الوقت- جاءت مواقف الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الاخيرة من على منبر الامم المتحدة وما تلاها بعد عودته، لتجدد التأكيد على الموقف اللبناني الرسمي والشعبي من الممارسات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية والتهديدات الصهيونية للبنان الذي يتمسك بالقرارات والمواثيق الدولية التي تخوله الحق بالدفاع عن نفسه ورفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي لجأوا اليها، حيث يسعى العدو الاسرائيلي لتكريسه كأمر واقع تارة عبر المخططات المختلفة التي يحاولون تمريرها بقرار أميركي غربي وبتواطؤ عربي رسمي وطورا عبر الضغط على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين(الاونروا) وتخفيض الدعم الغربي والاميركي لها.
وتناغمت مواقف الرئيس عون مع مواقف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل ردا على مزاعم وأكاذيب رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو حول وجود صواريخ تهدد كيان العدو في محيط مطار بيروت الدولي، بالإضافة الى الجولة الميدانية التي قام بها الوزير باسيل في محيط المطار بعد اجتماعه بالسفراء المعتمدين في لبنان وبحضور وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، وتأكيده عبر كاميرات وسائل الاعلام المحلية والاجنبية وبالعين المباشرة والحية ان لبنان يواجه الاكاذيب الاسرائيلية ويفضحها، كل ذلك يظهر ان لبنان الرسمي والشعبي يدا واحدة امام كل الاخطار التي تتهدده وانه قادر على المواجهة عبر التماسك الوطني والتناغم القائم والمكرس بشكل مميز عبر معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
التزام لبنان بالقانون الدولي.. وتجاوزات العدو
هذه المواقف اللبنانية الرسمية أظهرت للرأي العام الدولي كله ومن على أعلى المنابر السياسية والدبلوماسية في العالم مدى الكذب الاسرائيلي والافتراءات التي تستبطن تهديدات للسيادة اللبنانية، ومحاولة اسرائيلية مكشوفة لتشويه صورة لبنان بأنه يخالف القرارات الدولية ذات الصلة ولذلك تابعنا الرئيس عون كيف أكد التزام لبنان بالقرار رقم 1701، بالرغم من ان الرئيس اللبناني اوضح للعالم كله ان العدو الاسرائيلي لم يلتزم يوما بالقرارات الدولية وبالتحديد في القرار رقم 425 الذي صدر في العام 1978 عن مجلس الأمن “والذي دعا اسرائيل، وبشكل فوري، الى سحب قواتها من جميع الاراضي اللبنانية لم ينفذ الا بعد 22 عاما وتحت ضغط مقاومة الشعب اللبناني”، بحسب ما اوضح الرئيس عون في الامم المتحدة، وذكر ان “… بعض الدول تتمنع عن تنفيذ قرارات لا تناسبها، حتى لو كانت لها صفة الإلزامية والفورية، وذلك من دون أي مساءلة أو محاسبة..”.
كما ان الوزير باسيل أكد خلال لقائه السفراء الاجانب ان “لبنان ملتزم بالقانون الدولي والقرارات الدولية وهو لا يلتزم النأي بالنفس عندما يتعلق الامر بالدفاع عن ارضه وشعبه”، مشيرا الى أن “اسرائيل لا تحترم المنظمة الدولية(الامم المتحدة) ولا تطبق قراراتها وفي لبنان لم تحترم القرار 1701 وهي انتهكت ارضنا وجونا وبحرنا 1417 مرة خلال الاشهر الثمانية الاخيرة”، هذا ما يؤكد رفض لبنان لكل الممارسات الاسرائيلية التي ترفض الالتزام بقواعد القانون الدولي وتنتهك السيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا بدون اي اعتبار للامم المتحدة وقواتها المؤقتة(اليونيفيل) التي تعمل في جنوب لبنان، كما ان العدو يواصل ضرب القوانين بعرض الحائط لانه يدرك حجم التواطؤ العربي والدولي على كل ما يفعله اليوم وما فعله منذ عشرات السنين في المنطقة وبالتحديد في فلسطين المحتلة.
قوة لبنان.. وقدراته التسليحية
هذه الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة تؤكد المؤكد بضرورة احتفاظ لبنان بكل عناصر القوة التي يملكها والعمل الجدي والمثابرة لامتلاك المزيد من نقاط القوة هذه سواء على صعيد التماسك والاحتضان الشعبي والالتفاف حول الجيش اللبناني وقيادته وحول المقاومة، وأيضا على صعيد رفع القدرات العسكرية للجيش والاجهزة الامنية المختلفة، ناهيك عن رفع المستوى العسكري والتسليحي للمقاومة التي أثبتت التجربة انها رسمت معادلات رادعة للعدو ومنعته من التهور وارتكاب المغامرات ضد لبنان، لان العدو يعرف ان التهديد يقابله تهديد وهو يدرك الاثمان الباهظة لذلك، خاصة مع متابعته لتراكم الخبرات العسكرية والامنية للمقاومة بعد التجارب الغنية التي خاضتها عبر السنوات الماضية واخرها مجريات الحرب ضد الارهاب التكفيري في لبنان وسوريا، ما دفع بالعدو الى القلق من امتلاك المقاومة لأنواع محددة من الاسلحة.
وبهذا السياق، تجدر الاشارة لكلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ختام مسيرة يوم العاشر من المحرم في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم 20-9-2018 حيث قال “… مهما فعلت (العدو الاسرائيلي) في قطع الطريق لقد انتهى الأمر وتم الأمر وأنجز الأمر وباتت المقاومة تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الإمكانيات التسليحية، ما إذا فرضت إسرائيل على لبنان حربا ستواجه مصيرا وواقعا لم تتوقعه في يوم من الأيام هذا هو الواقع”، وتابع السيد نصر الله”. العدو الإسرائيلي يعرف أن محور المقاومة بكامله عائد أقوى من أي زمن مضى، لان هذا العدو يعرف أن دولا جديدة أصبحت جزءا من محور المقاومة وأن شعوبا كانت خارج دائرة الصراع مع العدو الإسرائيلي أصبحت اليوم داخل دائرة الصراع مع العدو الإسرائيلي وبقوة وبفعالية وبانسجام”.
علما ان السيد نصر الله سبق ان أعلن خلال مهرجان النصر على العدو في 14-8-2018 ان “حزب الله اليوم أقوى من الجيش الإسرائيلي”، ما يوجب على العدو التفكير مليا وربط الاحداث ببعضها البعض ليفهم ان المقاومة اليوم أقوى بكثير وعليه عدم التهور والخوض في اعتداءات ستكون نتائجها كارثية عليه.
يبقى ان اللبنانيين بمواقفهم الكبيرة والصلبة والجامعة بمواجهة التهديدات الاسرائيلية أفشلوا احد أبرز اهداف العدو الذي سعى عبر هذه الضجة الاعلامية الى بث الفتن والشرخ بين اللبنانيين وتحريضهم على مقاومتهم التي أثبتت التجارب انها تضحي وتقدم الدماء في سبيل حفاظ كرامة وسيادة كل الوطن، وبالتالي تم تسجيل احد الشواهد الحية على أهمية الوحدة الوطنية لحماية لبنان امام المخاطر، كل ذلك يشكل ببساطة انتصارا لبنانيا جديدا على العدو الاسرائيلي المتربص بنا وبأمننا.