الوقت- كثير من الناس يعانون من تقلبات في مزاجهم، يرون بعض الأيام جيدة وأخرى تكون سيئة بالنسبة لهم. أسباب كثيرة تقف خلف هذه الحالة النفسية، فالظروف الاجتماعية لها دورها والحالة الصحية كذلك. ولأن لنوع الطعام أهمية بالغة في صحة الإنسان، أسئلة مهمة تطرح نفسها، هل التغذية غير السليمة بإمكانها أن تضرّ بالمزاج أو أن تشجع على حدوث الاضطرابات النفسية؟ وما هي الأطعمة التي يجب تجنبها للحفاظ على المزاج المطلوب؟ وهل يمكن للتغذية أن تؤثر على الحالة المزاجية لدينا؟
دراسات وأبحاث كثيرة تحدّثت عن أثر التغذية ودورها في تغير الحالة المزاجية للإنسان سلباً أو إيجاباً. وصحيح أن التغذية لا تعتبر علاجاً للاكتئاب تماماً، لكنها جزء مساعد في خطة العلاج الشاملة. كما أكدت بعض الدراسات أن التغذية في نواح كثيرة، يمكن أن تؤثر على الحالة المزاجية.
فأنواع الطعام التي يتناولها الإنسان تؤثر على العمليات الحيوية داخل الجسم؛ الهرمونات والنواقل العصبية التي تنتج في الدماغ، وبالتالي تؤثر على المزاج، وهنالك أنواع معينة من الأغذية التي تحتوي على الحمض الأميني التربتوفان وتحفز الدماغ على إنتاج هرمون السعادة، وهو المسؤول عن تعديل المزاج، وبثّ السعادة في نفس الإنسان، وكذلك الشعور بالراحة والسلام الداخلي أو حتى النعاس.
لذلك، فإن نوعية الطعام الذي يتناوله الإنسان تساعد إلى حدّ ما في تحديد المزاج؛ حيث وجد أن تناول البروتين والأغذية الغنية بالدهون ليلاً قد تؤدي إلى نوم مضطرب وتقلبات في المزاج في الصباح التالي، أما الكربوهيدرات والنشويات والسكريات فتساعد الدماغ على إنتاج هرمون السيروتونين، وبالتالي الحصول على مزاج جيد. وإن كان الغذاء متكاملاً من حيث الكمية والنوعية، فإنه يبعث في الإنسان الطاقة والحيوية والهدوء، وإن لم يكن فإنه يؤدي إلى الكسل والخمول.
من أهم القواعد الغذائية التي قد ترتبط بتخفيف أعراض الاكتئاب أو تقليل فرص الإصابة به:
- الحرص على تناول الكميات الكافية من مجموعة فيتامينات ب وخاصة حمض الفوليك، إذ وجد أن هناك علاقة قوية بين تناول حمض الفوليك وتقليل فرص الإصابة بالاكتئاب. أهم مصادر حمض الفوليك هي: الخضراوات الورقية الخضراء، والحبوب الكاملة واللحوم.
- تجنب تناول الأغذية العالية بمحتواها بالسكريات البسيطة أو السكريات المضافة كما في المشروبات الغازية.
- التركيز على الكربوهيدرات المعقدة، كالموجودة بالخبز الأسمر والأرز البني والشوفان والعديد من الخضراوات والفواكه والبقوليات، حيث وجدت بعض الدراسات علاقة بين تناول الكربوهيدرات ورفع مستويات بعض المواد الكيميائية في الدماغ المسؤولة عن تحسين المزاج مثل السيروتونين.
- التأكد من مستويات فيتامين D في الجسم، والحرص على أخذ الحاجة اليومية منه، إذ أكدت بعض الدراسات أن زيادة فرص الإصابة بالاكتئاب مرتبط بنقص مستويات هذا الفيتامين.
- المحافظة على وزن صحي، وقد أظهرت بعض الدراسات وجود علاقة بين السمنة والاكتئاب، فالسمنة تزيد من فرص الإصابة بالاكتئاب، وفي دراسات أخرى وجد أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب هم أكثر عرضة للسمنة.
- التقليل من المنبهات، فالأطعمة والأشربة التي قد تحوي كميات عالية من الكافيين قد ترتبط بزيادة القلق والتوتر والأرق، مثل مشروبات الطاقة وشرب كميات كبيرة من القهوة، فالاكتئاب قد يتفاقم، عند من يشعر بالحساسية تجاه شرب القهوة التي تحتوي المادة المنبهة "الكافيين". وإذا كان شرب الكافيين يبقيكم متيقظين في الليل، فإنه بالتأكيد يمكن أن يؤثر هذا على حالتكم المزاجية في اليوم التالي. والأشخاص المعرضون للخطر، عليهم الامتناع عن تناول الكافيين لفترة معينة، قد تصل إلى شهر تقريباً، لمعرفة إن تحسنت الحالة المزاجية لديهم أم لا.
- شرب كميات وفيرة من المياه يومياً وبما لا يقل عن 8- 12 كوباً، إذ تساعد على تنقية الجسم من السموم.
- ممارسة النشاط البدني باستمرار، كما ينصح عادة بممارسة ما لا يقل عن 30 دقيقة يومياً.
ختاماً.. يبقى تناول وجبات صحية متوازنة خلال النهار، من أهم ما يمكن تقديمه للجسم لتزوّيده بالطاقة والنشاط، وفي نفس الوقت تزويد الدماغ بالمواد التي يحتاجها كي يفرز السيرتونين، هرمون الشعور بالفرح. ومن الجيد التنويه بكلام لأحد الخبراء: "لا تجبر نفسك بالقوة على الخروج مما أنت فيه، فهذا الأمر يضاعف المشكلة ويجعل حلها أكثر صعوبة، فما تقاومه يزداد ويكثر. أول ما عليك فعله هو معرفة نوع الأفكار السيئة التي قادتك إلى حالتك وتالياً محاولة تغييرها في الحال حتى لا تزداد الأمور سوءاً."