الوقت- "بالفعل تُعدُّ إيران مثالاً يُحتذا في عالم نرى فيه كيف يواجه اللاجئون ظروف استقبال فظيعة"، بهذه الكلمات وصف "سيفانكا دنابالا" منسق المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في طهران حال اللاجئين المُقيمين في طهران، والذين يعود تاريخ لجوء أغلبيتهم إلى أكثر من أربعين عاماً خلت، حيث يؤكد دنابالا أنّ إيران كانت مثالية في استقبال اللاجئين وترك الحدود مفتوحة، حيث لا يتم الحديث عن ذلك كثيراً.
مساواة
أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون لاجئ يعيشون في إيران لا تفرق الحكومة وكما يقول منسق شؤون اللاجئين دنابالا بينهم وبين المواطنين الإيرانيين، حيث يحضَ اللاجئون هنا بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الإيرانيون، من تعليم وطبابة وحتى فرص عمل، ناهيك عن المساعدات التي تقدمها الحكومة الإيرانية لهم وبشكل دوري ومستمر منذ أربعين عاماً وحتى اليوم.
وفي هذا السياق يؤكد مدير شؤون التخطيط لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "ساولا شيمم" على أن الخدمات التي تقدمها جمهورية إيران الإسلامية للاجئين فريدة من نوعها؛ منوها بالنفقات الكبيرة التي تتكفلها الحكومة الإيرانية بهدف توفير ظروف تعليم مناسبة وملائمة للاجئين.
أكثر من ذاك.. يؤكد دنابالا أنّ الحكومة الإيرانية قامت مؤخراً بدمج اللاجئين في نظام ضمان اجتماعي، وهذا بحسب تأكيده يُعتبر تطوراً غير مسبوق في معاملة اللاجئين، بدوره رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في محافظة "فارس" جنوب إيران الکساندر کیشارا أكد أن إيران قدمت وتقدم الكثير من أجل خدمة اللاجئين.
الأفغان الإيرانيون
المُتجول في طرقات طهران يلحظ وبشكل واضح انتشار الأفغان في شوارع وأزقة طهران، حيث ينتشر الأفغان بشكلٍ واسع هناك، ويعملون بمختلف المهن الموجودة في إيران، كما يلتحق أبنائهم وبناءً على المرسوم الذي أصدره المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عام 2015 والذي يلزم بالحاق كافة الأولاد الأفغان أكانوا مقيمين في البلاد بصورة مشروعة أم لا بالمدارس، الأمر الذي أجبر الحكومة الإيرانية على افتتاح 15 ألف صف دراسي جديد في محاولةٍ منها لتغطية كافة الأطفال الأفغان وإلحاقهم بالمدارس.
أحد الأفغان الموجودين في طهران أكد أنّه من خلال الطبابة المجانية يستطيع الاستشفاء في كافة المشافي الحكومية، حيث لا يتكلف أيّ مبلغٍ لقاء تلك الطبابة، مشيراً إلى أّنه يستطيع إجراء أغلى العمليات الجراحية في المشافي الحكومية، وكلُّ ذلك يُقدم بالمجان.
سوريين وعراقيين
حال السوريين والعراقيين اللاجئين في إيران لا يختلف كثيراً عن نظرائهم من الأفغان، حيث يعيش وحسب الإحصاءات الرسمية ما يقارب من مائة وخمسين ألف عراقي في إيران، يُعاملون كما الإيرانيين، كما ويلتحقون بالمدارس والجامعات، وباستطاعتهم العمل في مختلف المهن، غير أنّ أغلب العراقيين هناك اختاروا طريقي التجارة والترجمة للعمل في إيران.
الحكومة الإيرانية حسبما يؤكد أحد العراقيين في طهران قدمت للاجئين العراقيين ومنذ قدومهم إبان الحرب الأمريكية على العراق كافة التسهيلات التي استطاعوا من خلالها الإقامة والعمل في إيران حالهم كحال الإيرانيين بالضبط، فالتعليم والصحة مجاني بشكلٍ كامل.
أما اللاجئون السوريين والذين لا توجد إحصائيات دقيقة بأعدادهم، غير أنّهن ينتشرون جنوب العاصمة الإيرانية طهران، بالإضافة لمدينة قم وسط إيران، حيث يعيشون ويعملون، كما شكلوا أحياءً خاصة بهم، أو ما يمكن تسميته بـ "دمشقهم" الصغيرة، فالداخل إلى تلك الأحياء يُفاجئ بعدد السوريين الموجود هناك، بالإضافة إلى انتشار المطاعم العربية والمقاهي السورية في تلك المناطق.
ما بين أوروبا وإيران
أحد السوريين الموجودين في العاصمة طهران يرفض وبشكل قاطع الذهاب إلى أوروبا، مؤكداً أن الامتيازات التي يحظى بها هنا؛ غير موجودة في الدول الأوروبية، ناهيك عن الكرامة المهدورة في أوروبا لكافة اللاجئين، بعيداً عن جنسيتهم، غير أنّهم وفي إيران استطاع العمل منذ وصوله إلى العاصمة طهران، حيث افتتح عمله الخاص هنا، وبدأ بجني المال، غير أنّ أصدقائه الذين لجئوا إلى أوروبا لم يستطيعوا حتى الآن لا إتقان اللغة ولا الولوج في سوق العمل.
ويؤكد خبراء أن وصول اللاجئين إلى بعض الدول الأوروبية نتج عنه وصول أحزاب اليمين المتطرف إلى السلطة، الذين باتوا يطالبون بإخراج اللاجئين من ديارهم، الأمر الذي نتج عنه وجود انقسام شديد داخل المجتمع الأوروبي.
ويؤكد أحد اللاجئين الموجودين في ألمانيا أنّ اللاجئين المسلمين خصوصاً وكافة اللاجئين بشكلٍ عام باتوا عُرضةً للتخويف المستمر بالطرد، ناهيك عن تلقي الإهانات المستمرة من قبل الأوربيين، مع توجيه اتهامات بالإرهاب والتطرف والتخطيط لأسلمة أوروبا!.
يُشار إلى أنّه وحسب إحصائيات الأمم المتحدة؛ فإنّ الجمهورية الإسلامية هي ثاني دولة في العالم على صعيد استضافة اللاجئين بالنظر لاستضافتها اللاجئين الأفغان على مدى 30 عاماً متواصلة، ناهيك عن تقديم كافة الخدمات ولكافة اللاجئين بالمجان دون تقاضي أيّ مبالغ لقاء تلك الخدمات.