الوقت- بعد تلويح السودان بسحب جنوده المشاركين في الحرب اليمنية، تعتزم دولة الإمارات استقدام جنود أوغنديين للمشاركة في الحرب على اليمن بعد الخسائر الفادحة التي تلقاها مرتزقتها مطلع العام الرابع من العدوان على اليمن، ومن المتوقع أن توافق الحكومة الأوغندية على إرسال عشرة آلاف جندي منهم ألفي جندي في الصومال حسب ما ذكرت عدة مصادر عربية وخليجية مقربة من مطبخ التحالف الذي تشكل فيه الإمارات رقماً مؤثراً في الأرض اليمنية، ولاسيما الجنوبية منها.
أسباب سودانية
مؤخراً تحدثت تقارير عدة عن اعتزام السودان سحب قواته المشاركة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية منذ أربعة أعوام في اليمن، ويعود اعتزام الانسحاب لأسباب تتعلق بمواقف خارجية، وكذلك ضغوط داخلية تتبناها المعارضة السودانية وأعضاء من البرلمان، لمطالبة الرئيس السوداني عمر البشير بسحب القوات السودانية من اليمن بعد الأعداد المهولة من القتلى السودانيين في الجبهات اليمنية، ويؤكد المعارضون أن قرار حكومتهم المشاركة في التحالف - الذي شكّلته السعودية يوم 26 مارس 2015م - قد استند إلى أمور سياسية وأخرى عقدية واقتصادية، غير أن هذه الجوانب لم تعد موجودة حالياً.
قناع سعودي
كان السودانيون ينظرون بكل تقدير واحترام إلى المكانة السياسية الكبيرة التي تحتلها السعودية من منظور المكانة الدينية، ناهيك عن وزنها الاقتصادي الثري، إلا أن المكانة التي استند إليها النظام السعودي في دعوته للسودان لتشكيل التحالف ضد اليمنيين بدأت تهتز بصورة كبيرة في الشارع السوداني، بعد الجرائم المتكررة في اليمن، والتغيرات الأخيرة التي أقدم عليها محمد بن سلمان، ومحاربته للعلماء والمفكرين الإسلاميين، وحديثه المتكرر عن التطبيع مع إسرائيل وحقها في امتلاك دولة.
أبو ظبي أبرز الأسباب
ينظر الكثير من السودانيين إلى أن دولة الإمارات تأخذ الحرب في اليمن بعيداً عن استعادة الشرعية التي يزعمون استعادتها، وهو السبب الذي قامت من أجله الحرب، حيث أقدمت الإمارات على إقامة دولة جديدة داخل الدولة اليمنية، وغذت العديد من الميليشيات التابعة لها، وغيّبت دور الدولة في القرار. وهو ما أكده علي السعدي القيادي في الحراك الجنوبي بقوله إن الإمارات تتعامل مع الجنوبيين كمرتزقة لا تأثير لهم ولا قيمة.
إلى ذلك، تتعدد الأسئلة في الداخل السوداني عن مشاركة بلادهم في العدوان على اليمن، ويتساءلون كيف أن مصر وباكستان ودولًا أخرى تربطها بالسعودية علاقات استراتيجية قوية، لكنها لم تشارك بنفس القدر الذي شاركت به بلادهم في الحرب البرية المكلفة في اليمن.
تاريخ من الارتزاق
المتتبع لتاريخ الجيش السوداني المرتزق، سيجد أنها ليست المرة الأولى التي يغادر فيها الجندي السوداني حدود بلاده ليشارك في حرب ليس له فيها ناقة ولا جمل، فهو من خرج إبان الحرب العالمية الثانية ليجد نفسه مقاتلاً في صقيع المكسيك، وصحاري طبرق والعلمين، تحت إمرة المستعمر البريطاني نصرة لتاج المملكة، التي لم تكن تغرب الشمس عنها أو تنزوي ساعة من نهار، وهو ذات الجندي الذي وجد نفسه في الهضاب الحبشية مدافعاً عن تاج الإمبراطور الحبشي الذي كان يتجهمه المستعمر الإيطالي في العام 1936م. وهو المرتزق ذاته، الذي رابط في أدغال الكونغو إبان البحث الأممي عن السلام في تلك البلاد التي فقدت ابنها البار "باتريس" نتاجاً لمؤامرات الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، دون تحقيق السلام أو الاستقرار حتى اللحظة.
في جميع تلك المواقف الحربية، دفع الجندي السوداني روحه بحماس منقطع النظير، وبهمة عسكرية لا تنقضي، دون أن يسأل نفسه لماذا وجد في تلك الأصقاع، ولماذا جعل نفسه وقوداً في ذاك الغمار الحربي، وما هي قضيته التي قادته إلى تلك الأجناب والتضاريس، واختارته دون سائر جيوش الدنيا لتمنحه مكافأة النهاية، وترمي جثته لسباع البراري والأدغال.
نفس المصير
في حرب الموت التي يشنها العدوان على اليمنيين، وجد الجندي السوداني نفسه مجدداً وقوداً لحرب لا رأس له فيها ولا ذنب، لا على المستوى الشخصي، ولا الرسمي الذي يخصّ بلاده المنكوبة بردوم من الأزمات، التي لا يكابدها بلد من بلدان المعمورة على كثرتها وتشابكها وتبعاتها.
شعب مغلوب تطحنه الفاقة، ويجثم على مفاصله المرض والفقر، وفي المقابل لم يجد اليمنيون قلقاً من توافد المرتزقة إلى بلادهم، فأبطالهم يجدون متعة في نزالات الحرب البرية المباشرة التي يتفننون في حسمها بمحارق تلو أخرى، محارق لم تكلفهم سوى الضغط على زناد قناصة، أو ضوء أخضر لصاروخ باليستي قصير المدى.