الوقت- ربما ليس السوريون أكثر الفرحين بإعادة فتح معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بل أكثر منهم الأردنيون الذين باتوا يتطلعون لإعادة فتح المعبر وإعادة الحياة والنشاط الاقتصادي له خصوصاً وأنّ المعبر يُشكّل الشريان الرئيسي الذي يُغذي الأردن بالصادرات القادمة من سوريا ولبنان وتركيا وأوروبا، كما أنّ إغلاق المعبر لسنوات عدّة بالتزامن مع الأزمة السورية عاد على الاقتصاد الأردني بالخراب الذي لم يشهده من قبل، وربما تتجلى أبرز آثار إغلاق هذا المعبر في المظاهرات التي عمّت المملكة من حيّنٍ لآخر نتيجة التدهور الذي حلّ بالاقتصاد الأردني.
شريان حياة
الأردن يعوّل وبشكلٍ كبير على فتح المعبر لإنقاذ تجارته المتعثّرة، إذ يُشكّل المعبر المنفذ الاستراتيجي الوحيد للأردن للمنتجات القادمة من الشمال، فهو لا يُعيد حركة التبادل بين سورية والأردن فقط، بل سيعيد ربط القارة الأوروبية بآسيا ووصول السلع براً لمنطقة الخليج، الأمر الذي سيدرّ ملايين الدولارات على الاقتصاد الأردني.
ليس فقط الاستيراد أو حركة مرور البضائع شمالاً وجنوباً، بل أيضاً حركة تصدير البضائع الأردنية هي الأخرى ستشهد نموّاً كبيراً، حيث تراهن عمّان على فتح المعبر مع سوريا لتنشيط اقتصادها المتردي وتجاوز العثرات التي تعرّضت لها خلال السنوات السبع الأخيرة بسبب إغلاق المعبر الأمر الذي أفقدها أسواقاً مهمّة لتصريف بضائعها خصوصاً بعد أن انحسرت الصادرات الأردنية إلى روسيا وأوروبا والعديد من البلدان.
فالتبادل الاقتصادي بين سوريا والأردن والذي بلغ في العام 2010 ما قيمته 615 مليون دولار، تراجع بشكلٍ تدريجي خلال سنيّ الحرب إلى أقل من 20 مليون دولار، ليتوقف وبشكلٍ نهائي منذ العام 2015 إثر سيطرة المجموعات المسلّحة على المعبر من ذلك الحين، الأمر الذي سبّب ضربة قوية لاقتصاد الأردن، بل أكثر من ذلك حيث إنّ إغلاق المعبر وجّه ضربة قاسمة للاقتصاد الأردني وقُدّرت عائدات الأردن من هذا المعبر بـ 800 مليون دولار سنوياً.
مطالبات بفتح المعبر
لا يعرف أحدٌ تاريخاً معيّناً لفتح المعبر غير أنّ العديد من الفعاليات الاقتصادية الأردنية باتت تُطالب بإعادة فتح المعبر إلا أنّ فتحه وكما يؤكّد مراقبون بحاجة إلى قرار سياسي، ويؤكد اقتصاديون أردنيون أن إعادة فتح المعبر سيحدث انتعاشاً للصادرات الأردنية إلى أسواق سوريا ولبنان وتركيا وأوروبا وروسيا وغيرها من الأسواق، التي يتم التصدير إليها من خلال خط الترانزيت الوحيد الذي يربط بلاده بهذه الجهات من خلال الأراضي السورية، كما أنّ فتح معبر نصيب أو (جابر كما يُسمى في الأردن) سينعكس إيجاباً على الشاحنات التي تعرّضت لخسائر تقارب 1.4 مليار دولار، بحسب آخر التقديرات الصادرة عن قطاع الشحن البري في الأردن وذلك نتيجةً لإغلاق الحدود مع كل من سوريا والعراق، حيث إنّ أكثر من 17 ألف شاحنة تأثّرت نتيجة إغلاق المعبر بين البلدين.
وبهدف التسريع بإعادة فتح المعبر زار وفدٌ اقتصادي أردني دمشق مؤخراً، عقد خلال الزيارة اجتماعات مع عدد من الفعاليات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى اجتماعات أخرى مع سياسيين سوريين للتباحث بأمر إعادة فتح المعبر.
وفي السياق ذاته قالت وكالات الأنباء إنّ وحدات من الجيش السوري ومنذ سيطرة الحكومة السورية على المعبر بدأت الانتشار في المعبر ليبدأ بعدها التنسيق بين المستثمرين الأردنيين والسوريين بهدف إعادة تدشين المنطقة الحرة وعودة نشاطها التجاري والصناعي والخدمي، كما أكد مدير عام شركة المنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة أن المنطقة الحرة باتت جاهزة لوجستياً وخدماتياً، كما باتت مستعدة لتمارس نشاطها من جديد.
ختاماً.. إن إعادة فتح معبر جابر الحدودي (نصيب) من شأنه أن يُعيد الحياة إلى الاقتصاد الأردني بعد أن وصل إلى حافة الهاوية نتيجة إغلاق المعبر طوال سني الحرب في سوريا، حيث إنّ المنطقة الحرة التابعة للمعبر وقبل إغلاقه كانت توفر فرص عمل لأكثر من 4 آلاف شخص من البلدين، كما أنّها كانت تحوي أكثر من 35 مصنعاً وأكثر من 100 معرض سيارات وعشرات المحال التجارية وساحات للشاحنات ومستودعات لممارسة كل الأنشطة التجارية، أما في مدينة الرمثا الحدودية فيوجد وحسب اقتصاديين أردنيين أكثر من أربعة آلاف محل تجاري كانت تعتمد على البضائع القادمة من سوريا، بالإضافة لوجود أكثر من ألفي سيارة نقل صغيرة كانت تنتقل إلى سوريا يومياً يترزّق منها أكثر من ألفي عائلة، كما أنّ استعادة الدولة السورية السيطرة على الحدود والمعابر الدولية من شأنه تحريك مدينة الرمثا بشكل خاص، وينعش الأردن بشكل عام، حسب ما يؤكده الأردنيون.