الوقت- إذا ما نظرنا في تصرفات النظام البحريني خلال ما يقارب الخمسة أعوام الماضية، فسنجد أن هذا النظام بدل إتباع سياسة الإصلاح السياسي وإنماء الحريات العامة في البلاد، بدأ يستخدم الرصاص والبرمجيات التجسسية لفرض هيمنته وقمع الإحتجاجات السلمية التي تشهدها البلاد، هذا فضلا عن إستعانته بالقوات الأجنبیة لسحق هذه الإحتجاجات.
حيث أن دراسة الاحداث خلال مايقارب خمسة أعوام مضت علی بدء الإحتجاجات في البحرين تشير الی أن النظام البحريني لا ينوي القيام بما تطالب به المعارضة، بل راح يزج برموزها واحدا تلو الآخر في السجون، كان من ضمنهم الشيخ علی سلمان، هذا فضلا عن تزايد أعداد القتلی الذين سقطوا برصاص القوات الأمنية طیلة هذه الأعوام. لكن في المقابل رغم جميع ممارسات العنف التي مارسها النظام ضد الشعب البحريني، فإن هذا الشعب لم يطلق حتی رصاصة واحدة ضد القوات الأمنية وبقيت إحتجاجاته تجري بمنتهی السلمية. حيث قلّما شهدنا معارضة سلمية في جميع الدول العربية التي شهدت إحتجاجات بعد عام 2011، مثل ما شهدنا في البحرين، وعلی عكس ما حدث في مصر وليبيا والیمن وتونس ودول اخری من إشتباكات بین المعارضة والقوی الأمنیة، والتي أدت الی استخدام الرصاص من قبل المعارضین ضد القوات الأمنية في هذه الدول، كانت المعارضة البحرينية تخرج خالیة الیدين الی الشوارع، مستخدمة الهتافات بدل الرصاص للإعلان عن مطالبها.
وفي مقابل هذه السلمية الرائعة التي نراها من قبل الشعب البحريني، دخل تنظيم داعش الإرهابي هو الآخر علی خط المواجهة ليهدد هذا الشعب بالقتل والذبح وكأن سياسة العنف التي تمارسها القوات البحرينية ضد المواطنين لا تكفي. وفي هذا السياق فان النظام البحريني وبدل الإتعاظ بما ارتكبه داعش من جرائم في الكويت والسعودية والتي راح ضحيتها العشرات من المصلين، بات لا موقف لهذا النظام سوی الصمت إزاء التهديدات التي يطلقها داعش ضد المواطنين البحرينيين. والملفت في هذا السياق أنه لو بحثنا في جميع سجون البحرين فاننا لم نجد حتی داعشيا واحدا، او حتی شخص متهم بالتعاون مع داعش، لكن في المقابل نجد أن هذه السجون مملوءة بمن الصقت بهم تهمة "الإرهاب" ضد النظام البحريني. وهذا يعني أن الحكومة البحرينية أهملت خطر الإرهاب الحقيقي ضد البحرين الذي يشكله داعش، وصارت تلاحق المواطنين بهذه التهمة.
بل اكثر من هذا حيث تؤكد المعلومات الواردة أن الإرهابي الذي فجر نفسه بداخل مسجد الإمام الصادق (ع) في الكويت، إتجه الی هذه الدولة عبر أحد المطارات البحرينية، دون أن يشعر بأي إزعاج من قبل قوات الأمن في البحرين. وإسمحوا لنا هنا أن نطرح هذا التساءل أنه لماذا لم تكن تمتلك السلطات البحرينية أية معلومات حول أعضاء داعش المتواجدين علی أراضيها؟، لكن في المقابل یوجد لمعظم المواطنین البحرینیین سجل كبیر من التهم في جمیع الوزارات الأمنیة!.
وبالاضافة الی نصب الكاميرات الحرارية في مختلف الأماكن الدينية من قبل الحكومة البحرينية بحجة توفير الامن لهذه الأماكن، كشفت معلومات جديدة تسربت بعد تعرض شركة "هاكين تيم" الإيطالیة الناشطة في مجال إنتاج برامج التجسس، الی عملية قرصنة، أن البحرين كانت من إحدی الدول التي حصلت علی العديد من برمجيات التجسس من هذه الشركة، للإستفادة منها بشكل غير قانوني في مجال التجسس علی مستخدمي الإنترنت وجمع المعلومات حول المعارضين.
هذه الإزدواجية في التعامل من قبل حكومة البحرين تجاه المواطنين البحرينيين وإتهامهم بممارسة الإرهاب، وغض بصرها عن الارهاب الحقيقي المتمثل بخطر داعش في البلاد، سيكون عاملا مهما لكي تصبح البحرين محطة جديدة لنشاطات داعش والجماعات الإرهابية الاخری، وإذا ما حصل اي مكروه للشعب البحريني لا سامح الله كما حصل في السعودية والكويت، فسيكون النظام البحريني هو المسؤول عن ذلك.