الوقت- على طريق الطفل محمد الدرة أيقونة الانتفاضة الفلسطينية الثانية ومُلهمها، والذي اصبح صورة الإنسانية والطفولة المظلومة أمام العالم أجمع، برزت في الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التي انطلقت شرارتها بعد قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي، أكثر من صورة تمكنت أن تنتشر على طول المعمورة وعرضها لما تحمله من دلالات رمزية كبيرة.
نسلط الضوء هنا في هذا المقال على أيقونات الانتفاضة الفلسطينية الثالثة التي هزّت ضمير العالم، وكشفت عن حقيقة ووحشية جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي لايفرق بين طفل أو شاب أو عاجز و يطلق الرصاص بدم بارد أمام أنظار العالم الذي يصبح أصم وابكم وأعمى عندما يتعلق الأمر بجرائم الاحتلال الاسرائيلي وحقوق الشعب الفلسطيني بفضل مظلة الحماية الامريكية.
الايقونة الأولى جمیلة فلسطين "عهد التميمي" طفلة بألف جندي
نسبة الى المناضلة الجزائرية المعروفة جميلة بوحيرد، أطلق على الفتاة الفلسطينية عهد التميمي لقب جميلة فلسطين، ولم لا فالفتاة مقاومة منذ نعومة أظافرها وبرزت إعلامياً منذ كانت يافعة من عمرها، حيث لفتت أنظار العالم بتحديها للجنود الإسرائيليين الذين اعتدوا عليها وعلى والدتها الناشطة ناريمان التميمي في مسيرة سلمية مناهضة للاستيطان في قرية النبي صالح الواقعة غرب رام الله، وفي آب (أغسطس) 2012، في مشهد تناقلته وسائل إعلام عالمية، لتخوض بعد ذلك في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 مواجهة جديدة مع الجنود في قرية النبي صالح بعد اعتقال الجنود شقيقها وعد، حيث كانت تطالب جنود الاحتلال بالإفراج عنه بغضب، افرجت عنه بعد ايام بكفالة مالية.
ومنذ 4 سنوات والطفلة عهد تشارك في مسيرة النبي صالح (كلّ يوم جمعة)، وعن الأسباب التي تدفعها إلى الخروج في المسيرة الأسبوعيّة، قالت عهد قبل اعتقالها: "في المسيرة الأولى التي خرجت فيها، كان عمري 10 سنوات. كنت خائفة لأنّني لم أعتد عليها وكنت غير واعية لما يجري. اليوم أشارك في المسيرات لأنّني فلسطينيّة، فيجب أن أشارك في تحرير بلدي من الاحتلال. وجود الاحتلال على أرضنا جريمة يجب ألّا نسكت عنها. يقتل الجيش الكبار والصغار، لذلك يجب على الشارع الفلسطينيّ أن يتحرّك ليتحرّر من الاحتلال. مش لازم نبقى ساكتين".
وفي 19 ديسمبر 2017، عادت عهد التميمي (وعمرها 16 عاماً) لتصدّر صفحات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي لتصديها للجنود، وقد بيّن فيديو تم تداوله على نطاقٍ واسع صفعها لجنديين مسلحين، ما أدى إلى اعتقالها فجر ذلك اليوم من منزلها، وعقب وزير دفاع الاحتلال أفيغدور ليبرمان على اعتقال عهد التميمي بالقول "كل من في محيطها، ليس الفتاة فقط بل ذووها أيضا لن يفلتوا مما يستحقونه"، ورد عليه والد عهد "لن يردعنا ليبرمان ولا جيشه، ما يقوم به أطفال بلدتي وطفلتي عهد هو المشهد الطبيعي، والمشهد غير الطبيعي أن تعاني من الاحتلال ولا تقاوم"، وعبر عن فخره بابنته عهد، وقال إن هذا هو حال الشعب الفلسطيني.
الايقونة الثانية الطفل الجندي "منتصب القامة أمشي" وصاحب الحق لا يخاف
كما تحول الفتى الفلسطيني فوزي محمد فوزي الجنيدي هو الاخر الى ايقونة من ايقونات الانتفاضة الفلسطينية الثالثة بعد الصورة التي التقطت له وهو معصوب العينين مكبل اليدين ولكن شامخا مرفوعة القامة والرأس ولسانه حاله يقول :" مرفوع الهامة أمشي في كفي قصفة زيتون وعلى كتفي نعشي وأنا أمشي وأنا أمشي" والمفارقة أنه كان محاطا بعشرات الجنود الذين بدى عليهم الخوف والقلق من الفتى الاعزل.
الطفل الجنيدي (16 عاما) كان يعمل بمنطقة باب الزاوية، حيث المواجهات الدائمة مع جنود الاحتلال، اذ تحمل الفتى مسؤولية عائلته بأكملها وغادر مقاعد الدراسة باكرا ليلحق بركب العمل وإعالة أسرته بعد أن أصيب والده في عمله وأضحى مقعدا على كرسي متحرك منذ سنوات، ورغم المواجهات اكمل الفتى عمله وابتاع احتياجات عائلته ثم هم بمغادرة المنطقة، حاول الجنيدي الفرار مع الشبان بعد أن تصاعدت حدة المواجهات ليجد نفسه ملقى على الأرض بين جنود الاحتلال.
يقول المعتقل الطفل فوزي الجنيدي في تفاصيل اعتقاله ان جنود الاحتلال الإسرائيلي نكلوا به دون أدنى مراعاة للقواعد الإنسانية، حيث قام جندي بالاعتداء عليه بالضرب على صدره بسلاح M16 خلال مروره بالقرب من مواجهات في منطقة شارع التفاح في الخليل، مضيفاً أن عدداً كبيراً من الجنود ) 23جنديّاً كما ظهروا في الصّور الصّحفية المنشورة( التحقوا بالجندي الأول فتوالى غالبيتهم على شتمه وضربه وهو ملقى على الأرض، مستخدمين الأيدي الأرجل والأسلحة، وبيّن الطفل الجنيدي أن جنود الاحتلال قاموا بعد ذلك باحتجازه في غرفة معتمة، وقاموا بضربه فيها وبسكب الماء البارد على قدميه، والدّوس عليهما، واصفاً بأنه كان يشعر بأنه سيفقد الوعي من شدّة التعذيب.
وحظيت الصورة باهتمام واسع من قبل الصحفيين ونشطاء مواقع التواصل على اختلافهم وتم استخدام الصورة بذاتها أو تحويرها واستخدامها لأفكار أخرى برسومات وتعديلات للتدليل على ظلم الاحتلال وحالة القهر التي يعيشها الفلسطينيون تحت إجراءاته.
الايقونة الثالثة الشهيد ابو ثريا و"العاجز من يتنازل عن حقه"
أما الايقونة الثالثة فكان الشهيد مروان أبو ثريا شاب فلسطيني من قطاع غزة، بترت قدماه في قصف إسرائيلي استهدفه عام 2008، واستشهد في جمعة الغضب يوم 15 ديسمبر/كانون الأول 2017 خلال مشاركته في مظاهرات شرق غزة، تغلب ابو ثريا على عجزه وكشف حقيقة عن العاجز الحقيقي، وغدى الشهيد رمزا للحق الفلسطيني الذي يرفض الاستسلام وانتشرت صوره بشكل كبير في ارجاء العالم.
و تداول ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا مصورًا لبعض التظاهرات التي اندلعت على الحدود الشرقية لمدينة غزة، في محيط موقع "ناحال عوز" العسكري، وفيه ظهر الشاب "أبو ثريا" يحمل العلم الفلسطيني ويهتف باسم القدس، الأمر الذي أثار انتباه العديد من الصحفيين هناك، وأجرى معه البعض منهم حوارا قصيرا حول أهمية وجوده في التظاهرة فقال: "أنا متواجد على الحدود لإيصال رسالة للجيش الإسرائيلي بأن الأرض أرضنا هنا، ولن نستسلم لقرار الرئيس الأمريكي وسنواصل الاحتجاج على الحدود"، وأضاف: "الشعب الفلسطيني شعب الجبارين ونتحدى الجيش الإسرائيلي".