الوقت - حذر تقرير أوروبي جديد صادر عن رؤساء البعثات الأوروبية بالضفة الغربية المحتلة من تدهور الاوضاع في المنطقة على خلفية قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي ومواصلة تل أبيب انتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني.
وبحسب صحيفة لوموند ولوفيغارو الفرنسيتين فان التقرير الرسمي الأوروبي يدعو الأوروبيين إلى التمييز بشكل واضح بين "إسرائيل" والمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأوصى باتباع تدابير أكثر صرامة ضد المستعمرات الإسرائيلية وانتهاكات حقوق الفلسطينيين.
والتقرير الذي اعتبر تشددا في نبرة الأوروبيين اتجاه سياسة الاحتلال الاسرائيلي، اعتبر أن إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب قد خرقت التوافق الدولي حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، الذي يستند إلى القانون وإلى قرارات الأمم المتحدة، وأوصى بعدم نقل سفاراتها إلى القدس، والدفاع عن الهوية التعددية لهذه المدينة، مؤكدا ان على الاتحاد الأوروبي الاستمرار في لعب دور حامي حمى هذا التوافق، معتبرا أن ان قرار ترامب كان بمثابة تحول رئيسي في السياسة الأمريكية.
ودعا التقرير الاوروبي الى رفض قرار ترامب مؤكدا أن على كل مبادرة إقليمية أو دولية أن تتضمن اعترافاً صريحاً بالقدس عاصمة للدولتين، وبالتالي من الضروري عدم حصول أي نقل للبعثات الدبلوماسية، كما دعا الى رفض كل المشاريع السياحية ومشاريع الآثار في القدس الشرقية التي تقدمها "إسرائيل" خلال المؤتمرات الدولية أو في الاجتماعات الثنائية من أجل حماية الهوية الجامعة للمدينة .
كذلك خلص التقرير الى أن الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية تهديد كبير لحل الدولتين ولجغرافية المنطقة، مطالبا الدول الاوروبية بالتعامل بيقظة وشدة في الوقت الذي تواصلت فيه الخطط لبناء 3000 بناء استيطاني في 2017، مشيراً إلى أن 217 ألف يهودي إسرائيلي يقطنون اليوم في القدس الشرقية في 11 مستوطنة، كما دعا الى فرض عقوبات ضد المستوطنين الذين يمارسون العنف من خلال حظر دخولهم إليها. كما أكد على ضرورة معارضة كل المبادرات التشريعية في الكنيست التي تهدف إلى تغيير حدود المدينة من جانب أحادي.
كذلك اشار تقرير رؤساء البعثات الاوروبية في الضفة الغربية الى أن "إسرائيل"، ومنذ بداية الألفية الثانية، تحافظ على "قمع مستمر يستهدف نظام الحياة السياسية الفلسطينية في القدس الشرقية". ولا يستثني التقرير مواقف الشرطة الإسرائيلية، مشيرًا إلى "الاستخدام المفرط للقوة"، وخاصة إطلاق الرصاص الحي أثناء التظاهرات.
وبخصوص البضائع الاقتصادية التي يتم تصنيعها في المستوطنات دعا التقرير الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد آلية أكثر فعالية من أجل ضمان عدم استفادة منتجات المستوطنات من الامتيازات في إطار اتفاق الشراكة الأوروبي الإسرائيلي، مؤكدين على ضرورة التزام كل دولة عضو في الاتحاد بقرار وسم منتجات المستوطنات الصادر في أواخر 2015.
وفيما يخص سياسة الإبعاد والإقصاء التي يمارسها الکيان الإسرائيلي، يكشف التقرير أن "إسرائيل" نفذت ما بين سنتي 1967 و2016، سياسة "إبعاد صامتة"، من خلال إلغاء حق الإقامة لنحو 14 ألفًا و595 فلسطينيًا، في انتهاك لواجباتها باعتبارها قوة محتلة، كما تنص على ذلك معاهدات جنيف.
ويتزامن التقرير الاوروبي الجديد مع انتقادات حادة يتعرض لها كيان الاحتلال في الدول الاوروبية بسبب سياسته التوسعية والعنصرية، حيث انتقد وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، الاربعاء، في خطاب من تل ابيب، استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967. واعرب الوزير الألماني عن قلقه من ابتعاد "إسرائيل" عن حل الدولتين، وقال إن "الرسائل المختلطة، في أفضل الأحوال، لا تفلت من أعين أوروبا، حيث يتزايد هناك الإحباط من أنشطة إسرائيل" في إشارة إلى استمرار الاحتلال وانتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني واتساع الاستيطان.
وتطرق غابرييل إلى موقف حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية ضد حل الصراع، ولفت إلى أن "عددا من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية يعارضون صراحة حل الدولتين. لكن حل الدولتين كان دائما أساس ضلوعنا في سلام إسرائيلي – فلسطيني والدعم الاقتصادي الألماني والأوروبي في المنطقة". وأضاف أنه "من الصعب جدا جدا على أشخاص مثلي تفسير سبب دعمنا لإسرائيل"، وقال غابرييل إن "ألمانيا تنتظر اليوم الذي ستتمكن فيه من نقل سفارتها إلى القدس. لكن دعوني أضيف أن هذا سيكون من خلال حل الدولتين والقدس عاصمتهما. ولا توجد طريق مختصرة هنا".
وكان الرئيس الأمريكي أعلن، يوم الـ6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعتراف بلاده رسميا بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" وأوعز بنقل السفارة الأمريكية في الکيان الإسرائيلي من تل أبيب إلى المدينة المقدسة، في خطوة مخالفة لجميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالصفة القانونية للقدس، وتسبب قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس بموجة غضب كبيرة حول العالم ورفضت جميع الدول الاوروبية قرار ترامب واعتبرته ضربة كبيرة لعملية السلام في الشرق الأوسط.