الوقت- منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في السعودية، شهدت المملكة قرارات غير مسبوقة في مجال حقوق المرأة. فالمرأة السعودية التي كانت تعاني من حظر بكل ما للكلمة من معنى، بات باستطاعتها اليوم أن تكون برتبة جندي بالإضافة إلى قيادة السيارة ودخول ملاعب كرة القدم وحضور حفلات غنائية مختلطة.
فقد أعلنت المديرية العامة للجوازات في السعودية أنها بدأت بقبول السيدات السعوديات لشغل وظيفة "جندي جوازات"، واشترطت أن تكون المتقدمات من خريجات الثانوية العامة أو ما يعادلها، وذلك للعمل في جوازات المطارات والمنافذ البرية.
كذلك يجب أن تكون المتقدمة سعودية الأصل والمنشأ، وتُستثنى من شرط المنشأ من نشأت مع والدها أثناء خدمته للدولة خارج المملكة، وألّا يقل عمرها عن 25 عاماً ولا يزيد على 35، وأن تكون بطاقة هويتها الوطنية سارية الصلاحية وواضحة الصورة والبيانات عند تقديمها، وأن تكون حسنة السيرة والسلوك ولم يسبق أن حُـكم عليها في جريمة مخلة بالشرف والأمانة.
وتضمّ الشروط أيضاً ألّا تكون المتقدمة موظفة في أي جهة حكومية أو سبق لها العمل على نظام الخدمة العسكرية وألّا تكون متزوجة من غير سعودي، ولا يقل طولها عن 155 سنتيمترا، وأن يكون الوزن متناسباً مع الطول حسب اللائحة الطبية للخدمة العسكرية، وأن تكون حاصلة على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وأن تجتاز اختبار المقابلة الشخصية وفقاً للشروط المحددة، وأن تكون لائقة طبياً للخدمة العسكرية، وتلتزم المتقدمة بالعمل خلال المدة المقررة وفقاً للنظام في أي منطقة أو محافظة أو منفذ بالسعودية مهما كانت الظروف وفقاً لمصلحة العمل.
ونصّت الشروط كذلك على أن تلتزم المتقدمة بعد تعيينها بعدم السماح للغير بالتقدم بطلب نقلها مهما كانت المبررات، وأن تحصر مطالبها فيما يخص الوظيفة من خلال جهة عملها، ومن جانبها شخصياً، وفق الأنظمة والتعليمات، كما شددت على أنه ستُستبعد أي متقدمة يتضح عدم صحة المعلومات التي ادخلتها في سجل القبول عبر الموقع الإلكتروني، إذ لا تعني عملية التسجيل قبول الطلب بصفة نهائية، واختتمت الشروط بوجوب الموافقة على التدريب حتى لو كان خارج المدينة التي تعمل بها.
جدل على مواقع التواصل...
كما أي موضوع آخر، تصاعد الجدل خلال الأيام الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فالبعض اعتبر الأمر انتصاراً جديداً يضاف إلى قائمة المكاسب التي حصلت عليها المرأة السعودية في الآونة الأخيرة، وآخرين رأوا أن القرار ربما يحمل إساءة للرجال السعوديين، إلا أنهم تبادلوا التعليقات مؤكدين أن هذا الأمر معمول به في الكثير من الدول، واستشهدوا على ذلك بوجود المرأة السعودية في أعمال مماثلة ولا تقل عن التجنيد.
وكتب نشطاء أيضاً أن قرار المملكة يعدّ مكسباً جديداً للمرأة السعودية لاقتحام الكثير من المجالات التي منعت منها خلال الفترة الماضية، مطالبين الملك سلمان وابنه ولي العهد بالاستمرار في تنفيذ رؤيته تجاه المرأة السعودية وحقوقها، خاصةً بعد قرارات السماح لها بقيادة السيارة، وغيرها من القرارات الأخرى.
عهد جديد أم إصلاحات شكلية...
وسبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أشارت في تقرير لها إلى أن نظام ولاية الرجل على المرأة في السعودية، يحتّم على هذه الأخيرة أخذ تصريح من ولي أمرها إذا أرادت السفر أو الزواج أو الدراسة في الجامعة أو حتى الحصول على رعاية صحيّة، كما أنها تحتاج إلى محرم لكي تدرس في الخارج.
حول إصلاحات بن سلمان المرتبطة بالنساء، كانت الناشطة المغربية خديجة الرياضي، الفائزة بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قد اعتبرت أنه "لا وجود لإرادة سياسية لتغيير واقع المرأة السعودية وتمكينها من حقوقها على الأقل إسوة بالكويت" وحسب رأيها: "من المضحك المبكي أننا ما زلنا نرى في السماح بقيادة السيارة إنجازاً ومكسباً كبيراً"، وترى الرياضي أنه "جميل أن تنتزع المرأة السعودية هذه الحقوق، لكن ذلك لن يدفعنا للقول إن هناك مؤشرات دخول مرحلة جديدة".
ووصفت الناشطة المغربية أن هذه القرارات مجرّد "حسابات سياسية"، وإنها تأتي في سياق "إرضاء الولايات المتحدة ولأجل الاستمرار في المشهد"، وتعتبر أن النظام السعودي "مستعد لتغيير أمور أخرى لأجل استمراره وضمان استقراره، وتؤكد أن أيّ تغيير حقيقي لأوضاع المرأة السعودية لن يكون ممكناً مع طبيعة النظام السياسي السائد في البلد".
ختاماً يرى مهتمّون في الشأن السعودي أنه مع كل الزخم الذي تُظهره قرارات بن سلمان، لا تزال المرأة السعودية في انتظار الكثير من الحقوق المرتبطة بجدل المساواة بينها وبين الرجل، بل بحقها كإنسانة أولاً، فمتى ستحصل على هذه الحقوق؟