الوقت- انتقد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الموقف الأمريكي تجاه الاتفاق النووي، مشيراً إلى بعض الخيارات التي تمتلكها طهران للرد على الانسحاب المحتمل لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هذا الاتفاق.
وخلال مقابلة أجرتها معه مجلة "نيويوركر" الأمريكية أكد ظريف أن بلاده لا تثق بواشنطن وأن عدم الثقة بها يترسخ لدى الإيرانيين اليوم أكثر من أي وقت مضى، مضيفاً إن الإدارة الأمريكية لم تفِ بالتزاماتها ضمن الاتفاق النووي من ناحية، ومن ناحية أخرى، رفعت مطالب أخرى لا علاقة لها بهذا الاتفاق، مشدداً في الوقت ذاته على أن إدارة ترامب لم توفر خلال الـ 15 شهراً الماضية أي فرصة أو محاولة لعرقلة المسار الطبيعي للتجارة مع إيران، في حين أن طهران كانت تنظر بأهمية بالغة للمنافع الاقتصادية الناجمة عن هذا الاتفاق.
وأضاف ظريف": إذا كانت واشنطن تريد تدمير الاتفاق النووي، فهي قادرة على ذلك، لكنها ليست قادرة على تحمل تبعات هذه الخطوة وعواقبها، مؤكداً أن واشنطن يجب ألّا تقلق من إمكانية صنع قنبلة نووية في إيران، لكنها إذا خرجت من الاتفاق فإن إيران ستقوم بتخصيب اليورانيوم بكامل طاقتها وإمكانياتها.
وفي جانب آخر من تصريحه أشار ظريف إلى أن بلاده مازالت تجري مباحثات داخلية حول رد الفعل الإيراني إزاء قضية احتمال انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، وأن القرار النهائي لم يتخذ بعد رغم وجود عدة اقتراحات في هذا الخصوص، مؤكداً كذلك أن إيران ليست لوحدها، وأن الرأي العام العالمي قد تغير في السنوات الأخيرة وتنامى عدم الثقة بأمريكا.
وأشار ظريف إلى أن واشنطن لم تكن ملتزمة بالاتفاق النووي الإيراني، وهذا يعتبر رسالة خطيرة جداً للشعب الإيراني ولكل شعوب العالم أيضاً، مفادها أن المفاوضات مع أمريكا ليس لها نتائج إيجابية وعليك ألّا تتوصل لاتفاق أبداً مع واشنطن لأنها تتبنى في نهاية المطاف مبدأ "ما لدي هو ملك لي، وما لديك قابل للتفاوض".
وفيما يتعلق بإمكانية استمرار إيران بالمفاوضات مع أمريكا بعد خروجها من الاتفاق، قال ظريف: "لن تموت الدبلوماسية أبداً، وليس هناك طريق واحد لها"، ويعني بذلك الدبلوماسية الأمريكية فحسب.
ثلاثة خيارات إيرانية مطروحة
ونقلت صحيفة "نيويوركر" عن ظريف قوله إن إيران لديها ثلاثة خيارات في حال انسحاب حكومة ترامب من الاتفاق النووي، أولها، أنها ستسحب التزاماتها فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم بوتيرة سريعة، وثانيها أن إيران ستلجأ لمقاضاة أمريكا رسمياً في المحافل الدولية لعدم التزامها بتعهداتها، وذلك ضمن الأطر القانونية لذلك.
وختمت صحيفة "نيويوركر" بالقول: أما خيار إيران الثالث فسيكون الأقوى، والذي قد يتضمن انسحابها من معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، التي تم توقيعها عام 1970، ووقعت عليها 191 دولة حتى الآن، ومهما كان القرار الإيراني، فلن يعجب الأمريكيين حتماً.
خروج واشنطن من الاتفاق النووي لن يؤثر كثيراً على الاقتصاد الإيراني
حظيت زيارة وزير الخارجية الإيراني الحالية إلى نيويورك باهتمام إعلامي عالمي منقطع النظير، إذ تهافتت كبرى وسائل الإعلام الأمريكية للحوار مع الوزير الإيراني، الذي أجرى مقابلة مع موقع "المانيتور" الأمريكي، أكد فيه أن أقوى خيارات طهران في حال خروج أمريكا من الاتفاق النووي هو استئناف البرنامج النووي بشكل أكثر تطوراً.
وشدد ظريف على أن خروج واشنطن من الاتفاق النووي لن يترك آثاراً ذات أهمية على الاقتصاد الإيراني، لأن إدارة ترامب سعت جاهدة لحرمان طهران من حقوقها الاقتصادية التي يكفلها لها هذا الاتفاق عبر فرض عقوبات تتعارض مع روحية اتفاق فيينا، وتهديد الشركات الكبرى من مغبة التعامل مع إيران اقتصادياً وتجارياً، وأضاف: إن أي إجراء تتخذه الإدارة الأمريكية خلال الأسابيع الثلاثة المتبقية لن يكون له تأثير يذكر قياساً بالسابق، ومبدئياً إن السياسات التي اتخذتها أمريكا على مدى الأشهر الماضية قللت من العواقب الاقتصادية لهذا القرار على إيران.
ولفت ظريف إلى أن خروج واشنطن من الاتفاق النووي الذي وقّعته مع بلاده ضمن مجموعة الـ5+1 في فيينا عام 2015، سيفتح الباب على مصراعيه أمام إيران لاستئناف نشاطها النووي السلمي بشكل أكثر تطوراً، باعتبار أنها تمكّنت من تحقيق تقدم كبير على صعيد الأبحاث العلمية والتنمية المتعلقة بهذا المجال.
كما أشار الوزير الإيراني إلى أن المساعي التي تبذلها بعض الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا وبريطانيا لزيادة الضغط على طهران بهدف إقناع أمريكا للبقاء في الاتفاق النووي تعتبر سياسة خاطئة، مضيفاً إن هذه الدول لو كانت تفكر بمصالحها بشكل منطقي فعليها أن تقنع الرئيس الأمريكي "ترامب" وإدارته بالبقاء في الاتفاق النووي والالتزام به على أحسن وجه، لأن مجرد بقاء واشنطن في الاتفاق غير كافٍ بحد ذاته بل عليها الإيفاء بالتزاماتها وأن تكون عضواً فاعلاً وتمتلك نوايا حسنة إزاء هذه الاتفاق، لكن الأمر لم يكن كذلك، على الأقل منذ مجيء ترامب إلى البيت الأبيض.