الوقت- إن اختلاق الأعذار يُعدّ واحداً من أهم العوامل التي تشكّل حاجزاً وتمنع الإنسان المريض من الذهاب إلى الطبيب والبدء في برنامج علاجي وهذا ما نراه بشكل جليّ عند العديد من الأفراد الذين يقومون باختلاق الكثير من الأعذار لكي لا يذهبوا إلى المستشفى أو إلى الطبيب المختصّ لمعرفة ممَ يعانون وفيما يلي سوف نسلط الضوء أكثر على أهم أسباب اختلاق الأعذار عند بعض الأشخاص المرضى:
1- إن لم يقم الآخرون بتغيير أنفسهم، فلا يمكن إصلاح سلوك الفرد وتحسينه.
إن معظم الأشخاص الذين يعانون من مشكلات سلوكية وعصبية، هم أولئك الأشخاص الذين عاشوا وكبروا في أسرة كانت تعاني من الكثير من المشكلات العائلية ولهذا فإنه يمكن القول هنا بأن الأسرة لها دور وتأثير كبير على سلوكيات جميع الأطفال الذين يتعلّمون بشكل مباشر من الأب والأم وفي بعض الحالات التي تكون فيها العلاقة بين الأب والأم غير صحيّة وغير جيدة، فإن بعض الأطفال يكونون معرضين بشكل مباشر لبعض السلوكيات السيئة من قبل هؤلاء الآباء وبهذا سوف يصاب هذا الطفل بالكثير من الأمراض النفسية والعصبية ولن تتحسن حالته السلوكية والعصبية إلا بمراجعة الطبيب النفسي.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا ما تمّت معالجة الشخص المصاب بأمراض نفسية وعصبية سواء أكان الزوج أم الزوجة، فإن هذا الأمر سوف تكون له الكثير من النتائج الإيجابية على أطفالهم وعلى الأشخاص الآخرين الذين يعيشون معهم في نفس المحيط وهنا يجب التأكيد على أنّ الشخص الذي يريد أن يبني أو يُحدث تغييراً في نفسه لا يحتاج إلى أن يبني أو أن يُحدث تغييراً في الآخرين.
2- لقد فات الأوان ولم تتبقَ لنا أي فرصة للعلاج
العامل الآخر الذي يستعين به الكثير من الناس لتبرير عدم ذهابهم إلى الطبيب المختص لكي يقوم بمعالجة سلوكياتهم العصبية، هو أنهم يعتقدون بأنهم فقدوا الكثير من الوقت وأنهم تأخروا كثيراً وأنه في الوقت الحاضر لم يتبقَ لهم أي فرصة للعلاج أو للذهاب إلى الطبيب والمختص، إنهم يختلقون مثل هذه الأعذار لكي يستمروا في سلوكهم العصبي ومواصلة حياتهم المؤلمة والمريرة.
الجدير بالذكر هنا، أن النمو ليس مجرد مفهوم مادي وإنما يستطيع الشخص النمو في جميع الجوانب السلوكية والعاطفية والشخصية وإذا لم يحقق ذلك الشخص أي تغيير ملموس في سلوكياته، فإنه بذلك يكون قد وقع في ورطة وسوف يصاب في المستقبل بالعديد من الأمراض النفسية والعصبية.
3. مع هذا الوضع الاقتصادي المزري، هل يمكن للمرء أن يكون في حالة صحيّة جيدة.
أحد الأسباب الأخرى التي يختلقها معظم الناس لتبرير حالتهم الصحية، هو انتقادهم للأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشون فيها وقضاياهم المالية المتأزمة وبعبارة أخرى، هم يرون بأنه إذا تم حلّ جميع المشكلات الاقتصادية الموجودة، فإن الإنسان سوف يتمكّن من التعامل مع المسائل والقضايا الأخرى وسيصبح شخصاً سعيداً في حياته، في الواقع، إنهم يعتقدون أن الاقتصاد مهم جداً ويحتل المقام الأول وبقية الأمور الأخرى تأتي في المراحل اللاحقة ولهذا، فهم يقولون بأنه إذا لم يتم حلّ المشكلات الاقتصادية، لا يمكن حلّ المسائل والقضايا الأخرى، في الواقع، يمكن أن يكون للمشكلات الاقتصادية التي يعيش فيها الشخص بعض التأثير على سلوكه ولكن ليس كل العوامل التي تتحكم في السلوك يكون منبعها الأصلي هو الاقتصاد وبعبارة أخرى، يوجد هناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر على سلوك الفرد كالعوامل الثقافية والسياسية والأمنية وغيرها ولذلك، فإن قرار تصحيح السلوك أو تحسينه أو معالجته يمكن أن يقوم به شخص فقير أو شخص غني.
4- لا يمكن للمرء اتخاذ بعض الإجراءات عندما يكون الوضع الاجتماعي والسياسي والثقافي الذي يعيش فيه سيّئاً.
هنالك العديد من الأشخاص الذين يقومون باختلاق الكثير من الأعذار لتبرير فشلهم وعدم ذهابهم إلى الطبيب والبدء ببرنامج علاجي وذلك بانتقادهم للأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية التي يعيشون فيها، في الواقع إن تلك الأوضاع تؤثّر بشكل مباشر وغير مباشر على سلوك الفرد ولكن لا يجب القول هنا بأنه لا يوجد هناك عوامل أخرى تؤثر أيضاً على سلوك الفرد، حيث إنّ السياسة أو علم إدارة المجتمع له أهمية كبيرة على سلوك الفرد ولكن كل الأمور لا تتأثر بالسياسة فقط وذلك لأنه على الرغم من أن المجتمع يكون محكوماً غالباً بسياسة واحدة، إلا أنه يوجد اختلاف كبير في الوضع السلوكي للأفراد الذين يعشون في هذا المجتمع، كما أن العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية كلّها تؤثر على سلوك الإنسان ولكن لا يمكننا هنا تجاهل دور الإنسان وتأثيره على تلك العوامل ولهذا، إذا لم تكن هناك حاجة للتصحيح أو للتحسين أو لعلاج السلوك، فلا يمكن للمرء أن ينتظر حتى يتم تنظيم تلك العوامل وتنفيذها ولهذا فإنه يجب التأكيد هنا بأن كل شيء يتطلّب العناية به ووضعه في مكانه والاهتمام به.