الوقت- فشل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حشد تأييد غربي لقراره بتنفيذ ضربة عسكرية ضدّ سوريا رداً على الهجوم الكيميائي المزعوم، ولم يستطع إقناع أقرب حلفائه الذين سارعوا إلى إعلان النأي بالنفس عن مغامرة ترامب غير المحسوبة التي قد تشعل فتيل حرب كبيرة في العالم.
وبدل أن يجمع ترامب الدول الأوروبية خلفه كما دأب رؤساء أمريكا قبل تنفيذ أي عمل عسكري في أي منطقة من العالم، أحدث ترامب شرخاً واضحاً بين هذه الدول، واقتصرت جهوده على سحب فرنسا التي خرجت عن الإجماع الأوروبي بينما خطت بريطانيا خطوة خجولة وغير دستورية خلف مقامرته.
وأعلن مكتب رئاسة الوزراء الإيطالي، في بيان، أنه لن يكون لروما أي دور مباشر في هجوم عسكري غربي ضد الحكومة السورية، مشيراً إلى أن إيطاليا ستستمر بتقديم الدعم اللوجستي لحلفائها، ووفقاً للبيان، فقد أبلغ رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني، خلال اتصالات دولية عديدة بما في ذلك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بأن "إيطاليا لن تشارك في العمليات العسكرية في سوريا، بناء على الاتفاقيات الدولية والثنائية الحالية، ستواصل إيطاليا تقديم الدعم اللوجستي لقوات التحالف".
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت بدورها، اليوم الخميس، أن بلادها لن تنضم إلى أي ضربات عسكرية ضد الحكومة السورية، وقالت ميركل خلال مؤتمر صحفي، عقب اجتماعها برئيس الوزراء الدنماركي لارس لوك راسموسن، في العاصمة الألمانية برلين، أنها تؤيد الجهود الغربية لإظهار أن استخدام الأسلحة الكيمياوية غير مقبول، واستدركت "لكن ألمانيا لن تشارك في أي عمل عسكري محتمل ضد سوريا، رداً على الهجوم الكيمياوي"، وأوضحت "لن تشارك ألمانيا في عمل عسكري محتمل، لم نتخذ قرارات بعد، أريد أن أؤكد ذلك"، وتابعت "لكننا ندعم كل ما يتم القيام به لإظهار أن استخدام الأسلحة الكيمياوية غير مقبول".
وفي بريطانيا، وعلى الرغم من تأكيد رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها مستعدة للموافقة على مشاركة بلادها في عمل عسكري رداً على "الهجوم الكيميائي" في سوريا، أكد زعيم حزب العمال المعارض البريطاني جيريمي كوربين بأن أي قرار محتمل بشأن العمل العسكري ضد سوريا يجب أن يناقش مع البرلمان.
وقال كوربين في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، رداً على سؤال حول سوريا، إن "البرلمان يجب أن يقول كلمته دائماً بشأن أي عمل عسكري"، وتابع قائلاً: "من الواضح أن الوضع خطير جداً، ومن الواضح أنه يجب أن تكون هناك مطالبة بعملية سياسية لإنهاء الحرب في سوريا. ولا يمكن أن نجازف حتى يكون هناك تصعيد أكبر مما هو الآن".
وكانت وسائل إعلام بريطانية، أشارت إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أعطت أوامرها للغواصات البريطانية بالتحرك استعداداً لشن هجمات ضد الجيش السوري قد تبدأ في وقت مبكر من مساء الخميس.
من جانبها، أكدت السويد، العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي، معارضتها لشن أي ضربات عسكرية على سوريا، مشيرة إلى أن هذه الضربات ستنتهك القانون الدولي، وقال سفير السويد في الأمم المتحدة اولوف سكوغ للصحافيين "الشعب السوري يريد ويحتاج إلى السلام والعدالة وليس إلى مزيد من التصعيد العسكري أو الإفلات من العقاب"، وأضاف ليكن ذلك أيضاً هو شكل الرد على التدخلات العسكرية المزمعة. يجب أن يتوافق أي شيء يحدث الآن مع القانون الدولي".
وحدها فرنسا غردت خارج الإجماع الأوروبي، وأبدت دعمها لخطط ترامب العدوانية، حيث أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مشاركة بلاده في أي عدوان أمريكي على سوريا، في وقت تحدثت فيه وسائل إعلام فرنسية بأن باريس أعلنت حالة الاستنفار في إحدى مطاراتها جنوب البلاد ورفعت من جهوزية طائراتها المقاتلة لتنفيذ هجوم على سوريا لم يحدد موعده بعد.
أما الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، فناشد جميع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي "تجنب خروج الوضع في سوريا عن السيطرة"، معرباً عن "قلقه العميق بشأن المأزق الراهن"، ذلك مع تزايد احتمالات توجيه ضربة عسكرية غربية إلى سوريا.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، توعد بقصف سوريا بصواريخ حديثة وذكية، داعياً روسيا للاستعداد لصدّها، والتوقف عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد الذي وصفه بـ"الحيوان القاتل لشعبه".
ولكن ترامب عاد اليوم الخميس وغرّد على موقع التويتر قائلاً: "لم أحدد مسبقاً متى ستُنفّذ الضربة ضد سوريا، يمكن أن تكون في القريب العاجل، أو قد لا تكون قريبة على الإطلاق"، وتابع: "في كل الحالات أنجزت أمريكا في ظل إدارتي عملاً عظيماً في تخليص المنطقة من داعش.. أين الشكر لأمريكا؟".
وفي سياق متصل، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن أي تحرك محتمل من جانب الدول الغربية سيسبب مزيداً من عدم الاستقرار في المنطقة، وأشار الرئيس الأسد، خلال استقباله اليوم الخميس، علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني "مع كل انتصار يتم تحقيقه على أرض الواقع، يتم رفع أصوات بعض الدول الغربية وتكثيف الإجراءات في محاولة من جانبهم لتغيير مسار الأحداث.