الوقت- تشهد افغانستان مرحلة سياسية جديدة، حيث يشكل ائتلاف أشرف غني مع عبدالله عبدالله نمطاً جديداً من المعارضة في البلاد، فعلى الرغم من أن بعض التيارات الشعبية والتيارات الموالية لعبدالله هي التي تتصدر التيار المعارض، الا أن التحالف الأخير الذي لجأ اليه حامد كرزاي والتيارات الموالية له أصبح يستقطب الكثير من التيارات المخالفة.
تولى عبدالله منصب رئيس الهيئة التنفيذية (الحكومة) وذلك خلال الاتفاق الذي جرى بعد الانتخابات الاخيرة والقاضي بتولي عبدالله لإدارة الهيئة التنفيذية مقابل فوز أشرف غني بالرئاسة، لم يستطع عبدالله الحفاظ على مؤيديه لعدم قدرته على تحقيق مطالبهم، ما أدى الى فقدانه الكثير من المؤيدين له مثل يونس قانوني، عطا محمد نوري، بسم الله خان محمدي وزير الدفاع السابق وغيرهم، وكذلك فإن الجبهة الوطنية للانقاذ المؤيدة لأشرف غني أيضاً هي الأخرى تعرضت لفقدان مؤيديها، مثل أحمد ضياء مسعود وصبغة الله مجددي وغيرهم من الذين انفصلوا عن رئيس الجمهورية، ورغم هذا فإن الجبهة تبقى منسجمة ومتحدة أكثر من غيرها.
النظرة الإيجابية التي حملها أشرف غني تجاه الجارة باكستان والتي انتهت بالتوصل الى إتفاق أمني معها من أهم دوافع الحوار بين الرئيس الحالي أشرف غني والسابق حامد كرزاي الذي دخل الساحة السياسية بقوة بعد اعلانه مخالفته لأشرف غني، وسعى كرزاي الى جذب العديد من التيارات والأحزاب نحوه الأمر الذي دفع بعض مؤيدي عبدالله بالاتجاه الى كرزاي لمناصرته سياسيا في المستقبل، وعلى الرغم من أن حامد كرزاي لم يدّع المعارضة علناً، ورغم رغبته في الحصول على مكانة شعبية منقطعة النظير تفوق الاعتبارات الحزبية والسياسية الا أنه لا زال يعمل على جذب مؤيدين له، ليستفيد منها في منافسات مستقبلية يظهر فيها كمنقذ لأفغانستان ليمسك من خلالها بزمام السلطة.
من جهة أخرى فإن حركة طالبان الارهابية التي وحسب ما أقرت الحكومة الأفغانية تسيطر على مناطق مهمة في البلاد، تسعى الى تنفيذ استراتيجية مزدوجة تحصل من خلالها على شعبية ونفوذ في الداخل الأفغاني بالإضافة الى كسب موقع سياسي على مستوى المنطقة والعالم، فالحركة من خلال عمليات الإغتيال والتفجيرات التي تنفذها والتي تتسم بالطابع الإرهابي تحاول تذكير الأحزاب والتيارات السياسية الأفغانية بالقدرة التي تملكها، ومن جهة أخرى فإن هذه الحركة تحاول من خلال المفاوضات والمحادثات التي تجريها أن تنال صفة حزب ديمقراطي.
الاستراتيجية المزدوجة التي تطبقها حركة طالبان الارهابية بالإضافة الى وجود بعض الأنصار لهذه الحركة يجعل من وصولها الى مكان رفيع في الدولة تحت مسمى المعارضة أمراً ليس ببعيد، وما يدل على فاعلية استراتيجية حركة طالبان الارهابية ترحيب السياسيين الأفغان بعودة هذه الحركة بعنوان حزب ديمقراطي الى السلطة، ويظهر هذا الترحيب من خلال السعي الحثيث لإجراء مفاوضات وطنية في اطار غير حكومي على أن تكون الحركة جزءاً من هذه المفاوضات.
وللمعادلة السياسية التي تشهدها أفغانستان جذور في باكستان، فالجيش الباكستاني تعهد خلال اتفاقية مع افغانستان بالقيام بالإجراءات اللازمة للوقوف في وجه حركة طالبان الافغانية الارهابية، ولكن الجيش الباكستاني لم يفِ بأي من وعوده رغم الإمتيازات الكبيرة التي قدمتها أفغانستان له، اذ أنه لايزال يرسل العديد من عناصر حركة طالبان الارهابية المتواجدين داخل الأراضي الباكستانية الى أفغانستان، فالجيش الباكستاني يسعى الى لعب دور أكثر أهمية في المنطقة من خلال استغلاله للمتغيرات في الجارة أفغانستان واستعماله لحركة طالبان الارهابية التي تشكل ضغطاً على الحكومة الأفغانية.
الانتخابات البرلمانية التي جرت منذ شهرين تقريباً، اضافة الى المشاكل الإقتصادية والأمنية داخل البلاد، ناهيك عن الخلافات والانقسامات بين التيارات والأحزاب الأفغانية، كل هذه المعطيات لا تنبئ بمستقبل مستقر وبعيد عن النزاعات في أفغانستان، بالإضافة الى أن حضور عبدالله في الحكومة الأفغانية وعدم قدرته على استغلال منصبه يساهم في انهيار قريب الوقوع للحكومة الأفغانية، الأمر الذي ينبئ باحتمالية وصول كرزاي الى السلطة وخاصة اذا ما استطاع جلب الأنصار والمؤيدين له.