الوقت - مع اقتراب موعد الانتخابات المصرية والتي من المقرر أن تجري بين 26 - 28 مارس/ آذار المقبل، يبقى موضوع سيادة القاهرة من عدمها على جزيرتي "تيران وصنافير" حديث الشارع المصري الذي ما زال حتى اللحظة الراهنة يحمل بداخله نارا قد تشعل الأخضر واليابس في البلاد في أي لحظة نظرا لحساسية الموضوع بالنسبة لهم.
هذا الموضوع سيرخي بظلاله حتما على الانتخابات المقبلة التي على ما يبدو أنها ستكون لصالح السيسي، إلا أنه في الوقت نفسه لا يمكنه تجاهل الحصول على تأييد شعبي واسع يخوّله بتصفية منافسيه في الجيش، أو حتى طرح مسألة تغيير الدستور لاحقاً والسماح للرئيس بأكثر من ولايتين، لذلك يجب التعامل بحذر مع قضية الجزيرتين.
يجري الآن الحديث عن تأجيل الحكم بهذه القضية، البعض قال إنه مسألة تقنية وهناك من يتحدّث عن أسباب انتخابية من وراء هذا التأجيل، بغية اقترابه من موعد الانتخابات الرئاسيّة، قد يشهد الحكم تأجيلاً آخر بغية اقترابه أكثر فأكثر، الأمر الذي يشير إلى مفاجأة يُحضّر لها ستصبّ في صالح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي بالتأكيد سيدعم قرار المحكمة بمصرية تيران وصنافير.
هذا الامر سيشكّل ورقة قوّة للرئيس المصري حيث ستعمل آلة الاعلام المصرية الضخمة على الترويج له حامياً لحدود الوطن، ولكن اذا كان قرار المحكمة لصالح السعوديّة، يرجح مراقبون التأجيل بالنطق بالحكم إلى ما بعد الانتخابات المصرية خشية التأثير على شعبية الرئيس.
وبينما يتم تأجيل البت بهذه القضية، كشف مصدر دبلوماسي غربي، عن إجراءات تسليم وتسلم جرت بين القوات المصرية ونظيرتها السعودية لجزيرة تيران في البحر الأحمر، وذلك تنفيذا لاتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تنازلت بموجبها مصر عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية.
ولم يتسنَّ التأكد من إتمام الجانبين، المصري والسعودي، عملية تسلُّم الجزيرة، ولم يتحدث أي من الجانبين، المصري والسعودي، عن عملية التسليم، كما لم تتطرق أي من وسائل إعلام البلدين للحديث عن انتقال السيادة من مصر إلى السعودية على الجزيرة.
وربّما يكون الهدف من نشرها هو التأثير على النظام وشيطنة الرئيس، وربّما تكون صحيحة.
ووفقا لما نشره موقع "مدى مصر" عن المصدر الدبلوماسي، إن الجزيرة لم تعد واقعة ضمن الأراضي الخاضعة لمعاهدة السلام الموقعة بين مصر و"إسرائيل" في العام 1979، لافتا إلى أن مهام القوات الدولية المتمركزة بسيناء تقتصر على مراقبة تطبيق المعاهدة في الأراضي الواقعة محل النزاع بين مصر و"إسرائيل"، ونقل الموقع ذاته عن دبلوماسي آخر قوله، إنه بعد مصادقة البرلمان المصري على اتفاقية تعيين الحدود البحرية العام الماضي، كانت هناك ثلاثة احتمالات مختلفة لإيجاد مخرج قانوني لوضعية القوات متعددة الجنسيات على تيران، بما يتلاءم مع بنود المعاهدة الدولية.
وكانت تتأرجح الاحتمالات ما بين سحب القوات الدولية تماما من جزيرة تيران بعد انتقال السيادة عليها إلى السعودية التي ليست من بين أطراف معاهدة السلام، أو بقاء القوات المصرية على الجزيرة إلى جانب القوات الدولية وبموافقة سعودية بالرغم من نقل السيادة للأخيرة، وتابع المصدر بأن الخيار الثالث، هو "صياغة ملحق قانوني يسمح بوجود القوات السعودية على الجزيرة بدلا من المصرية، إلى جانب تمركز القوات الدولية"، مرجحا أن يكون الخيار الثالث هو ما تم الاستقرار عليه.
وبينما تحاك الاتفاقيات بين الجانب المصري والسعودي في الظل، نجد الاعلام المصري يروج للرئيس السيسي بأنه حامي الحدود وبأنه يقوم بتوقيع اتفاقيات من شأنها تخفيف حدة الأوضاع الاقتصادية المزرية التي تمر بها مصر ولم يستطع حتى الآن السيسي أن يفعل أي شيء لتخفيفها، ومن هنا تدخلت السعودية التي استغلت هذا الضعف المصري لتمرير ما يرغب به الأمير الشاب بن سلمان، خاصة فيما يتعلق بالجزيرتين اللتين انتقلت السيادة عليهما من مصر إلى السعودية قبل عدة أشهر، وستدخلان في نطاق مشروع "نيوم"، ومن المزمع إنشاء جسر يربط السعودية ومصر يمر عبرهما، بحسب ما أكدت مؤسسة "مشاريع السعودية".
مهما يكن الأمر إلا أن المصريين يعارضون هذا الأمر بشدة، صحيح انه يتم تأجيل الموضوع مبدئيا إلا أنه سيتم البت فيه عاجلا ام آجلا، واعتراض المصريين لا يعود فقط لبواعث وأدلة قانونية أو تاريخية، وإنما يعود الأمر لديهم إلى الصورة التي تم بها، والتي لم تراع، من وجهة نظرهم اعتبارات وزن مصر وتاريخها.
في الختام؛ أي مساس بالسيادة المصرية قد يحرج السيسي ويؤثر على شعبيته التي تعد جيدة في أوساط المصريين وهو يعلم بهذا الامر لذلك فإن التلاعب بموضوع السيادة قد يقلب الطاولة عليه، والاتفاق المصري _ السعودي بشأن الجزيرتين لن يصبح نافذًا إلا بعد خطوة الاستفتاء الشعبي، وإلا أصبح الاتفاق غير دستوري، ويمكن الطعن فيه أمام القضاء الإداري، وقد تستغل المعارضة المصرية هذا الموضوع لصالحها في المرحلة القادمة، والجميع يعلم أن الشعب المصري شعب حي لن يقبل بالمساس بأرضه تحت أي ظرف والأيام القادمة تخبرنا أكثر عما سيحدث.