقة ذلك المجلس وعندما سأله السيناتور "إنهوف" عن خياراته لمواجهة الجرائم الإلكترونية الروسية، أعرب الجنرال "ناكاسوني" بأنه ترك القرار النهائي لوزير الداخلية في البلاد والرئيس الأمريكي لاتخاذه، ولفت بأنه أبلغ السلطات فقط بضرورة تعزيز قوة الردع الالكترونية من قبل وكالة الاستخبارات المركزية.
ولقد ذكّر هدوءه، أعضاء مجلس الشيوخ بأنه يتمتع بخبرة تزيد عن 30 عاماً في الجيش الأمريكي وقوات الحرب الالكترونية، وأن لديه مستوى عال من الذكاء والخبرة ليتحمل المسؤولية ولربما عندما ترتبط الهجمات الالكترونية ببعض الدول التي لا تخضع للهيمنة الأمريكية، فإن هذا الذكاء والهدوء سيكونان صفتان يجب توفرهما في القائد الجديد وهنا يّدعي "روزنباخ"، أحد كبار ضباط وزارة الدفاع الأمريكية في إدارة "أوباما"، بأن "ناكاسوني" لعب دوراً مهماً في تطوير قدرات الأمن الالكتروني الأمريكي وذلك من أجل إرضاء قادة "البنتاغون"، والمسؤولين التنفيذيين في وكالة الأمن القومي، وقادة الكونغرس لتشكيل قيادة إلكترونية، ثم القيام بمهام خاصة للتعامل مع التهديدات الالكترونية.
وفي سياق آخر صرّح "ناكاسوني" في قمة "بيلنجتون" للأمان الالكتروني، بأن أمريكا دخلت في الفصل الخامس من مستويات الأمن الالكتروني وأن أحد أهم أحداث الفصول الماضية هو مكافحة التهديدات الالكترونية والتخريبية التي كان يشنّها تنظيم "داعش" الإرهابي في شبكاته الدعائية، ولفت إلى أن أنشطة القيادة العسكرية الإلكترونية زادت بشكل كبير، خاصة عقب تعاونها مع "قيادة العمليات الخاصة" الأمريكية وأشار "ناكاسوني" في جلسة الاستماع تلك إلى تهديدين إلكترونيين جديدين، هما "سبيكتر" و"ميلتاون"، ودعا إلى ضرورة التعاون بين "مجتمع المعلومات والعلاقات بين الأشخاص والصناعة" و"خطط العمل المشتركة" من أجل "فهم هذه الثغرات بشكل أفضل" و "تطبيق القدرات اللازمة"، وأوضح أن متخصصي الإنترنت الأمريكيين في أواخر عام 2017 وجدوا مخترقين يسرقون المعلومات باستخدام فتحات متطفلة كانت موجودة في المعالجات الدقيقة.
يبدو أن البيروقراطية المنتشرة داخل أمريكا وقلة مصداقية النخبة الحاكمة الأمريكية وصعوبة تنظيم الشركات الخاصة، تعدّ أهم العقبات التي يواجهها "بول ناكاسوني" ومجتمع المخابرات الأمريكية في حربهم لهزيمة المنافسين والدول المعادية في هذه الحرب الالكترونية غير المتماثلة.