الوقت- رحيل الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، أدخل اليمن من جديد في دوامة سياسية انطلقت من داخل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يتزعمه صالح حتى اللحظات الأخيرة من حياته، هذه الدوامة عصفت بالحزب وقيادته السياسية بدايةً وتهدد اليوم بانقسامه بعد مرور 35 عاما على تأسيسه.
وربما لن يتوقف تأثير هذه الدوامة على الداخل اليمني بل سيتعدى ذلك إلى خارج اليمن وتحديدا إلى السعودية والإمارات اللتان قد تبدأن حربا جديدة بالوكالة لوجود اختلاف جذري في الجهة التي يدعمها كل منهما، فالسعودية تدعم عبدربه منصور هادي حليفها الاستراتيجي وأملها القادم في رئاسة حزب المؤتمر، أما الإمارات فتقدم دعمها الكامل لـ " احمد علي عبدالله صالح" نجل الرئيس الراحل على عبدالله صالح.
مقتل صالح قد يعمق الخلاف بين السعودية والإمارات في حربهم ضد اليمن ويسبب في تأزيم الأمور هناك أكثر من أي وقت مضى، لان السعودية كانت ستتخلى عن منصور هادي من أجل صالح، ولكن اليوم لن تتخلى عنه لصالح أحمد علي، وهذا الأمر سيرخي بظلاله على المشهد اليمني ويعمق الخلاف بين الأفرقاء أكثر من أي وقت مضى.
حزب المؤتمر والزعيم الجديد
مما لاشك فيه أن حزب المؤتمر يمر بأسوء مرحلة تاريخية في حياته السياسية على مستوى القيادات، خاصة بعد بعد مقتل زعيمه الذي كان لديه قدرة لا أحد يستطيع انكارها في التأثير على القبائل وجذبها نحوه، ولكن اليوم سيشهد الحزب خسارة واسعة في جماهير خاصة ان الرئيس صالح كان يدعم مؤيدي الحزب بالوظيفة الحكوميّة، وكان الحزب مسيطر على الكثير من مقدّرات الدولة، اليوم لن يكون الحال كذلك.
في السابق انضم الكثيرين إلى حزب المؤتمر كونه الاقوى اليوم اليمنيون سيراقبون الاقوى ليتوجهون إليه، ولا احد يعلم إن كان باستطاعة الحزب عبر كوادره الجديدة أو تلك التي ستترأسه أن يجمع اليمنيين حوله من جديد أم أنهم سيتوجهون إلى أحزاب أخرى بدأت تجد فرصة أكبر في جعل الناس تلتف حولها كالإصلاح وأنصار الله.
ضعف حزب المؤتمر وانقسامه وانشقاق بعض القيادات عنه لايتوقف فقط على مقتل صالح بل على فقدان الحزب الكثير من قياداته وكوادره أيضا أمثال عبدالقادر هلال وقبله توفى عبدالكريم الأرياني، ويبقى السؤال من سترأس حزب المؤتمر في المرحلة القادمة؟!.
بالإطلاع على الواقع اليمني سنجد أنه من المستبعد أن يترأس الحزب نائبه الحالي صادق أمين ابوراس نظراً لحالته الصحية، كما أن مصير الأمين العام عارف الزوكا ما زال غامضا حتى الآن، حيث تؤكد مصادر أنه كان برفقة الرئيس السابق أثناء الكمين الذي تعرض له.
بناءا على هذا وكنظرة أولية يمكننا أن نستنتج بأن المؤتمر سينقسم إلى 3 أقسام مؤتمر هادي (السعودية)، مؤتمر أحمد علي (الامارات) ومؤتمر الداخل الذي باغلبة ضد العدوان، ولكن من المتوقع ايضا ظهور الكثير من القيادات الداخلية الموالية للعدوان كاقسام جديد قد تتبع للامارات او السعودية، وهذا الأمر قد يفتح ساحة حرب جديدة بالوكالة بين الامارات والسعودية كما يحصل في الجنوب اليمني الآن.
قنوات تدعم الفرقاء
بالتزامن مع انقسام الحزب إلى ثلاثة أقسام أو قيادات رئيسية، ظهرت ثلاث قنوات إعلامية باسم "اليمن اليوم" تروج لمالكيها، الاولى أسسها تيار في حزب صالح موجود في العاصمة المصرية القاهرة، وبثت بيان نجل صالح بنعي والده، والثانية فقد ظهرت بالاسم والشعار نفسه، لتبث مواد تلفزيونية مؤيدة للرئيس هادي، أما الثالثة فتحمل اسم "اليمن اليوم" وهي بيد أنصار الله وتبث ددعاية للجماعة وآخر تطورات المعارك هناك.
اليمن قادم على مرحلة جديدة لايستهان بخطورتها لأن الخلافات أصبحت أعمق من أي وقت مضى والتحالف عبر عدوانه ودعمه لأطراف على حساب أطراف أخرى فضلا عن صراعاته الداخلية التي يواجهها جعل الأمور أكثر تعقيدا ووضع اليمن على حافة بركان قد يثور في أي لحظة إن لم تتوحد الجبهات اليمنية وتتكاتف ضد من يحاصر الشعب اليمني ويقصفه بأطنان من الصواريخ ويقطع عنه كل متطلبات الحياة.
الجميع اليوم يحذر من تقسيم الحزب لأن هذا سيحمل معه نتائج كارثية لن تكون في صالح أحد، ومؤخرا حذر رئيس الوزراء أحمد بن دغر من انقسام حزب المؤتمر بعد مقتل رئيسه مطلع الأسبوع الماضي. وقال بن دغر الذي يشغر منصب النائب الأول لرئيس حزب المؤتمر الشعبي العام أن المؤتمريين سيرتكبون أخطاءً فادحة إذا وافقوا على تقسيم الحزب. واعتبر بن دغر كل إجراء نحو تقسيم المؤتمر يعد خطوة نحو المجهول وسيؤدي لانهيار الحزب.
ختاماً، خلف رحيل صالح فراغا كبيرا واضعا حزبه في مهب الريح، خاصة أن الحزب خسر قيادته المركزية القوية، وبات معرضاً ليتحول إلى حزب هامشي، كنتيجة لمجموعة المتغيرات التي تشهدها البلاد، وأيا يكن القادم الجديد إلى رئاسة حزب المؤتمر يجب أن يتعظ من تجربة الرئيس الراحل صالح مع العدوان وكيف أدى تواطئه مع هذا العدوان إلى قلب الطاولة عليه وعلى من سانده بهذا الانقلاب وكيف تعقدت الأمور أكثر من أي وقت مضى، ويجب أن يعلم الجميع أن الشعب اليمني الذي قارع العدوان على مدار ما يقارب الثلاثة أعوام لن يسمح لأي شخص كان بالتواطئ مع من يدمرون بلده وتجربة صالح خير دليل على ذلك.